ريان والمغرب ونحن!

د-بهاء الدين شبانة التميمي

كتب الصديق الطبيب المثقف الدكتور بهاء الدين شبانة التميمي منشوراً حول حادثة الطفل ريان رحمه الله، اعتقد انه جمع فيه باعتدال وبشمولية كل مايمكن ان يقال حول الحادثة،  فكتب::

تحليل ما حدث للطفل المغربي ريَّان:

عاطفياً- رحمة الله عليه، وشيء جميل أن نرى العالم العربي متكاتف في قصته ، كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو  تداعى له باقي الجسد …

طبياً- كان العالم العربي يشاهده وهو يحتضر ، وقد وقع من ارتفاع شاهق جدا مثل عمارة  ب ١٥ طابق، على الأغلب اصيب بنزيف داخلي وجفاف وفشل كلوي ، ولا يمكن شخص بهذا الوضع كما خرجت صور  تبين  اغماء، لن يأكل او يشرب كما قالوا انهم أنزلوا ماء وغذاء له وهذا كذب فلن يستطيع الأكل الا اذا كان لديه القدرة على استخدام يديه ولديه درجة من الوعي والصحيان وحالات مثل هذه لديه فقط فترة بسيط قد تكون دقائق أو ساعات أو يوم بالكثير  يعتمد على حجم الرضوض والكسور

سياسياً- تبين للأسف حجم قلة التجهيزات وضعف الخبرة وعدم  القدرة على انتشاله في أول ٢٤ ساعة، وكذلك الكذب السياسي في حالته لأن أنظار العالم كلها هناك ، وعلى فرض هناك صعوبة كبيرة بالموضوع لماذا لم يشاركوا هذا الأمر مع الناس لامتصاص غضب الناس وهذا غير مستهجن تماما

اجتماعيا”- أظن أن المغرب كغيرها من الدول العربية فقدت خيرة شبابها في العلم والتكنولوجيا ومجالات الصناعة والطب وغير ذلك إلى اوروبا وامريكا والدول الغربية مما زاد في تفاقم المشاكل المختلفة

دينياً – قام كثير من الناس بالدعاء، من شيوخ وائمة مساجد وناس ولم يشأ الله عزوجل أن يستجب،  واختار مكاناً أفضل لريان، وفي نفس الوقت المسؤولية المجتمعية والحضارية هو بتنظيم الاماكن   ومنع حدوث مثل هذه الأمور ، وأيضا تحسين الجاهزية في الدفاع المدني والاسباب الدنيوية التي تمنع أو تعالج هذه القصص بسرعة، لم يستجب الله عزوجل لأدعية مليون بغدادي بصد التتار قبل أن يقتلهم هولاكو لأن قضاء الله قد جاء والعدة والاستعداد قد تم التقاعس عنه في  غلبة التتار  قبل واثناء  حصار بغداد، والله عزوجل يختار ان يستجيب في الدنيا أو يبقي الأمر في الآخرة

والله جعل البشر مستخلفين في الأرض وأمرهم بسنن  فهم الدنيا وأسبابها وعلومهما ،  قال تعالى:

 مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلَّا بِٱلْحَقِّ

ونستحضر قول الفاروق (ر) لمن جلس في المسجد يتعبد ليل نهار دون أن يعمل- إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة

واذا تقاعس المجتمع او قادته يتحمل المسؤولية كل المجتمع ولو بعد حين، كما حدثنا المصطفى(ص) عن قصة السفينة والناس بالطابق العلوي والسفلي

فلسفياً- مات نصف مليون طفل سوري من قبل عصابات النظام الأسدي والايراني ، الاف منهم بغازات كيماوية سامة، وبعضهم غرقاً في البحر وبعضهم بهدم بيوتهم، ومات نصف مليون  طفل عراقي  اثناء الحصار والتجويع ، ومات مئات الاف الأطفال اليمنيين  بالكوليرا والقنابل ، ومات الاف أطفال فلسطين منذ ٧٠ عاما ولكن طريقة موت ريان لم يعهدها الناس لأنهم تعودوا على  كل الطرق الأخرى فقد يكون ذلك له دور في هذا التعاطف

تقنياً- قد يقول لنا المنطق وقد لا يسعفنا المنطق هنا، لأن الموضوع معقد، أنه كان يجب انزال شخص رأسه ويديه للأسفل مع جهاز اوكسجين    لانتشال خلال ساعات وانتهى الموضوع، او استخدام تكنولوجيا الروبوت والتي تطورت بصورة ضخمة في آخر ١٠ سنوات أو قد تدفع هذه القصة بالتكنولوجيا بالتطور في هذا

المضمار

وإعلامياً – تبين القصة قوة الاعلام والسوشيال ميديا  في تحويل أنظار العالم لاي شيء يريده البعض   او لا يريده البعض

وصلتني هذه الرسالة بشأن مأساة الطفل المغربي ريان الذي سقط في بئر بعمق ستين مترا، وبقي فيه عدة أيام قبل أن يصل إليه المنقذون في عملية تابعها الكثيرون، لكن الطفل المسكين كان قد توفي، وقيل تعليقا على الحادث وظروفها. وطريقة التعاطي معها الكثير،

وقد وصلني التعليق المرفق، ورأت فيه الكفاية عن أي تعليق، إذ يكاد يغطي أطراف القضية كلها، ويضعها في إطارها الصحيح.

د. مخلص الصيادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى