سعادة رئيسة مجلس الأمن، صاحبات وأصحاب السعادة
مساء الخير وتحية طيبة،
أنا ثريا حجازي، ناشطة نسوية وسياسية، مديرة منظمة حررني العاملة على تمكين الناجيات من العنف وبرامج السلم الأهلي في مناطق شمال غرب سوريا، ومعتقلة سابقة في سجون النظام السوري.
سأتكلم اليوم في محاولة لإيصال أصوات النساء في بلدي، لأنه وكما تعلمون قاربنا على العام الحادي عشر لانطلاق الثورة السورية التي باتت أزمة عميقة، وسط إحباطات متتالية لكل السوريين الذين حلموا بإحداث تغيير سياسي.
ها هو النظام السوري لا زال مستمراً دون محاسبة بدعم روسي-إيراني لا محدود، وفي ظل صمت المجتمع الدولي، في حين فشلت المعارضة السورية بهيكلة نفسها لتكون بديل لهذا النظام بسبب التدخلات الدولية.
و شعب بأكمله هو فقط من يدفع الثمن في جميع مناطق سوريا، فسوريا اليوم تحولت إلى أربع سوريات أشبه بسجون كبيرة تأسر من يعيش فيها.
حيث يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر و60% منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي. يوجد 9 ملايين سوري يعيشون في مناطق خارج سيطرة النظام، 5.6 مليون بحاجة مساعدات إنسانية وآليات إغاثية والتي يتم تسييسها في مجلس الأمن دائما.
أيضا يوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير ملتحقين بالمدرسة، منهم 40 % تقريبا من الفتيات. اللواتي هن إحدى أكثر الفئات هشاشة،ً فلكم أن تتخيلوا أي مستقبل ينتظرهم.
السيدات والسادة
بالرغم من كل الجهود المبذولة وخاصة جهود المبعوث الخاص إلى سوريا فإن مجلس الأمن قد فشل حتى الآن في إيجاد حل سياسي للقضية السورية فغدت سوريا مأساة إنسانية وقضية رهن لصراعات إقليمية ودولية جعلتنا كسوريين نفقد الأمل بحل سياسي عادل.
وهو ماتعكسه مناطق النفوذ في الجغرافيا السورية الخاضعة لقوى الأمر الواقع، والمدعومة من بعض الدول مما أكسبها حصانة ضد كل انتهاكاتها وخرقها للقانون الدولي الإنساني.
نحن نعلم أن قوى الأمر الواقع بعد ماحققته من أشكال تنظيمية وإدارية وعسكرية، أصبحت تريد حلاً سياسياً مقبلاً يضمن سيطرتها ومكتسباتها في مناطق نفوذها.
كما نعلم أنكم على معرفة بما تقوم به روسيا وبعض الأنظمة العربية من محاولات التطبيع مع النظام رغم كل المجازر التي ارتكبها بحق سوريا والسوريين، ونحن نعلم أن روسيا تستغل تأرجح الموقف الأمريكي ، وغياب التأثير الأوروبي دوليا وإقليميا في محاولة لإعادة الشرعية للنظام وتقويته عبر بعض القضايا والاستثناءات مثل خط الغاز العربي، وجهود دولة الإمارات العربية المتحدة للضغط لإعادة سوريا لجامعة الدول العربية وغير ذلك مما تعلمون.
كما أننا تابعنا بخشية التصريحات الأخيرة للسيد غير بدرسون لدعم التطبيع مع النظام تحت حجة “المشاركة”.
هذا كله أوصل لنا رسائل سلبية حول تنفيذ قانون قيصر دون وجود بديل دولي أو إجراءات اقتصادية و دبلوماسية تساهم في تحقيق العدالة والسلام في سوريا.
السيدات والسادة:
بوصفي شاهدة على مشاركة المرأة السورية منذ انطلاقة الثورة، وكذلك شاهدة على العديد من الانتهاكات التي مارسها النظام السوري ضد النساء داخل المعتقل وخارجه سأخبركم أن مشكلات النساء لا تقتصر فقط على انتشار العنف الممنهج، وعدم وجود قوانين رادعة للجناة إنما تمتد إلى التقارير الأممية التي رصدت العنف ووضحت حدة انتشاره وآثاره على النساء والمجتمع لكنها للأسف لم تقدم أي إجراءات وكأن الضحايا أرقام فقط.
ونحن كنسويات سياسيات نعلم جذور الانتهاكات التي تتعرض لها النساء ، وارتباطها بالاقتصاد السياسي للحرب والعنف، ونعرف أثر العنف الجنسي على موقعية النساء، وعلى أدوارهن الإنتاجية والسياسية.
كما نعلم أيضاً أن تسييس القضايا الإنسانية من قبل النظام السوري وحلفائه الدوليين، ساهم بتعزيز الهشاشة الاقتصادية والقانونية للنساء وحرمها من التعليم والصحة.
وإذا ما استمر النزاع، فستكون سوريا مصدرًا للتطرف ومركزًا إقليميًا للجريمة المنظمة، لا سيما مع انتشار تجارة المخدرات، والتي تشكل مصدراً رئيسياً لإيرادات النظام. كما ستبقى المخيمات ومراكز الايواء -المفتقدة للخدمات – مواقعاً لارتكاب كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات.
السيدات والسادة:
المرأة السورية بقوتها وإرادتها تسعى لتجاوز دور الضحية في كل مامرت به من قتل واعتقال وتشريد وتهجير ولجوء، وتسعى لمواجهة كل أشكال الإقصاء الذي فرضته علينا السلطة الأبوية في نزاع مسلح، ونعمل على استثمار خبراتنا لإحداث تغيير جذري لنأخذ دورنا في إعادة بناء سوريا
ولهذا نطالب المجلس بـ:
- الضغط على النظام السوري لإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المختفيين قسريا وجعل الملف فوق تفاوضي.
- إيجاد آليات لضمان عدم التطبيع مع النظام
- الضغط على النظام وقوى الأمر الواقع بالسماح للمنظمات الدولية بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبت بقوة السلاح وبنزع الحصانة عن المرتكبين
- التأكيد على أن أي قيادة لسوريا لا بد وأن تمثل إرادة الشعب السوري، شاملة لخبرات الشباب والشابات ، وبمنأى عن أي تدخل خارجي .
- الدفع العملية السياسية للوصول الى حل سياسي شامل ومستدام بمشاركة فاعلة للنساء وفق بيان جنيف 1 والقرار 2254 والقرارات ذات الصلة.
- ربط التسوية السياسية بالمساءلة والمحاسبة الضامنة لحقوق النساء
- ربط ملف إعادة الإعمار بالحل السياسي الشامل و بالعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين .
- دعم تجريم أي عنف ضد النساء، بضمانة دستور متوافق مع منظور الجندر بالاستناد إلى جميع الاتفاقيات الدولية. وأن يكون التحليل الجندري والسياسات النسوية حاضرة على على أجندة المفاوضات.
لذا نحث مجلسكم على الضغط لبدء مفاوضات حقيقية تضم كل الدول المتدخلة بالحرب السورية برعايتكم وبحضور القانون الدولي لعل حلمنا يتحقق ببناء سوريا دولة مدنية ديمقراطية بدون نظام الأسد وبدون أي شكل من أشكال الاستبداد.
وعندما نرى نحن النساء عملكم الجاد ستجدون مئات من النساء جاهزا للمشاركة السياسية الفاعلة وسنكون قادرات على المنافسة على كل مواقع و مستويات صنع القرار كما نستحقها.
شكرا لاصغائكم!
المصدر: كلنا شركاء