قبل أن تتعالى الأصوات التي باتت معروفة في الوسط الثوري، والتي تنبري عادة للدفاع عن مؤسسة الائتلاف بحجة أنه المؤسسة الثورية الوحيدة التي تستمد مشروعيتها من المجتمع الدولي. نقول.. إن حديثنا هذا يتوجه الى اولئك الذين لازالوا يؤملون على هذا الائتلاف، مع إقرارهم أنه لا يملك الشرعية الثورية ولا الوطنية التي يطالبونه بها منذ أن تم انتاجه، وخاصة بعد وصول الشيخ السيد سالم المسلط إلى سدة رئاسته.
فقد راعنا مؤخرًا أن نجد مشهد الحوار الذي دار بين ثلة واسعة من السوريين الثورين المشهود لهم، وعلى مدار ثلاث ساعات وخمس وأربعون دقيقة، على أحد منصات الزووم، وأن يعكس لنا صورة سلطوية تكاد تتماهى مع مشاهد سياسية لسلطة العصابة الأسدية العميلة، حيث فرضت علينا تلك العصابة عادة الحوار وسماع الرأي والرأي الآخر وسمحت لنا بالنقد وخاصة النقد البناء!!!
وكان لسان حالها يقول لنا: أنتم تكلموا ما تشاؤون، ونحن نتصرف كما نشاء، ورغمًا عنكم.
هكذا كان لب الحوار بين الأخوة الثوريين وبين الشيخ السيد سالم المسلط، والذي أكد الجميع على سيرته الشخصية الوطنية المخلصة والصادقة.
اللافت في الأمر أن جميع من تحدثوا كانوا مجمعين على فساد الائتلاف وعجزه عن تقديم أي شيء يخدم السوريين والثورة، وكذلك عدم مشروعيته الشعبية والثورية، وتبعيته المعلنة والمرفوضة، وبالرغم من هذا الإجماع الذي استقر في المشهد الحواري هذا، أبى الشيخ سالم إلا أن يتحدث بأريحية الواثق والصادق، وأنه ومنذ أن تسلم ناصية الرئاسة وهو جاد ونشط في العمل الحثيث لإصلاح وتصويب ومحاسبة كل ما تبلور في هذه المؤسسة من مظاهر خلل وفساد وأخطاء وعلل يمكن استئصالها.
وكذلك.. أيضًا فإنه أمام هذا الإعصار من النقد والشجب والتعرية والمطالبة من البعض بإسقاط هذا الجسم، المؤسسة. كان يثني ويؤكد على جاهزيته للسماع لكل الآراء والأصوات.
ومطالبًا الجميع بالتعاون مع هذه المؤسسة المنهكة من أجل النهوض بها في المرحلة القادمة!!
لقد أثبتت هذه الجولة الحوارية صحة ما ذهبت إليه أصوات الثوار الأحرار، من أن هذه المؤسسة لا يمكن أن تكون إلا أداة لإنجاز وظيفة أو مهمة لها في مسار الصراع على إخماد جذوة الثورة السورية.
فأربع ساعات كان بها رمز هذه المؤسسة يصول ويجول دون أن يقترب ولو مرة واحدة من وضع الثورة الراهن، ازماتها، اخفاقاتها، تحدياتها، أبطالها!!؟؟
وماهي خطة أو برنامج مؤسسته لاستكمال مسار الثورة وإطلاق سراحها من براثن معتقليها؟!
أربع ساعات والحوار يحلق في فضاء مؤسسة كما لو أنها مؤسسة لكيان سياسي مستقر، يتم العمل على إعادة هيكلته ودفع الناس للمشاركة في هذه الهيكلة تحقيقا لمبدأ التشاركية والتشاورية الذي تلوح فيه رايات هذا الكيان المستقر.
حوار دُفع ليكون صادقًا في مجال الرغبة التشاركية والجماعية في معالجة اشكالات ومصاعب وحاجات الناس الذين ضمهم فضاء الكيان المحرر في الشمال السوري.
هذا الكيان الذي بات فيه من البنى التحتية والعلمية والاقتصادية الشيء الكثير، والذي بات يحتاج إلى معالجة هذه الإشكالات، وكما لو أن الثورة صارت في خبر كان!!
وكأنما الثورة فجرها أبناؤنا وشهداؤنا ومن دفع ضريبة الدم من أجلها لكي نحوز على كيان يتبلور فيه كما يتبلور في أخوته من الكيانات الأخرى في الشمال الشرقي والجنوب والوسط من بنى تؤشر الى كيانات ذاتية الحكم أو ما شابهها.
قبل أن نتوقف، لابد من الإشارة إلى أن هذا المشهد، الفارض نفسه، يبدو أنه يُراد له أن يُكرس حالة الفرض السلطوي السياسي علينا تحت حجج مختلفة ومبررات مختلفة وأساليب مختلفة كان ثمنها دمًا ودمارًا وتهجيرًا.
ونسي أرباب ملفنا السوري، كما أسموه الذين اعتقلوا ثورتنا ويريدون تصفيتها، أن شعبنا البطل إنما فجّر ثورته التي باتت تسمى بالثورة السورية العظيمة لا لكي يستسلم ويركع ويقبل بما يُفرض أو سُيفرض عليه، وإنما لينهي وإلى الأبد معادلة السلطة، التي لم يتمكن من ممارستها بذاته وبنفسه ومن خلال ممثلين له يختارهم بملء معرفته وإرادته، منذ الاستقلال الأول وحتى اليوم. وهو ماض في انتاج معادلته الخاصة به التي تقول: كل السلطة للشعب وليس لغير الشعب. من أجل كل ذلك.. آن لمؤسسة الائتلاف أن تسقط.. وإن غدًا لناظره لقريب.