عودة جزار حماة إلى سورية الأسد

آلاء العابد

ضجت المواقع السورية بخبر عودة رفعت الأسد بعد غياب دام لأكثر من ثلاثين عاماً، وحسب تقارير الصحف السورية الموالية للنظام فإن رفعت الأسد عاد إلى سورية بعد أن سمح له بشار الأسد بالعودة منعاً من سجنه في فرنسا وكان القضاء الفرنسي قد أصدر حكماً بسجن رفعت الأسد لمدة 4 سنوات بتهم عدة وجهت له، منها جمع الأصول عن طريق الاحتيال والكسب غير المشروع والتهرب الضريبي.

غاب رفعت عن سورية حوالي 4 عقود اختلف مع الأسد الأب والإبن ونهب أموال السوريين وارتكب بحقهم مجازر بالجملة حتى لُقب بجزار حماة عاد رفعت إلى سورية عاد إلى حضن الطائفة وإلى مؤيديه فكيف استطاع أن يعود بعد كل هذا الغياب؟ كيف استطاع أن يثق بهذا النظام المجرم وهو ابن هذا النظام ويعرف كيف يفكر ما الذي سيفعله بعد عودته وهل سيكون مؤثراً بالحياة السياسية بعد أن غاب لأكثر من ثلاثين عاماً.

حسب المصادر فإن الاتفاق أُبرم بين المخابرات الفرنسية والروسية بحيث أن لا يكون لرفعت الأسد أي دور سياسي واجتماعي في سورية وأن تذهب نصف أمواله إلى خزينة الدولة السورية والنصف الآخر له وحسب المصادر فإن بشار الأسد لم يلتق إلى الآن بعمه العائد لا بل حسب الإتفاق منعه من رؤية أصدقائه القدامى على أن يسمح بزيارته فقط من قبل آل الأسد ورجال الدين العلويين في قصره الذي يقيم فيه حالياً في مدينة القرداحة مسقط رأسه وبأنه لن يسمح له بزيارة دمشق والإقامة فيها.

وحسب تقارير توضح بأن النظام كان له الدور الكبير عبر روسيا بالضغط على فرنسا للبت في قضية أموال رفعت الأسد ومحاكمته حيث قضت محكمة الإستئناف في فرنسا بسجنه 4 سنوات وحجز أمواله والضغط عليه بتهم وجهت له وهو ما دفعه للقبول بعرض بشار الأسد والعودة.

سمحت فرنسا لرفعت الأسد بالخروج من أراضيها وتغاضت عن سفره حسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية بفضل خدماته التي قدمها للمخابرات الفرنسية وأوضحت في تقرير لها بأن رفعت الأسد لعب دوراً مهماً مع المخابرات الفرنسية عام 1982 تحديداً في الكشف عن شبكات فلسطينية استهدفت فرنسا وقامت بتفجيرات فيها وتكريماً لخدماته الكبيرة آنذاك حصل رفعت الأسد على وسام الشرف من الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران عام 1986.

حسب تصريحات محامي رفعت حيث قال إن رفعت اضطر لمغادرة فرنسا لأنه خسر أمواله فيها زاعماً بأنه لم يبق له منزل وبأن حالته الصحية لا تسمح له بذلك مؤكداً بأنه لم يهرب حسب ما يقال بل غادر فرنسا بشكل سلمي إلى بلده الأم.

بالعودة إلى فترة مغادرة رفعت سورية فقد كان يشغل منصب نائب الرئيس وقائد كتيبة سرايا الدفاع إحدى أبرز كتائب الجيش حينئذٍ وأكثرها دعماً من وزارة الدفاع السورية ارتكب عدة مجازر بحق السوريين وإبادات متفرقة في الثمانينيات ويطلقون عليه اسم جزار حماة لأنه أشرف شخصياً على إبادة جماعية استهدفت مدينة حماة عام 1982 بحجة القضاء على جماعة الإخوان المتمردين على الدولة السورية حين ذاك وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن قوات سرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت قتلت نحو 30 ألف شخصاً معظمهم من الشباب.

كما ارتكب أيضاً مجزرة في سجن تدمر حيث أمر بقتل أكثر من 500 شخص في يوم واحد، ومجازر كثيرة نسبت إليه واختلف مع حافظ في فترة حكمه في كثير من أمور الدولة وحاول استغلال مرضه والإنقلاب عليه، وطوق دمشق بالكامل وأراد قصفها لكنه لم ينجح حيث توصل بعدها مع حافظ إلى اتفاق يقضي بمغادرته سورية. وأخذ رفعت الأسد أموال سورية وغادرها وحسب تقارير فإن رفعت أفرغ خزينة البنك السوري بالكامل في جيبه لقبوله المغادرة ولم يكفه ذلك مما اضطر حافظ الأسد إلى الإستدانة من معمر القذافي لإنهاء الخلاف.

قضى رفعت هو وعائلته حياتهم في المنفى بين القصور والبذخ متنقلين بين فرنسا وإسبانيا ودول كثيرة لم يعانوا ولم يقدموا أي تضحيات للبقاء على قيد الحياة عاشوا حياة مليئة بالترف والبذخ مما أثار شكوك الحكومة الفرنسية فاستدعته لتحقق معه ومع أبناءه عن أصول هذه الأموال.

اتهم رفعت الأسد هو وأبناءه بالكسب غير المشروع لأصول بقيمة 90 مليون دولار من الأموال ليصدر حكم بالسحن 4 سنوات بعد مصادرتها وإسبانيا صادرت أيضاً أموال وعقارات بقيمة 650 مليون يورو بتهمة غسيل الأموال.

كل هذا ولن تنتهي ثروة رفعت الأسد بل ينسب إليه امتلاكه جزر بأكملها مثل جزيرة كوراساو الهندية في الكاريبي وأجزاء من جزيرة ماربيا الإسبانية وحسب تصريحات محامي رفعت فإن كل ثروته هي هدية من العائلة المالكة في السعودية كما يدعي بأنه لن يأخذ أي مبلغ من سورية بل خرج بدون أي شيء ولا يعرف عن حماة شيء ولم يكن مشرفاً على كتيبة تسمى سرايا الدفاع.

بعد كل هذه الجرائم والملف الحافل بالمجازر عاد رفعت إلى سورية وتغاضت فرنسا والمجتمع الدولي عن كافة جرائمه وقبله جرائم أخيه وابن أخيه وسمحوا له بالعودة بشكل سلمي وهجروا الشعب السوري بأكمله أوُعيد رفعت وهُجِّر أكثر من 12 مليون سوري عاد رفعت مهزوماً صغيراً لا كما غادرها قبل أربعين عاماً عندما كان رجل الرعب والموت.

فهل اعتاد الغرب على تنازلات عائلة الأسد مقابل بقائهم في السلطة أو على قيد الحياة ؟؟

إن رفعت سيلاقي قريباً مصير كثيرين أمثال غازي كنعان ومحمود الزعبي قبل أن يشكل خطراً حقيقياً على بشار فهو لا يعرف صغيراً كان أو كبيراً وبقاءه في السلطة أهم مطلب له حتى ولو اضطره الأمر إلى قتل المزيد من الشعب السوري.

عودة رفعت لن تؤثر في حياة السوريين في الداخل ولم يأبه لعودته أحد إن كانت عودته بصفقة أوغيرها لن يغير وجوده من شيء فالسوريين اعتادوا على تغاضي المجتمع الدولي بأكمله عما يجري في سورية والتغاضي أيضاً عن جرائم آل الأسد بحق الشعب السوري بعد أن قتل بشار لأكثر من مليون شخص وهجر نصف الشعب السوري ومع كل هذا لم يأبه أحد لمعاناتهم وآلامهم فالعالم اليوم بأكمله يقف ضد الشعب السوري وضد أحلامه في حياة تسودها الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية.

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى