أسباب الحذر والقلق الإسرائيليين حيال الأزمة الأوكرانية

نضال محمد وتد

تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي التزام الحذر الشديد في كل ما يتصل بالأزمة الأوكرانية، بعدما طلب رئيسها، نفتالي بينت، من وزرائها عدم الإدلاء بتصريحات بشأن كييف، والالتزام بموقف رسمي يبدي تأييداً للحل الدبلوماسي.

وقد ترجم ذلك وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد أمس، عندما قال للصحافيين إن “إسرائيل ليست لاعباً مشاركاً في المواجهة، وعليه فهي تعمل بحذر، أعتقد أنه يمكن منع المواجهة ويجب منعها، الطريق لذلك هو عدم البعد عن المسار الدبلوماسي وجعل الأطراف يتصلون ببعضهم البعض”.

وجاءت أقوال لبيد وتوجيهات بينت في ظل المصالح التي تربط إسرائيل بروسيا، ولا سيما العلاقة الاستراتيجية في كل ما يتعلق بالتنسيق العسكري بين الطرفين في سورية، وكذلك التحالف الإسرائيلي مع الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة “هآرتس” اليوم عن مصدر سياسي رفيع المستوى لم تكشف هويته، قوله “إن الولايات المتحدة أهمّ صديق لإسرائيل، ومن الواضح أنه لا يمكن مواجهتها، في المقابل فإن التعاون الأمني مع روسيا لا سيما ما يتصل بالوجود الإيراني هو ضروري، ولا يمكننا المسّ به. توجد لنا مصالح مهمة أخرى مع بوتين وبالأساس مصالح أمنية”.

ولفت التقرير إلى أن محاولة إسرائيل تجنب ضرب علاقاتها ومصالحها مع الدول الثلاث: روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، دفعت بها إلى عدم تصدر المشهد وإلى التراجع كي لا تحدث ضرراً في هذه المصالح، وأنه حتى القرار بسحب ودعوة الإسرائيليين لمغادرة أوكرانيا جاء بعد أن سبقتها لذلك دول أخرى مثل اليابان وكندا وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة.

ووفقا للصحيفة، فإن تقديرات وزارة الخارجية الإسرائيلية بشن روسيا معركة عسكرية وغزو أوكرانيا هي ضئيلة، وهي تقديرات تتفق معها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. علماً بأن لبيد أقرّ بأن جزءاً من التقديرات الإسرائيلية يتأثر بما “نسمعه من الأميركيين”، لكنه أضاف أن هناك خلافات في الرأي في تقدير الموقف وتحليل الأزمة.

ونقل التقرير عن مصادر سياسية، قولها إن الولايات المتحدة تبث حالة ضغط غير متناسبة مع حجم الأزمة وأن إسرائيل تعتقد أن جزءا من ذلك نابع من مخاوف في الخارجية الأميركية أن يضطر الوزير الأميركي أنتوني بلينكن إلى ترك منصبه والاستقالة إذا فشلت الجهود الأميركية في أوكرانيا.

في موازاة ذلك، نقل موقع “معاريف” في تحليل نشره اليوم، أن الأزمة في أوكرانيا تثير مخاوف لدى إسرائيل في حال تدهورها إلى غزو وحرب على الأراضي الأوروبية، من حدوث تداعيات سلبية على المصالح الإسرائيلية بدءا من موضوع الملف النووي، وحتى مسألة حرية النشاط الإسرائيلي المتوفر حاليا بغطاء روسي، للطيران الحربي الإسرائيلي في سورية.

وذكّرت الصحيفة بالتصريحات الروسية الأسبوع الماضي، بما فيها تصريحات السفير الروسي في دمشق، ألكسندر بيوميف بأن الهجمات الإسرائيلية “غير قانونية ومخالفة للقانون الدولي وتضر باستقرار الأمن في المنطقة، وهو ما بدا كرسالة روسية وتحذير أولي من اعتماد وتبني موقف إسرائيلي داعم ومؤيد للولايات المتحدة، وتبعاته على المصالح الإسرائيلية في سورية وفي ملفات أخرى”.

ووفقا لـ”معاريف”، فإن تطورات الأزمة الأوكرانية في تصاعد، في الوقت الذي بلغت فيه مفاوضات فيينا “مرحلة حرجة”، وهو ما يثير قلق إسرائيل من مواصلة إيران التقدّم بشكل بطيء، ولكنه ناجح في مشروعها النووي.

ومع أن إسرائيل تعارض الموقف الأميركي والاتفاق المتبلور، لكنها بين مواصلة إيران مشروعها بدون اتفاق مهما كان سيئاً وبين وجود الاتفاق، فإن وجوده أفضل بالنسبة لها، خصوصا وأن إيران لا تزال تتصدر اهتمامات وأولويات إدارة الرئيس بايدن، ومن شأن مواجهة مع روسيا أن تبعد الملف الإيراني أكثر عن اهتمامات إدارة بايدن.

وتخشى إسرائيل من تحول الأزمة الأوكرانية إلى مواجهة عسكرية بين روسيا والولايات المتحدة، فيما تحقق إيران تقدماً إضافياً في مشروعها النووي. كما تخشى إسرائيل أن تغير روسيا الآن موقفها من الموضوع الإيراني، بعد أن كانت حافظت لغاية الآن على موقف معارض لامتلاك إيران قوة نووية، كما قد يؤثر ذلك على موقف روسيا من حرية الحركة التي يتمتع بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في سورية.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى