كشف الستار عـــن كتــــــــاب مجهـــــــــول عبدالناصــــــر والثـــــورة الأيرانيـــــه/عرض أمين الغفاري
قبل الأستطراد : ينبغي التعريف بالكتاب وأهميته وبالكاتب ومهامه ودوره . الكتاب طبع عام 2000 ولم يحظ بأي أضواء تحيطه رغم أهميته التاريخيه ،والملاحظ في الجانب الآخر أنه نفذ واختفى تماما من الأسواق . وقد بحثت عنه مليا في الكثير من دور النشر والمكتبات المصريه أواللبنانيه أوعبر المكتبات العربيه في العاصمة البريطانيه وفروعها في العالم العربي وحتى على شبكة الأنترنت فلم أعثر سوى عن اعلان عنه ،ولكنه اعلان شأنه شأن أي سراب خادع لا طائل من ورائه ، حتى تمكنت بعد طول معاناة من استعارة نسخة منه من احد المكاتب الصحفيه بالقاهرة. أصدر هذا الكتاب مركز الدراسات السياسية والأستراتيجيه بجريدة الأهرام ويكشف في مقدمته عن سر اصداره لهذا الكتاب في قوله أنه نموذج حي يصور تاريخيا حقيقة ماكانت عليه العلاقات بين ثورة 23 يوليو بزعامة جمال عبدالناصروقيادات ثورة ايران،وقت أن كانت في طور تأهيل قدراتها لتحرير شعب ايران من جميع صور الأستغلال والاستعباد على يد شاه ايران ونظامه. يتضمن الكتاب الصورة الحقيقيه لأسلوب بداية الأرتباط مابين الثورتين واعداد الأرض المناسبه للقيام بالدور النضالي لثورة ايران. . في تعاون مع مؤسس ثورة 23 يوليو ورائدها . . الى أن أضطرت الظروف النضاليه أبناء ثورة ايران ومناضليها الى الألتجاء الى تغيير موقع ادارة حركتهم ونشاطهم في الخارج الى أرض لبنان لتكون البديل الطبيعي للقاهرة . . في اطار من التفاهم بين قادة ثورتي يوليو وايران . ورغم أن الكتاب اشتمل على الوثائق الرئيسيه في حركة النضال على كافة أوجهه الا أن حقائقه تؤكد وبصورة مستمرة أن التفاهم والتاّخي والأقتناع كان رائد قيادات كلتا الثورتين باقتناع كامل بما يحقق مصلحة كل من الشعب العربي والشعب الايراني . أما الكاتب فهو ضابط من عشرة ضباط كلفهم عبدالناصر عام 1953 برئاسة زكريا محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة اّنذاك بانشاء أول جهاز للمخابرات المصريه بعد زوال أجهزة الأمن السريه التابعه للعهد الملكي السابق ،تخصص فتحي الديب في الشؤون العربيه وقد كرس لها حياته السياسية والأمنيه الحافله بالعديد من الأنجازات ،وأولها انشاء اذاعة ( صوت العرب ) التي برز دورها في اطار حركة التحرر العربي ولمع من خلالها المذيع الأشهر( أحمد سعيد ) ،ولقد كان لافتا وقت رحيل الرجل عام 2003 أن عددا من الدبلوماسيين العرب يتقدمهم السفير سليمان الشيخ سفير الجزائر في القاهرة ومندوبها الدائم لدي الجامعه العربيه قد حرصوا على المشاركه في تقديم واجب العزاء لأسرة الراحل الكريم .يذكر أنه كان أول من قدم المناضل الكبير احمد بن بيلا الى جمال عبدالناصر،وفتحت على أثرها مخازن الجيش المصري لأمداد الثورة الجزائريه بما يلزمها للكفاح .قدم الديب استقالته بعد رحيل عبدالناصر وأثر خلافاته مع الرئيس أنور السادات ،ورحل في هدوء وبلا صخب اعلامي ولم تنشر صحف القاهرة نبأ رحيله ،حتى وان كان الرئيس الأسبق حسني مبارك قد أوفد مندوبا عنه لعزاء الأسرة في المسجد الملحق بالكلية الحربيه بمنطقة مصر الجديده .
