يا ماسح دموع الحزانا، لعلّ في البعد أرملة تفترش التراب . يا راحم اليتيم العليل اجبر خواطر الضعفاء .. لعلّ أيدينا لا تصل الفواه السغبى، إلا أن سحائب رحماتك لا انقطاع لها ..
أنت الرؤوف الودود، اسكب نمير حنانك على المكلومين، وترفق بأحوال البائسين، لمن تكل عبادك المحرومين؟، لمن تدع عيالك المظلومين؟، وأنت الكريم العطوف .
إن أصحاب الدينار والدرهم بخلوا بما استأمنتهم عليه، فإلى متى ينتظر الجائع رغيف الخبز؟، لعلّ عطشانًا يستحي أن يطلب من الغير جرعة ماء، وفيوضاتك أحنّ وأشفق، فإلى من ينقطع صاحب الحاجة؟، إلى من يبتهل صاحب البغية إلا إليك.
أيها الخالق الكريم يئسنا من هذه الدنيا التي قلبت لنا ظهر المجنّ، وتلوّنت لنا بألف لون، إذا كان الموت طريقنا إليك فأهلًا بالموت والقربى منك، فكل زخارف الدنيا لا تساوي الجناح المكسور الذي تعلمه، فمتى سيطول الصبر؟، وإلى متى نلُحّ بقرع بابك، هل تعهدتنا نَحنّ للقرص لنشبع؟، أم للماء لنروى؟، إنما نحن إليك ولا نبتغي سواك.
مازلت تُشْرق علينا أنوارك، وترسل علينا رذاذ رحماتك، ولولا الصّبْر لطار الفؤاد إليك، ما أجمل أن نسجد لك سجدةً لا قيام بعدها، ما أروع أن تسيل غدائر العيون من هيبتك وولهك، بأيّ نار تخوفنا يا ربّ؟، إن أعظم ما يصطلي به الفؤاد نيران هجرك وقلاك، فرحم من زهد في كل شيء، ولم يقصد سواك.