لهذه الأسباب يتعذر إجراء انتخابات الرئاسة الليبية في موعدها

حسين مصطفى

يجمع مراقبون ومحللون ومسؤولون ليبيون على أن إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا في موعدها أصبح مستحيلا، بفعل جملة من الأسباب، بينها الفني والسياسي والأمني.

ومن المفترض أن تجرى الانتخابات الرئاسية الليبية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وفق الخطة التي ترعاها الأمم المتحدة وتحظى بدعم دولي، لكن الأزمة السياسية الراهنة تشي بالتأجيل، في ظل استمرار الخلاف على إجراء الاستحقاق الانتخابي، مع عدم وجود أي مؤشرات لاتفاق بين الأطراف ذات العلاقة.

من جهة أخرى، ألغت محكمة استئناف مصراتة الليبية، الخميس، إلغاء اعتماد القائمة الأولية لمرشحي الانتخابات الرئاسية، مع إيقاف جميع إجراءات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، حتى الفصل في القضية.
واستند قرار المحكمة، الذي حصلت “عربي21” على نسخة منه، إلى “بطلان تشكيل المفوضية العليا للانتخابات الحالية، ومن ثم بطلان كافة قراراتها”.

الصعيد السياسي

يتواصل الخلاف بين مجلس النواب من جهة، والمجلس الأعلى للدولة من جهة أخرى على القوانين التي تنظم العملية الانتخابية، إذ إن الأخير يتهم المجلس بإقرار قوانين معيبة، دون الاتفاق أو التشاور معه وفق ما ينص عليه الاتفاق السياسي الذي حدد العلاقة بين الطرفين.

وزيادة على ذلك، يرفض قطاع واسع من الليبيين ترشح كل من اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وسيف القذافي، على خلفية اتهامهما بارتكاب جرائم ضد الليبيين.

ويطال الرفض أيضا ترشح رئيس الحكومة الحالي، عبد الحميد دبيبة، تحت ذريعة خرقه لقانون الترشح، وتحديدا المادة 12 من القانون.

ويرى محللون أن رفض ترشيح الدبيبة يقف خلفه معسكري حفتر، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والذين فوجئوا بقبول ترشح الدبيبة من قبل المفوضية، وتجاوزه مرحلة الطعون، كونه منافسا قويا ويحظى بشعبية جارفة في الكتل والمناطق الغربية التي تستحوذ على نسبة كبيرة من أعداد الناخبين.

ومؤخرا، دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري إلى عدم المشاركة في الانتخابات الليبية، سواء كناخبين أو مرشحين، قائلا خلال مؤتمر في العاصمة “طرابلس”: “ندعو الجميع إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة والاعتصام أمام مقر المفوضية والبعثة الأممية ومقرات الحكومة ومجلسي الدولة والنواب والميادين لرفض هذه العملية”.

 

قبل أيام أطلق مجلس الدولة مبادرة لتأجيل الانتخابات، واقترحت عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في شباط/ فبراير من العام القادم، على أن تجرى الرئاسية بنظام القائمة من رئيس ونائبين ورئيس حكومة، بدورة زمنية قدرها 4 سنوات للرئاسة ومجلس النواب غير قابلة للتمديد، وأن تكون مهمة البرلمان الجديد إنجاز الاستحقاق الدستوري”، كما قال.

الصعيد الفني

لم تعلن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات حتى الآن القائمة النهائية للمرشحين، رغم تبقي نحو 4 أيام فقط على موعدها، في حين لم تبدأ فعليا الحملة الانتخابية للمرشحين الذين بلغهم عددهم نحو ثمانين مرشحا، رغم انتهاء مرحلة الطعون بشكل رسمي في السابع من الشهر الجاري، وهو التاريخ الذي كان من المفترض أن تنطلق فيه الحملة الانتخابية لتختتم في 23 ديسمبر.

كما لم تفتح المفوضية الباب حتى الآن أما عمليات مراقبة الانتخابات سواء من قبل منظمات المجتمع المحلي أو نظيرتها الدولية، لوجود عقبات فنية تتعلق بسيطرة المفوضية على مراكز الاقتراع، وبسط نفوذها كجهة مستقلة على هذه المراكز التي تتوزع في عموم المناطق الليبية، رغم أن المفوضية نشرت قبل أشهر اللائحة التنظيمية لعمليات المراقبة سواء من قبل المنظمات أو وسائل الإعلام.

ويشي الضعف الفني لدي المفوضية، وتوزيع الكوادر بشكل سريع على مراكز الاقتراع، بعمليات تزوير قد تحدث، وتأكيدا على هذه التخوفات،اشتكي ناخبون على مواقع التواصل الاجتماعي من أن أشخاصاً سحبوا بطاقاتهم الانتخابية، دون علمهم في عدد من المراكز.

ويقول عضو المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، أبو بكر مردة أن إجراء الانتخابات في تاريخ 24 ديسمبر بات من الماضي، ويلزمنا وقت للدعاية الانتخابية، وأن المفوضية لا تملك سلطة على شركائها في العملية الانتخابية وأن التأجيل أمر خارج عن موضوع “المشاكل الفنية”.

وأوضح أن “المفوضية لم تتحدث عن أي مشاكل فنية تواجهها في تنفيذ العملية الانتخابية، ونفذت كل الخطوات والإجراءات المتعلقة بالمراحل السابقة إلى أن وصلت إلى مرحلة التعامل مع شركائها في العملية الانتخابية (البرلمان والحكومة) وسلمت تقريرها للبرلمان وذكرت الصعوبات والعراقيل بشكل دقيق”، وفق تصريحاته لمنصة “فواصل” المحلية.

الصعيد الأمني

ولعل السبب الأمني يبرز كأحد الأسباب المهمة لتعثر إجراء الانتخابات، ذلك أن الوضع الأمني الهش في عموم المناطق الليبية، يقف عائقا أمام إجراء الانتخابات، فمن جهة قد تمنع تشكيلات عسكرية إجراء الاستحقات عبر إغلاق المراكز الانتخابية بالقوة، ومن جهة أخرى، يتوقع أن تجري أطراف لها سطوة عسكرية في مناطق بعينها، عمليات تزوير بالجملة في مراكز الاقتراع.

ويدعم هذه التوجه عدد من الشواهد التي حدثت مؤخرا، ففي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اقتحمت قوات تابعة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، محكمة سبها في الجنوب، وذلك للحيلولة دون نظر المحكمة في طعن قدمه سيف الإسلام القذافي، على قرار منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.

 

واستمر حصار المحكمة عدة أيام، تخللها مواجهات بين مؤيدين للقذافي وقوات مسلحة نتج عنها قتلى ومصابين، قبل أن تنسحب تلك القوات ليتمكن القضاء بعدها من البت في استئناف القذافي، وإعادته إلى السباق الرئاسي من جديد.

وتفتح هذه الحادثة إضافة إلى حوادث أخرى متفرقة الباب أمام امكانية منع إجراء الانتخابات بالقوة في مناطق بعينها، كتلك التي تسيطر عليها قوات عسكرية مسلحة، كالشرق الليبي الذي يسيطر عليه حفتر، أو الجنوب، أو مناطق أخرى متفرقة.

 

المصدر: عربي 21

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى