حول ممارسات منظمة ” السوسيال ” السويدية

معقل زهور عدي

بعض ماينشر حول ممارسات منظمة ” السوسيال ” السويدية صحيح ويستحق رفع الصوت ضده , والبعض الآخر لاشك مبالغ فيه , لكن ضمن هذا وذاك لابد من الوقوف عند حقيقة اختلاف الثقافات .

فأوربا سارت أشواطاً بعيدة في طريق ثقافة تشمل كل مناحي الحياة بما في ذلك اللباس والعلاقة بين الرجل والمرأة وطريقة تربية الأطفال وما هو مقبول في التربية وما هو غير مقبول لدرجة اعتباره جريمة بحق الطفولة وهذا الأخير مازلنا نحن بعيدين جداً عنه .

في جيلنا مثلا كان ضرب الأطفال في المدارس أمراً عادياً جداً , ومازلت أذكر كيف أن أحد أساتذتنا الكرام رحمهم الله ونحن في المرحلة الابتدائية كانت لديه مجموعة من العصي ” طباشات ” و إحداها كانت مصنوعة بطريقة متقنة من خشب الزان الثقيل تمتاز بالعرض والوزن , وكان يحتفظ بها في صندوق خشبي مقفول كما يحتفظ المرء بأشيائه الثمينة , وتتملكه النشوة حين يخرجها ليضرب بها تلميذاً فشل في حفظ الدرس أو أخطأ بعد الطلب منه كتابة عبارة أو كلمة على السبورة , وربما كان خطؤه بسبب خوفه الشديد إذ ترتجف يده الصغيرة وهو يحاول الكتابة .

كان هناك بيت شعر شائع يلخص موقف المجتمع من ضرب الأطفال يقول : ” لاتجزعن على الأولاد إن ضربوا &&& الضرب يفنى ويبقى العلم والأدب .

الضرب ينفعهم والعلم يرفعهم &&& لولا مخافتهم لم تقرأ الكتب

لكن الحقيقة أن الضرب – خاصة الضرب المبرح وكان شائعاً – يخلف أسوأ الذكريات والنتائج , ويدفع كثيراً من الأطفال للخوف والجبن أو للعدوانية , ولا شك أن الدراسات النفسية الحديثة قد أثيتت ذلك منذ زمن طويل , ومفاهيم استخدام العنف ضد الأطفال ليست مقتصرة على المدارس بل هي عميقة الجذور في الأسرة أيضاً , وما يمنع ظهورها للعلن هو الحرص على سمعة الأسرة والوالدين والأخوة الكبار , وهي في مجتمعاتنا تمارس بصورة اعتيادية وتعتبر مقبولة على نطاق واسع .

وسب الطفل أو الطفلة مسألة تافهة لدينا لاتستحق مجرد الوقوف عندها لكنها في المجتمعات الأوربية جريمة عنف .

هذا الفرق في الثقافة ونمط الحياة لابد من أخذه بالاعتبار في مسألة تدخل إحدى المنظمات الاجتماعية السويدية في حياة الأسر العربية المهاجرة كي لا ننجرف بعيداً بالحماس والعاطفة وأفكار المؤامرة .

وأعود لأكرر , لاشك أن هناك مبالغة وأخطاء تصل إلى القسوة والظلم في حالات كثيرة من ممارسات  ” السوسيال ” مع الأسر العربية وفي فصلها الأبناء عن أسرهم , لكن هناك حالات أخرى لايمكن للآباء أن يفصحوا فيها عما فعلوه بأبنائهم وبناتهم من العنف والتعسف الذي لم يعد يقبله المجتمع السويدي وكل المجتمعات الأوربية منذ زمن بعيد .

 

المصدر: صفحة معقل زهور عدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى