“سارعت إلى كتابة شروط منها حلّ الفصائل وتسليم السلاح إلى الدولة ومحاربة الفساد وهي بين 15 و20 نقطة لم يوقعوا عليها”.
إذ يبدو أن الأزمات السياسية التي جاءت بعد تأسيس النظام السياسي القائم في العراق منذ 2003 مستمرة نتيجة تعمق الخلافات بين المكون الواحد والمكونات الأخرى، وبالعودة إلى الخلافات السياسية التي عطلت كثيراً من المشاريع والقوانين التي تهم المواطنين وتسهم في تقدم البلد، تطفو على السطح اليوم خلافات حادة على تسمية رئيس الوزراء الجديد ومن يملك أحقية تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن شهد العراق في 10 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، انتخابات مبكرة نتيجة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد نهاية 2019.
ويكمن جوهر الخلافات السياسية لتشكيل الحكومة، بين رغبة التيار الصدري الفائز في سباق انتخابات أكتوبر، لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، وبين الإطار التنسيقي الذي يضم بقية القوى الشيعية التي ترغب في تشكيل حكومة توافقية شرط أن يخضع رئيس الوزراء إلى توافق سياسي شيعي ـ شيعي واعتماد تسمية الوزراء على عدد النقاط التي سيتم توزيعها بين بقية الكتل الأخرى.
حل الفصائل وتسليم السلاح إلى الدولة
ويؤكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن التيار تنازل عن الوزراء في حكومة مصطفى الكاظمي، مشيراً إلى أن التيار ما زال يقدم المصالح العامة على الخاصة، وقال الصدر في كلمة له بث مكتبه مقتطفات منها، “كنا وما زلنا نقدم المصالح العامة على الخاصة”، موضحاً أن “الإشكال الذي يطرح أن مقتدى الصدر ينحو منحى ضد التشيع وضد الشيعة”، وأضاف أنه “في حكومة الكاظمي تنازلنا عن الوزراء ورفضت أن تكون أي وزارة للتيار الصدري”، مشدداً على “تنظيم الحشد الشعبي وإرجاع هيبته وسمعته، لأن كثيرين من الأعداء يحاولون تشويه سمعته”.
وكشف الصدر أنه “في تغريدة سابقة، دعوت إلى لملمة البيت الشيعي، ولم أتلق أي إجابة أو تفاعلاً، نهائياً”، وقال، “دعوتهم إلى طاعة المرجعية ومركزية المرجعية والأخذ بأوامرها وقراراتها”، وتابع، “بعد انسحابنا، أصرت كثير من الجهات السياسية على أن نرجع للانتخابات، ووقعوا على وثيقة إصلاحية من أجل الرجوع للانتخابات وتواقيعهم موجودة”، مضيفاً، “سارعت إلى كتابة شروط منها حل الفصائل وتسليم السلاح إلى الدولة ومحاربة الفساد، وهي بين 15 و20 نقطة لم يوقعوا عليها”.
الحوارات مستمرة
بدوره، كشف القيادي في الإطار التنسيقي رفيق الصالحي، عن وجود توجه لدى أطراف من الإطار بالتحالف مع الصدر والمضي بتشكيل الحكومة على أن يذهب المالكي صوب المعارضة البرلمانية، وقال الصالحي في تصريح صحافي، إن “الحوارات مستمرة وقد تفضي إلى إعلان تحالف بين الصدر وهادي العامري وحينها سيكون نوري المالكي خارج هذا الإطار، على الرغم من مساعي العامري وفريق المفاوضات لإقناع الصدر بأن يكون تحالف البيت الشيعي مكتملاً ويبقى المالكي جزءاً من الحكومة والتحالف الشيعي”، وأضاف، “لكن المفاوضات إذا فشلت بإقناع الصدر فسيذهب جزء من الإطار مع التيار لتشكيل الحكومة”، مبيناً أن “المفاوضات ما زالت جارية”.
دعوة للتكامل وتوحيد البيت السياسي الشيعي
بدوره، دعا رئيس تحالف “العقد” فالح الفياض إلى وحدة البيت السياسي الشيعي والتكامل بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وقال في بيان، “الصدر لن يشارك في مؤامرة تمزيق البيت الشيعي التي نلمسها عند بعض الأطراف”، وأضاف، “الإطار التنسيقي ليس تجمعاً معادياً للكتلة الصدرية ولا أحب القول إن الإطار متماسك في وجه الكتلة الصدرية”، مشيراً إلى “صعوبة تحديد نهاية المشهد في ظل المتغيرات المستمرة التي تشهدها العملية السياسية”، وحذر الفياض في بيانه، “من أي اصطفافات غير بناءة جرت بقصد أو من غير قصد لتمزيق الصف الشيعي، وأن من يدفع باتجاه ذلك سيكون خصماً سياسياً”، معتبراً أن “كل من يحاول أو يفكر في إضعاف المكون الشيعي يسهم في انقسام العراق ولا يؤمن بالوطن”.