تشير مقدمة الكتاب الى المفارقه المثيرة للتأمل أنه بعد قيام الثورة تنكرت الولايات المتحدة للشاه وعائلته وذلك بعد ان تعارضت مصالحها الأقتصاديه والسياسية مع مصلحتة ،ورفضت أن تصبح أرض الولايات المتحدة هي المقر الدائم له،ومن ثم راح يبحث عن مأوى له ولأسرته في جميع انحاء المعمورة ،ولم يجد – وهنا المفارقه – سوى الرئيس أنور السادات صديقا ،ليحقق له هذا الأمل وليتخذ مصرا ملجأ وملاذا له ولأسرته .أي أن مصر – تحت قيادة عبدالناصر – هي التي قدمت يد العون للثورة ضد الشاه ،وكانت مصر أيضا – ولكن تحت قيادة السادات – هي التي قدمت يد العون للشاه تحديا للثورة، وفي تجاهل تام للدور المعادي الذي قام به الشاه ضد ثورة مصر وموقفه المتعنت الى جانب اسرائيل ومخططاتها العدوانيه ضد الشعب العربي ،ولم يكن لهذا الدور مايبرره سوى عاملين رئيسيين أولهما :الحقد الشخصي على الثورة المصريه واستشعار خطرها على نظام حكمه
وتخوفه من قيام دولة الوحدة العربيه على حدود ايران ومن ثم يصبح انتقال عدوى الثورة على أوضاعه أمرا حتميا .ثانيهما : الأستجابه الى تعليمات السياسة الأمريكيه القاضية بدعم اسرائيل
اعتبارها ركيزة التصدي لكفاح الأمة العربيه لتحقيق وحدتها المنشودة .الفصل الأول في الكتاب : يكشف في سطوره تطور العلاقه مع الشاه ابتداء من انقلاب محمد مصدق في ايران الذي لاقى ترحيبا كبيرا على الساحة العربيه ،وقد قام بزيارة للقاهرة ،واستقبل بحفاوة من عبدالناصر ولكن بعد ان انتكست حركة مصدق وعاد الشاه الى طهران قام باحكام قبضته على ايران واتخذ موقف العداء من ثورة يوليو في القاهرة ،في صور متعددة أبرزها :-1 – تقارب حكومة الشاه مع اسرائيل :كان الشاه قد اعترف باسرائيل في مارس عام 1950 الا أن محمد مصدق بعد نجاحه في انقلابه ضد الشاه واحكامه السيطرة على السياسة الأيرانيه سارع في يونيو عام 1951 بسحب مبعوث بلاده من تل ابيب وتجميد هذا الأعتراف ، ولكن بعد عودة الشاه الى عرشه قام بفتح كل الأبواب على مصراعيها بأشكال متعددة منها مساهمة الشركات الأسرائيليه في مشروع المياه بعبدان ،تبادل البعثات الأقتصاديه والثقافيه والرياضيه واستقبال الوفود البرلمانيه ،وممارسة مكتب الوكالة الأسرائيليه بطهران نشاطه في جمع التبرعات من يهود ايران وتشجيع الهجرة الى فلسطين واستثمار اموال يهوديه في ايران ،وامدادها باحتياجات اسرائيل البترولية ،ومشاركة اسرائيل في جميع المؤتمرات الدوليه التي تقام في ايران، ثم اعتراف الشاه باسرائيل في مؤتمره الصحفي عام 1960 ، وتبع ذلك استقبال عدد من المسؤولين الأسرائيليين دافيد بن جريون يونيه 62 وموشى ديان مايو 63 كوزير للزراعه الأسرائيليه ودراسة استغلال المياه الجوفيه بمنطقة قزوين .2 – انضمام ايران الى ( حلف السنتو) الذي عرف فيما بعد باسم ( حلف بغداد ) في الوقت الذي كانت فيه مصر تناهض سياسة الأحلاف وتلتزم بسياسة عدم الأنحياز .3 – الحلف الآري ،وقد برزت فكرته كمحاولة من الولايات المتحدة بعد فشل حلف بغداد ان تضم ايران وباكستان وأفغانستان فيما سمي بالأتحاد الآري للرد على قيام الجمهورية العربيه المتحدة عام 1958 وقد تصور من تستروا وراء اقامة هذا الحلف ان وحدة الجنس والدين وتقارب اللغة بين شعوب الدول الثلاث تصلحا اساسا لقيام اتحاد ،وبرغم تحمس ايران لهذا الحلف أو الأتحاد كمحاولة لأيجاد بديل لحلف بغداد وتحقق اهداف أخرى من خلاله ومنها ان انضمام افغانستان الى هذا الحلف يتيح الفرصة لأقامة قواعد عسكريه امريكيه على أرضها وعلى الحدود الجنوبيه للأتحاد السوفييتي ،ومواجهة تيار التحرر العربي الذي يشكل خطوره على مصالح الدول الغربيه ونفوذها بالمنطقة ومن ثم حماية عرش الشاه .ولكن على الرغم من الأصرار الأيراني واستجابة الباكستان لهذه الفكرة تحت ضغوط الولايات المتحدة وبريطانيا فلم تنجح كل محاولات الشاه ليظهر هذا الأتحاد للوجود فلم تتحمس تركيا ولم تقبل افغانستان وظهرت معارضة قويه داخل باكستان ضد انضمامها لهذا الأتحاد حرصا على نظامها الجمهوري .4 – الخليج العربي واطماع الشاه : تعددت مواقف الشاه المعاديه للتيار التحرري العربي الى محاولة تعبئة مشاعر الشعب الأيراني ضد القوميه العربيه مع التركيز على اثارة بعض قضايا الحدود بين حين واّخركلما رغب في تحويل الرأي العام الأيراني عن مشاكله الداخليه على النحو التالي :- أ – قضية شط العرب والعلاقه مع العراق رغم انها منظمة بموجب اتفاقية عام 1931 التي تنص على – يسيطر العراق على شط العرب ،على ان تسيطر ايران على الضفة الشرقيه منه – تقسم الرسوم البالغه مليون دولار سنويا والتي تحصلها السلطات العراقيه على السفن المتوجهه الى عبدان عند مرورها بالمياه العراقيه بالتساوي اي مناصفة بين العراق وايران – الا ان نظام الشاه أثار بصفة مستمرة ضرورة اعفاء السفن الأيرانيه من هذه الرسوم مخالفا نصوص الأتفاقيه كما طالب بتعديل الحدود بين ايران والعراق قرب العمارنه لاعتقاده بوجود بترول في هذه المنطقه بالأضافة الى المطالبه بالأشتراك مع العراق في السيطرة على شط العرب نفسه ،ولجأت سلطات الشاه الى الأعلان عن أن مياهها الأقليمية تمتد الى 12 ميلا في الخليج العربي خاصة بعد تمرد اقليم خوزستان مركز صناعة البترول الذي يتضمن معامل التكرير وموانئ التصدير في
خورمشهر .ب – قضية المطالبه بالبحرين تحت زعم انها جزء من ايران وانها تشكل المديريه الرابعة عشر وجعلها وسيلة لأثارة النزاعات كلما احسوا بسوء الأوضاع الداخلية لأيران ج – الأيقاع بين
النظم العربيه الحاكمه فسعى للتنسيق مع بعض النظم الحاكمه لأثارة المشاكل امام حكومة الثورة في
العراق او محاولة شق الصف العراقي لخلق ضغط مستمر على القوات المسلحه العراقيه .
اتصال الثوار الايرانيين بعبدالناصر
كيف بدأ الأتصال : يقول فتحي الديب كلفني الرئيس عبدالناصر بشغل منصب سفير الجمهورية العربية المتحدة بسويسرا ،وطالبني بالعمل على تحويل موقعي بسفارة سويسرا ليكون مركز اتصال متقدم لثورة يوليو منفتحا على العالم الخارجي مستفيدا من الموقع الأستراتيجي المتوسط لسويسرا ( الدولة الأوروبيه المحايده ) . وما ان انتهيت من مهمتي الرئيسيه الأولى التي كلفني بها عبدالناصر لمساندة الأخوة الجزائريين في مفاوضتهم مع الجانب الفرنسي ونجاح مفاوضات ( ايفيان) وبدء وضع بنودها موضع التنفيذ على طريق تحقيق الأستقلال الجزائري. كان ممثلو شعب ايران من اوائل قادة النضال الوطني الذين باشروا اتصالاتهم بي على النحو التالي . في اليوم الثاني من فبراير عام 1963 حضر للألتقاء بي بمبنى السفارة في ( برن) محمد ناصر قاشقاي مقدما نفسه كرئيس لقبائل قاشقاي التي تقيم بالجبال الممتده جنوب غرب ايران موضحا انه اضطر هو واخوته عبدالله وحسين وخسرو الى مغادرة الأراضي الأيرانيه وروى تفاصيل معاركهم مع نظام الشاه ( يقدم الكتاب تفاصيلها ) وموجزها انهم تمكنوا من اعداد مقاتلين ( عشرة اّلآف مقاتل مزودين بالبنادق وبعض المعدات العسكريه والأسلحة وقاتلوا قوات الجيش على أرض قبائلهم وسيطروا على المنطقه الا ان الشاه استعاد السيطره باستخدام قوات عسكريه وطيران ،ولم يتمكنوا من طلب النجدة من قبائل بختياري التي سبق وان اتفقوا مع رئيسهم لمساندتهم ،ومباشرة القيام بحرب عصابات ضد قوات الشاه ذات الروح المعنويه المنخفضه والتي لاترغب في مقاتلة الشعب مكتفين بتحصنهم في مواقعهم . استمرقاشقاي في الشرح وعلاقتهم بالطلاب وانتفاضاتهم في الداخل وقمع الشاه لهم وعلاقتهم بالطلاب في الخارج في اوروبا والولايات المتحدة الأمريكيه على النحو التالي ( 4000 طالب في المانيا الغربيه و3000 بالنمسا و4000 في انجلترا و500 في سويسرا و5000 في امريكا ويعتبر تنظيمهم هو الأفضل انضباطا وقدرة على العمل ،وهذا التجمع الطلابي مصدر ازعاج للشاه بشكل مستمر. قدم قاشقاي نشرة يوزعها الطلاب الأيرانيون في أوروبا باسم ( الجبهة الوطنيه الأيرانيه ) صورة لها ملحق رقم 2. استطرد قاشقاي فقال ان هناك احد رجال الدين وهو الأمام الخوميني ذو تأثير كبير على رجال الدين وجميع افراد الشعب وأنه قد أفتى بأن الشاه كافر وخارج عل الدين مما دفع الشاه الى ابعاده عن أرض ايران ،وذكر أنه عل علاقه وطيده بالقيادات الدينيه وكذا الزعامات السياسية وتفاهمه معهم لمعاودة القيام بالنضال المسلح ضد الشاه متعاونين مع كل رؤساء القبائل المعاديه للشاه وسياسة القمع التي يمارسها ضد القوى الوطنيه الأيرانيه . أخرج السيد محمد ناصر قشقاي من اوراقه خريطه لايران ( ملحق رقم 1 ) موضحا عليها مواقع القبائل التي تم الأتفاق مع رؤسائها على القيام بثورة مسلحة ضد الشاه وهي قبائل باختياري وجافان روت ( الكرديه) وذلك من خلال اتصالات سريه قائمه بينه وبين رؤساء هذه القبائل من مقره اّنذاك بجنيف سويسرا .
مطالب الجبهة الوطنيه الأيرانيه
لخص قاشقاي مطالبهم في التالي :- 1 – الامداد ببعض الأسلحة الأتوماتيكيه المفيده في حرب العصابات وكذا القنابل اليدويه والألغام 2- تدريب بعض الأفراد على أساليب حرب العصابات في القاهرة 3- امدادهم بمبلغ مائتي الف دولاريسلم نصفها لقبائل جافان روت لأعداد مقاتليهم للمشاركة في حرب العصابات والنصف الآخر يتم انفاقه في تزويد قبائل قاشقاي وباختياري باحتياجات القتال 4
– تجهيز مبلغ مليوني دولارللصرف منها على احتياجات قبائل الجنوب المضادة لسياسات الشاه والتي سيتم تشجيعها للأنضمام الى جانب حركتهم الثوريه بمجرد مباشرتهم لحرب العصابات .
تحريات فتحي الديب عن الجبهة الوطنية الأيرانيه
يقول فتحي الديب أنه قبل عرض الأمر على عبدالناصر كان لابد لي من جمع المعلومات عن هذه الجبهة الأيرانية وقد توصلت الى الآتي ،تسيطر الجبهة على جميع الهيئات الأد\ارية والأتحادات
الطلابيه الموجودة في الخارج وخاصة ألمانيا والمركز الرئيسي لهذا التنظيم الطلابي في أوروبا يوجد
الطلابيه الموجودة في الخارج وخاصة ألمانيا والمركز الرئيسي لهذا التنظيم الطلابي في أوروبا يوجد في جنيف بسويسرا وترأسه لجنة تنفيذية عليا برئاسة السيد محمد ناصر قاشقاي المقيم بجنيف والذي يرأس قبيلة قاشقاي التي تقيم في اقليم فاوس وقد سبق لهذه القبيلة ان قامت بعصيان مسلح ضد الشاه،واضطرت لايقاف القتال بعد ضرب الطائرات الأيرانيه للمنطقة بالقنابل وتكبيدها خسائر كبيرة في صفوف مقاتليها . . التنظيم الطلابي في ألمانيا يتخذ من مدينة( كييل) مقرا له وهو تابع لجنيف ويقوم بنقل تعليمات القيادة من جنيف الى الفروع في ألمانيا ويتكون من ثلاثة أفراد الساده زار نيكافش وحسن مسالي والدكتور كاظمي . يرأس تنظيم هامبورج الدكتور كارجوزاد وفي بون أسد ياهاري وسيد جلال وتثق الجبهة الوطنيه ثقة كامله بالمدعو محمد ناصر قاشقاي .
رد عبدالناصر على مطالب الجبهة الوطنيه الأيرانيه
فور وصولي للقاهرة استقبلني الرئيس جمال ليستمع مني لما ذكره لي السيد قاشقاي واكتشفت ان ما أطرحه ليس جديدا على مسامع الرئيس ،وبعد استماعه الى الأستيضاحات المطوله عن أوضاع أسرة قاشقاي ومدى ارتباطها بقضايا التجمع الطلابي الأيراني بأوروبا وأمريكا التي طرحتها عليه استقر رأيه على التالي :- 1 – توفير فسحة من الوقت لاستكمال تجميع المعلومات عن امكانية نجاح قبائل قاشقاي ومن يناصرهم في مباشرة حرب عصابات ضد نظام الشاه 2 – شكوكه في امكان تأثيرهم على القبائل الكرديه لمناصرة حركتهم 3 – عدم ايمانه بأسلوب شراء القبائل الذي طرحه السيد قاشقاي مع تأكيده أن اي تحرك نضالي لاينبع من ضمير كل المشاركين فيه لن يكتب له النجاح بالأضافة الى أهمية اعتماد أي حركة ثوريه على امكاناتها المحلية بالدرجة الأولى وأن أي دعم خارجي يجب أن يكون عاملا مساعدا للأمداد بما هو غير متوافر محليا .اختتم الرئيس عبدالناصر اللقاء بتوجيهاته التاليه 1 – الأبقاء على الأتصال برئيس قبائل قاشقاي والمساهمة في دعم قدرته على الحركة 2 – التركيز على التجمع الطلابي الأيراني في أوروبا باعتباره يجسد القاعدة الشعبيه العريضه لتفاعل الفكر الثوري ولأرتباطه الواضح بالقوى الوطنيه الأيرانيه 3 – التريث في الأقدام على أي خطوة الى ان تتبلور الأوضاع داخل ايران لصالح القيام بنضال ثوري .
الأتصـــــــــــال الثانـــــــــــــــي . . ( حركة الحرية الأيرانيه )
كان الأتصال الثاني من( حركة الحريه الأيرانيه ) وهذه الحركه هي احدى تنظيمات الجبهة الوطنيه ويرأس تنظيمها العلني المهندس باذرجان وهي تمثل الحركة التقدميه الأشتراكيه الأيجابيه داخل الجبهة وهم يعتبرون ان الجبهة بوضعها الحالي غير صالحة لقيادة الحركة الوطنيه في ايران وخاصة بعد أن تمكن الشاه من استمالة اعضاء حزب ايران الذين كانوا يمثلون الأغلبية في قيادة الجبهة، وهي حركة وطنيه لها امتداد سابق ،فهي تضم اعضاء حركة المقاومة الأيرانية التي تشكلت سرا بعد سقوط عهد مصدق ،وهي تضم معظم العناصر المثقفة ذوي الميول الوطنيه،ومنها الطلقاني والخوميني ومنتظري وتعتبر هذه الحركة هي التنظيم الوحيد الذي له تأثير واضح على رجال الدين والبازار بطهران كما نجح اعضاؤها في الخارج في السيطره على التنظيمات الطلابيه بكل من امريكا وبريطانيا . وبتفويض من السيد محمود طلقاني وكان مسجونا في ذلك الوقت في ايران جاء مندوبه السيد /علي شريفيان رضوي صباح يوم 12 ابريل عام 1963 الى السفاره في برن في محاولة للأتصال بالمسؤولين في الجمهوريه العربيه المتحدة التي تنال قيادتها ثقة كل الأحرار الايرانيين ،وقال السيد شريفيان ان حركة الحرية الايرانيه هي احدى مكونات الجبهة الوطنيه الأيرانيه ،الا ان الجبهة الوطنيه بوضعها الحالي غير قادرة على تحريك قوى الشعب لعدم ثقة الشعب الايراني في رجال الأحزاب بالأضافة ان رجال الدين ليسوا على استعداد للتعاون مع الحزبيين ،وأن حركة الحريه
الأيرانيه بزعامة رئيسها طلقاني ( المسجون ) ترى ضرورة تجميع رجال الدين المخلصين ورجال السياسة الوطنيين لتكوين قيادة جديدة للنضال الوطني .لخص علي شريفيان مخطط وحركة الحريه
الأيرانيه في عناصرعدة كان ابرزها تجميع رجال الدين والسياسيين في جبهة واحده وان الوصول الى طبقات المزارعين والعمال سيكون يسيرا عن طريق رجال الدين ،وأنهم لايريدون الدخول في
صراعات علنية مع بقية القوى الأخرى،مع ضرورة خلق قيادة جديدة ثوريه واعيه ،وان المطلوب اقامة نظام حكم وطني ديموقراطي يعتمد على مبادئ الدين الأسلامي . وأن اسلوب الخطه الأساسي يشمل – تعبئة جماهير المدن والريف – النفاذ الى داخل الجيش – تحريض القبائل – رعاية اسر الشهداء والمسجونين – تطوير الأذاعة الموجهة من القاهرة لتكون لسان حال الجبهة الأيرانيه الثوريه – الاستعانه بكل وسائل الأعلام القاهريه ،وأخيرا ( انشاء هيئة عربيه ايرانيه تنسق مع الحركة الوطنيه في ايران ) وأن ثقتهم كبيرة في الرئيس عبدالناصر ،وفي حالة اقراره لذلك سيقوم وفد يمثل حركة الحريه ومن يؤيدهم من رجال الدين بالسفر للقاهرة ولقاء المسؤولين هناك .قام فتحي الديب بتقديم عدة استفسارات بعد هذا الطرح عن العلاقه مع السيد قاشقاي والقبائل التي يمثلها وعن مدى تمثيله للتجمع الطلابي ام انه مبعوث فقط من السيد طلقاني ،وعاد السيد علي شريفيان فذكر عن ان امكاناتهم المادية وخبرتهم في مجال الأعداد والتخطيط للثورة قاصرة وانهم يعتمدون بصورة كامله على ثورة 23 يوليو لدعم قدراتهم . يذكر فتحي الديب انه بعد لقائه مع شريفيان اتصل به ممثلون للتجمع الطلابي للجبهة الوطنيه بأوروبا وباشروا هم ايضا عرض مخططاتهم النضاليه ضد الشاه ،وأملهم في دعم الجمهوريه العربيه المتحدة لقدراتهم في هذا المجال . يفرد الكاتب العديد من الصفحات حول لقاءاته مع ممثلي الجبهة الوطنيه في شهر يوليو عام 1963 ومحاولته ايجاد نوع من التنسيق بين الجبهة الوطنيه واّل قاشقاي ونجاحه في ذلك ثم اجتماعه مع اعضاء اللجنه المركزيه للجبهة الوطنيه الأيرانيه الموجودين بألمانيا للأتفاق على الخطه الكامله واحتياجاتهم من الجمهورية العربيه المتحده ،يقول حضر الى لقائي 2 يوليو 1963 د. مكري الأستاذ بجامعة السربون ( كردي الأصل) د.راسخ طبيب بشري في المانيا السيد حسن مسالي سكرتير اللجنه المركزيه علي شاكري رئيس رابطة الطلبه الأيرانيين – الدكتور شابور رافزاني زعيم قبائل الأكراد الايرانيه وقد أكد الجميع تفاصيل تشكيل وخطة الجبهة الوطنيه وزادوا ان تعليمات الجبهة داخل ايران هي الأعتماد على امكاناتهم المادية في الداخل وعدم طلب أو قبول أي معونه خارجيه ( لم تكن لدي الأخوة أي معلومات عن تفاصيل اتصالات محمد ناصر قاشقاي بنا كما أنهم ليسوا في الصورة بالنسبة للمبالغ السابق طلبها بمعرفته والتي قمت بتسليمها اياه بمعرفتي ) وذكروا ان الجبهة الوطنيه سوف تعقد مؤتمرا عاما يوم 15 اغسطس عام 1963 بألمانيا يضم جميع اعضاء الجبهة في الخارج وبعض الأعضاء من الداخل لدراسة الأوضاع الحاليه في ايران وطلبوا ان يحضر الأجتماع ممثل من التنظيم السياسي في مصر ( الأتحاد الأشتراكي العربي) خاصة انهم وجهوا الدعوة لممثلين من جميع الأحزاب الوطنيه في مختلف الدول كما وجهوا الدعوة لبعض الصحفيين لحضور المؤتمر. كانت طلباتهم من القاهرة الآتي :- توفير المكان اللازم للتدريب العسكري لحوالي مائة شخص – توفير بعض الأسلحة الخفيفه والمفرقعات لتزويد الحركة بالداخل مع تزويدهم بالخبره الفنيه في ممارسة حرب العصابات التأييد الأعلامي لمساندة حركة الكفاح الأيراني وفي ختام اللقاء ركزوا على اهمية السريه وتركيز النشاط والحركة الثوريه بعيدا عن اي منظمة سياسية غير وطنيه مكررين رفضهم للتعاون مع الحزب الشيوعي لأنهم لايؤمنون بأي توجيه سياسي يأتي من الشرق أو الغرب وأن الأكراد في الحركه في الأساس ايرانيون ولايؤيدون حركة البرازاني – عدم الأعتماد على الجيش لأن غالبية قادة الوحدات تبدأ من رتبة صاغ ( رائد) من أنصار الشاه .
