بدأت قوات النظام السوري والأجهزة الأمنية التابعة له إجراء تسوية في بلدة جاسم، في ريف درعا الشمالي الغربي، في خطوة إضافية باتجاه فرض السيطرة على كامل محافظة درعا، بناء على خريطة الحل الروسي، التي فُرضت مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي. وذكر الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن قوات روسية دخلت، أمس الأحد، مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى بلدة جاسم، متخذة من المركز الثقافي في الحي الشرقي من البلدة مركزاً لإجراء التسويات. وكشف أنه تمّ “إدراج أسماء 180 شخصاً للتسويات، مع تسليم 100 قطعة سلاح كانوا قد انشقوا بها عن قوات النظام، أو قد اغتنمت مسبقاً من الحواجز والنقاط العسكرية لهذه القوات”. وكانت اللجنة الأمنية أصدرت قائمة تضم 180 مطلوباً وطلبت تسليم حوالي 200 بندقية، الأمر الذي رفضه الأهالي لعدم وجود هذا العدد في المدينة، ثم جرى التوافق على تسليم 100 قطعة سلاح، أو دفع مبلغ مالي مقابل كل قطعة. وشملت عمليات التسوية جميع المنشقين والمطلوبين أمنياً ومن بحقهم “إذاعة بحث” لأي جهة أمنية، والذين لا يزال في حوزتهم سلاح.
وكشف الناشط الإعلامي محمد الشلبي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن قوات النظام “تشدّد الحصار على المدينة وتمنع الدخول والخروج منذ الصباح، لإجبار الأهالي على القبول بشروط التسوية، وذلك بالتوازي مع التلويح بالخيار العسكري واجتياح البلدة في حال رفض تلك المطالب”. من جهتها، ذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أنه “مع فتح مركز التسوية في مدينة جاسم، توافد المسلحون والمطلوبون والفارون من الخدمة العسكرية إلى المركز لتسوية أوضاعهم وتسليم السلاح الذي كان بحوزة بعضهم للجيش، تنفيذاً للاتفاق الذي طرحته الدولة، وإيذاناً بإعادة الأمن والاستقرار إلى تلك القرى والبلدات، وبدء المؤسسات الخدمية بعمليات إصلاح وترميم المرافق الخدمية فيها”. في هذه الأثناء، أوضح الناشط الإعلامي يوسف معربة، من “تجمع أحرار حوران”، الذي يضم عدداً من الصحافيين والإعلاميين، في حديث مع “العربي الجديد”، أن قوات النظام أنهت عمليات التسوية في كامل الريف الغربي لمحافظة درعا. وأشار إلى أنها نفّذت، أمس الأحد، البند الثاني من بنود التسوية، المتعلق بانتشار قوات النظام في المناطق الخاضعة للتسوية، وذلك في مدينة نوى كبرى مدن المحافظة، والتي تضمّ أكبر تجمع سكاني في ريف المحافظة بعدد سكان يبلغ 120 ألف نسمة. وذكر أن قوات النظام انتقلت، أمس، إلى إجراء التسويات في عموم ريف درعا الشمالي، أو ما تُعرف بمنطقة الجيدور، والتي تضم بلدات عدة، منها جاسم، الحارة، انخل، النمر، الصنمين، محجة، كفر شمس، وغيرها. وكانت عمليات التسوية في محافظة درعا قد بدأت مطلع الشهر الماضي، انطلاقاً من منطقة درعا البلد التي استعصت على قوات النظام، على الرغم من حصارها لنحو ثلاثة أشهر. وتدخّل الجانب الروسي وفرض ما سُمي بـ”خريطة حل” تتضمن إجراء تسويات للمطلوبين، وتسليم السلاح الفردي والمتوسط والقيام بعمليات تفتيش منازل بوجود روسي وشخصيات محلية، لضمان عدم قيام قوات النظام بعمليات نهب وتعفيش وانتقامات. وعلى الرغم من إجراءات التسوية وتوقف العمليات العسكرية في محافظة درعا، إلا أن “تجمع أحرار حوران” أكد في تقرير له أن شهر سبتمبر الماضي شهد 72 حالة اعتقال، بينهم امرأتان وخمسة أطفال، على يد قوات النظام، أُفرج عن 21 منهم لاحقاً. وأشار مدير مكتب توثيق الانتهاكات في التجمع، عاصم الزعبي، في تصريحات صحافية، إلى “أنّ أعداد المعتقلين في محافظة درعا تعتبر أكبر من الرقم الموثق لدى المكتب”، موضحاً أن العديد من أهالي المعتقلين “يمتنعون عن الإدلاء بمعلومات عن أبنائهم لدوافع أمنيّة”. في الشمال الغربي من سورية، لا يزال التصعيد العسكري من قبل الجانب الروسي والنظام مستمراً في إدلب، بعد أيام قليلة من القمة التي جمعت الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي.
وأظهر التصعيد عجز أنقرة وموسكو عن ردم هوة خلافهما حول مصير محافظة إدلب ومحيطها. وذكر ناشطون محليون أن طائرات حربية روسية قصفت بالصواريخ محيط قرية الكندة، في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، الذي لا يزال قسم منه خارج سيطرة قوات النظام، تحديداً بعض التلال، وفي مقدمتها تلة الكبّانة. وفي السياق، دارت، فجر أمس الأحد، اشتباكات متقطعة بين فصائل المعارضة وقوات النظام على محور العميقة في سهل الغاب، شمالي غرب حماة، ترافقت مع قصف صاروخي متبادل، بالتزامن مع تحليق طيران الاستطلاع الروسي بشكل مكثف في أجواء المنطقة. إلى ذلك، عاد النظام إلى تكرار اتهاماته لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) بالسعي لافتعال سيناريو هجوم كيميائي في الشمال الغربي من سورية واتهام قوات النظام بالقيام به. وادّعت وسائل إعلام النظام أن “تنظيم جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وبمساعدة خبراء أجانب، نقل شحنة من الصواريخ التي تحمل رؤوساً سامة إلى مناطق عدة بريف إدلب الجنوبي، وإلى منطقة سهل الغاب بريف حماة”.
المصدر: العربي الجديد