أكد خبراء اقتصاد وقياديون سابقون في القطاع الحكومي السوري أن طرح نظام بشار الأسد عدداً من المصانع المتوقفة عن العمل للاستثمار والتشاركية يستهدف تمليك شركاء الحرب، وليس المستثمرين العاديين.
وأعلنت وزارة الصناعة في حكومة بشار الأسد، أمس الاثنين، وبعد تأجيل لست سنوات، القانون رقم 5 لعام 2016، طرح 38 منشأة إنتاجية “متوقفة بسبب الحرب” للاستثمار بمشاركة شركات وأفراد من القطاع الخاص والدول الصديقة لإعادة بناء وتأهيل وتوفير كل ما يلزم لإعادة تشغيل هذه المنشآت ضمن نشاطها الأساسي أو أي نشاط آخر ينسجم مع طبيعة الموقع والأهمية الصناعية.
ويؤكد المهندس سمير رمان لـ”العربي الجديد” أن خطة نظام الأسد، حددت طرح 50 شركة من القطاع الصناعي الحكومي للتشاركية أو البيع، بعذر أنها خاسرة ومتوقفة بسبب الحرب، متوقعاً أن يتبع إعلان وزارة الصناعة، عرض آخر للبيع بحجة أنها غير متناسبة مع النسيج الاقتصادي السوري، وأنها وجدت لأسباب تاريخية وقت تفرّد القطاع الحكومي بالاقتصاد.
ويتوقع مدير عام مؤسسة النسيج الحكومية السابق رمان ألا يقدم أي مستثمر محلي على عروض وزارة الصناعة، مرجحاً أن إعلان وزارة الصناعة اليوم، إنما جاء لتمليك شركاء الأسد في الحرب، بأهم مواقع بسورية، لأن الشركات الحكومية المعروضة للاستثمار، تحتل مساحات واسعة في مراكز المدن أو على الطرق الحيوية، مذكراً أن قضية التشاركية ومنذ طرحها، قبل خمسة أعوام، كانت إشارة وزير الاقتصاد وقتذاك، أديب ميالة واضحة، أنها لتنمية العلاقات مع الدول الصديقة، روسيا وإيران وزيادة معدلات الاستثمار و زيادة الاستيراد والتصدير.
ودعت وزارة الصناعة السورية الراغبين بالاستثمار في هذه الشركات، إلى تقديم عروضهم في ديوان الوزارة وذلك لغاية نهاية الدوام الرسمي ليوم الخميس الموافق 18 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، مشيرةً إلى أنه يمكن للمتقدمين الحصول على دفتر الشروط الخاصة مجانا من ديوان الوزارة الكائن في دمشق شارع ميسلون.
خصخصة لا مشاركة
ويقول الاقتصادي السوري حسين جميل لـ”العربي الجديد” إن هناك أسئلة جديرة بالطرح، أولها من يمكن أن يستثمر في مواقع متوقفة وفي بلد لم تزل الحرب دائرة فيه، إلا إن كان وراء الأكمة ما وراءها، أي تمليك وليس مشاركة، بمعنى سيخصخص نظام الأسد القطاع الحكومي وبدأ بشركات متوقفة.
وثاني الأسئلة هو مصير العمال في تلك الشركات، هل سيتم تسريحهم وتعويضهم، أم ستلزم الوزارة الشركاء الجدد بتوظيفهم، وهذه مشكلة سيدفع ثمنها العمال السوريون.
ويضيف جميل، في كل الأحوال، هذه الخطوة تزيد التأكيد على إفلاس نظام الأسد وعجزه عن إعادة تأهيل المواقع الإنتاجية، سواء وفق تخصصها السابق أو اختيار مجالات جديدة ومناسبة للاقتصاد السوري، لكن نظام الأسد اختار الأسهل وطرح الشركات للاستثمار والبيع لاحقاً، لتمويل الحرب التي يشنها على الشعب.
ويرجّح الاقتصادي السوري أن يتم الاستثمار وفق تأجير طويل الأمد، كما فعل النظام مع معمل الأسمدة في حمص ومرفأ طرطوس اللذين أعطاهما لروسيا لـ49 سنة، أو على مبدأ “بي أو تي” لبعض الشركات التي يمكن أن تستمر وإنتاجها مطلوب، مثل “تاميكو” للأدوية، لأن ادعاء نظام الأسد أن جميع الشركات متوقفة، هو كذب وغير دقيق، فبعض الشركات المطروحة اليوم، لم تزل على قيد الإنتاج بل ولها دعم وخصوصية مثل شركة تاميكو.
يذكر أن مجلس الشعب السوري قد أقر نهاية عام 2015، قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص، متذرعاً بحسب تصريحات وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، السابق همام جزائري أن “القانون يضع الإطار القانوني الناظم لترميم وتطوير القطاع العام والمشاريع الإنتاجية والمرافق العامة وضبط عملية التشاركية ضمن قانون وتعليمات كفيلة بتحقيق مصلحة الدولة والتقليل من المديونية والاقتراض العام الخارجي، خاصة في المشاريع ذات التكلفة الكبيرة والبعد الاجتماعي الخدمي وبما يلبى متطلبات إعادة الإعمار”.
المصدر: العربي الجديد