تقرير فتحي الديب
قام فتحي الديب بتلخيص حصيلة اللقاءات في تقرير واحد رفعه للرئيس عبدالناصر.،وكان واضحا من تقرير السيد فتحي الديب أنه أصبح أكثر وزنا لحركة الحريه الأيرانيه مع تقديره ان كلا من الجبهة الوطنيه وحركة الحريه يضمون عناص مثقفة وواعيه لها وزنها وتأثيرها في التجمع الطلابي الأيراني
الذي يتولون حركته في اوروبا وامريكا ،وأنهم جميعا يرفضون التعاون مع الحزب الشيوعي ،وأن كان ممثلو حركة الحريه الأيرانيه يركزون على أهمية وضرورة مساندة المخلصين الوطنيين من رجال
الدين لحركتهم الثورية ولما لهم من قدرات وتأثير في اعداد وتهيئة الشعب لهذه الخطوة التحررية الهامة ،وأن الأمر في النهاية يتطلب قيام الجمهورية العربيه المتحدة بمحاولة توحيد الجهود لجمع
العناصر الوطنيه الأيرانيه ،مع تجنب الأندفاع في اتخاذ مواقف حديه ،وقد وافق الرئيس على القيام بمحاولة التوفيق والوصول الى مخطط واحد ،واستمر فتحي الديب في لقاءاته وحضور مؤتمراتهم .
بعد اكتمال صورة نشاط الجبهة الوطنيه الأيرانيه داخل وخارج ايران ووضوح اقتصار تأثيرها على التجمع الطلابي الأيراني في اوروبا وعجز قياداتها داخل ايران عن القيام بأي دور ايجابي ضد نظام الشاه وبعدان فقدت – كما اكدت كل المصادر – ثقة الشعب بها وتم وصم اعضائها بالعمالة للشاه ،وتنفيذا لتعليمات الرئيس عبدالناصر بالأهتمام بدراسة جميع الأنشطة الشعبيه الأيرانيه ضد هذا النظام كان لابد من أستكمال معرفة تفاصيل مخطط وقدرات ( حركة الحرية الأيرانيه ) التي سبق لها وأن فوضت من قبل علي شريفيان من أجل الأتصال بنا وعرض مخططاتها علينا لمساندتها في التخلص من نظام الشاه واقامة نظام حكم شعبي اشتراكي اسلامي والتعرف كذلك على مايمكن ان تقدمه قيادة ثورة 23 يوليو في هذه المساندة لحركتها الثوريه وعلى ضوء جدية وايجابية مخططهم النضالي ،قام فتحي الديب اواخر اغسطس عام 1963 بالأتصال بالسيد علي شريفيان لتحقيق هذا الهدف. وصل الى برن اوائل سيبتمبر ابراهيم يازدي احد قادة التجمع الطلابي الأيراني في الولايات المتحدة الأمريكيه بتفويض من قيادة ( حركة الحريه الأيرانيه ) في داخل ايران وفي خارجها لمناقشة أسلوب التعامل المرتقب معهم في اطار القرار الذي سيتخذه الرئيس عبدالناصرفي مجال دعم نضال شعب ايران ،ويقول فتحي الديب انني طلبت من الأخ يازدي أن يلحق بي في القاهرة خلال يومين ،وأن يعمل على اعداد تقرير واقعي تفصيلي لفكر ومخطط الأخوة قادة ( حركة الحريه الأيرانيه) متضمنا الأمكانات الحقيقيه والفعليه لحركتهم النضاليه وكل مايلزمهم على ضوء تلك الأمكانات من مساعدات،ويستطرد سافرت للقاهرة في منتصف سيبتمبرنظرا لأستدعاء الرئيس عبدالناصر لي لبحث موضوعات كانت معلقه وتمس العلاقات السويسريه المصريه للوصول الى حل لها فيما لايمس العلاقة الطيبه التي تربطنا بسويسرا . ويقول جاء الأخ ابراهيم يازدي وبصحبته علي شريفيان ،وابراهيم يازدي هو الرجل الأول في التنظيم الخاص بحركة الحريه الايرانيه وهو( الدينامو) المحرك لأعضاء الحركه في امريكا واوروبا، وقد وضع بكل الصدق الذي استشعرته كل الحقائق في التقرير التفصيلي الذي قدمه لي وعرض فيه فكرهم وخطتهم ( ينشر فتحي الديب النص كاملا ) ويلاحظ في التقرير تلك العبارات ( لن تنجح الحركة الوطنيه الأيرانيه الا بالتعاون الجاد المثمر مع رجال الدين وهذه حقيقه لايمكن انكارها ومع الأسف ان القياده الحاليه للجبهة الوطنيه نسيت او تناست هذا وعدم نجاحها يرتبط ارتباطا تاما بهذا الخطأ ) وفي فقرة أخرى ( ان لسان المزارع والعامل والكادح في بلد اسلامي مثل ايران – حيث قوة الدين مازالت تسيطر على القلوب والأفكار- هو لسان الدين ) . ويعرض يازدي في صوره مبسطه خطة العمل الثوري في اتجاهات متعددة مبينا الفروق في العمل بين المدن والمناطق الجبليه والعمل داخل قوات الجيش واساليب العمل الثوري فيها . كذلك العمل الثوري في مناطق القبائل وان حرب العصابات تحتاج الى السلاح والمال وحماية اسر الشهداء والمسجونين .