تفاهم بين الإطار والصدريين على اسم رئيس الوزراء
بدوره، كشف عضو ائتلاف “النصر” عقيل الرديني أن التيار الصدري تفاهم مع الإطار التنسيقي في شأن عدم عبور أي شخصية لا يرغب بها الأخير لتولي رئاسة الحكومة، وفقاً لـ “تفاهمات” أولية، وقال الرديني في تصريح لشبكة “رووداو” الإعلامية، إن “الإطار التنسيقي سعى منذ البداية إلى لملمة الأوراق وإلى مصلحة البلاد”، مضيفاً أن “أي مصلحة سياسية يذهب الإطار باتجاهها”، واستبعد الرديني أن تكون هناك “مشكلات كبيرة بين الإطار والتيار الصدري، عدا اختلاف بسيط بوجهات النظر حول مستقبل العملية السياسية، هل هي حكومة مشاركة أم أغلبية وطنية”، وأكد على أن الإطار التنسيقي “يسعى إلى المشاركة الوطنية باعتبار أن نتائج الانتخابات لم تفرز كتلاً من الممكن أن تذهب إلى المعارضة وتكون مؤثرة في هذا الاتجاه”.
وقال الرديني إن التيار الصدري “يسعى إلى أن تكون هناك حكومة أغلبية وطنية في حين أن الإخوة الكرد ربما يدخلون في كتلة واحدة أو بموقف موحد، والإخوة السنة حزموا أمرهم ودخلوا بتحالف موحد”، وأشار إلى أن الإطار “ينظر إلى مصلحة البلاد بشكل عام أولاً، كما ينظر إلى مصلحته كمكون كبير وأساسي في الشعب العراقي، ويعتبر نفسه أنه المكون ذو الأغلبية الواسعة في الطيف العراقي وهو ينظر على هذا المستوى”.
وستفضي الحوارات خلال الساعات المقبلة إلى “ذهاب الإطار التنسيقي إلى المعارضة الإيجابية أو المشاركة في الحكومة المقبلة”، وفقاً لعضو ائتلاف “النصر”، وأكد أنه “كانت هناك تفاهمات أولية، بأن التيار الصدري يرشح شخصيات إلى مجلس الوزراء ومن حق الإطار أن يعترض على أي شخصية، بحق “الفيتو”، وهذا يعني أن الإطار إذا لم يوافق على هذه الشخصية لن تمرر من قبل التيار الصدري، وهذا ما تم الاتفاق عليه مبدئياً، ولا يمكن عبور أي شخصية لا يرغب بها الإطار التنسيقي، وهذا واضح من خلال التفاهمات الأولية التي حدثت بين الجانبين”.
كسر عظم؟
ولفت إلى أنه “صحيح أن هناك فيتو، لكنه ليس كما يسمى بكسر عظم، هناك تفاهمات، وإذا ما كانت هناك مصلحة تخص المجتمع بشكل عام، فالإطار لا يقف أمام أي مصلحة تهم الشعب العراقي، وسيرجح الإطار المصلحة العامة الوطنية”، وليس لدى الإطار التنسيقي أي مشكلة مع أي حزب أو أي شخصية وطنية، حسب الرديني، الذي أضاف أن هناك “ثوابت لدى الإطار وهي المصلحة العامة للبلد، فهو يريد للبلد أن يستمر بالسير نحو الأسس الديمقراطية”، وأكد على وجود “خطوط عريضة مهمة، وإذا ما تمت الموافقة عليها سنمضي من دون أي مشكلات مع أي كتلة سياسية، ومن هذه الأمور، مستقبل الحشد الشعبي، ومستقبل القوات الأميركية في العراق، بعد صدور قرار برلماني عراقي بإخراج القوات الأميركية من البلاد”.
ويسعى الإطار التنسيقي إلى أن “تكون هناك تفاهمات مثلما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يؤكد على قضايا قانون المادة 140 وقانون النفط والغاز”، وفقاً لعضو ائتلاف “النصر” الذي أكد أن الإطار مع “الاتفاق على الأمور الاستراتيجية التي يتم الاتفاق عليها وفق الدستور”، ويرفض الإطار التنسيقي، حسب عقيل الرديني، “أي تدخل خارجي يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار والتأثير الخارجي من دول إقليمية وخارجية”.
المصدر: اندبندنت عربية