عبدالناصر واستفسارات قبل دعم الثورة
يقول فتحي الديب لم يمض سوى ثلاثة ايام على تسليمي التقرير لمكتب الرئاسة حتى طلبني الرئيس عبدالناصر وابدى ملاحظاته على تقرير ابراهيم يازدي وحاجته الى وقت طويل الى اعداد وتهيئة الظروف للثورة،وأنه وفقا لتوزيع الأختصاصات بين اعضاء مجلس الرئاسة في الجمهورية العربيه المتحدة فانه عهد الى السيد كمال رفعت بمتابعة موضوع ايران بالتعاون معي واختتم حديثه بالقول ( أنا موافق من حيث المبدأ على دعم ثورة ايران وعليك انت وكمال رفعت التعرف على موقف الأخوة الأيرانيين من القضايا التاليه 1- موضوع نظام الحكم كما خططوا له بعد نجاح الثورة مع توضيح
الأساس الاقتصادي والأجتماعي لنظامهم المزمع اقامته 2- علاقتهم بالنظام الدولي 3- موقفهم من المصالح الأجنبيه الموجوده في ايران حاليا 4 – القوميه العربيه كفكرة 5 – المشكله الكرديه 6 –
الشيعه العراقيون 7- الموقف من اسرائيل 8 – الخليج العربي ومااّثاره الشاه من قضايا الحدود . وأضاف عبد الناصر ( من المهم تأكيدي على ضرورة اهتمامهم بتوفير امكانات العمل الثوري محليا
لتكون مساعدتنا لهم في حدود الأمكانات المتاحة لدينا وفي اطار تزويدهم بما لايمكنهم توفيره لديهم محليا وليس في قدراتهم المتاحه ). عقد اجتماع ضم من مصر كمال رفعت عضو مجلس الرئاسة – فتحي الديب ومن حركة الحريه الأيرانيه ابراهيم يازدي – علي شريفيان وتم ابلاغ الأخوة الأيرانيين بقرار الرئيس المبدئي والتعرف على رؤاهم حول القضايا التي طرحها الرئيس عبدالناصر، وطلب ابراهيم يازدي مهله للرجوع الى قيادته في ذلك .
تفاصيل مخطط الثورة الايرانيه
عاد ابراهيم يازدي الى لقاء فتحي الديب وهو يحمل تقريرا بخط يده وذكر انه بالتعاون مع بعض اعضاء قيادة ( حركة الحريه الأيرانيه ) الموجودين خارج ايران قد اجتمعوا معا ووضعوا في هذا التقرير كل تفاصيل تحركهم النضالي للأعداد والتنسيق للثورة على المستويين الداخلي والخارجي بالأضافة الى توضيح قدراتهم التنظيميه بالداخل والخارج وضمنوا تقريرهم كل ما استقر عليه اجماعهم حول الشكل الذي ستسير عليه جمهوريتهم الأيرانيه في مجال السياسة الداخليه والخارجيه ( نشر بالكتاب نص التقرير) . تم الأتفاق على عقد اجتماع في القاهرة في الفترة من 9 الى 15 يناير عام 1964 على ان يكون ممثلوا الحركه هم ( مصطفى تشمران – بهرام راستين – ابراهيم يازدي – على شريفيان رضوي – بارفيز امين وأن يزودوا بجوازات سفر مصريه تأكيدا للسريه وقدموا الصور المطلوبه ،وتم ترتيب الزيارة بكل ماتستلزمه قواعد السريه ،وذكر ابراهيم يازدي أن الدكتور مصدق على علم بكل تفاصيل التعاون وانه ابدى سروره بكل مايجري بين الطرفين المصري والأيراني ،ويعرض الكتاب تفاصيل الجلسات وعددها خمس جلسات وكانت الجلسة الختاميه بتاريخ 15 يناير 1964 والتي ابلغهم فيها السيد كمال رفعت عضو مجلس الرئاسة المصري دعم الرئيس عبدالناصر للنضال الأيراني ،مما كان له من وقع طيب وكبير لأعضاء الوفد الأيراني وطلبوا من الوفد المصري رفع تقديرهم العظيم نيابة عن الشعب الأيراني للرئيس عبدالناصر الذي عود العالم الاسلامي والعربي على وقوفه الى جانب الشعوب المقهورة ومساندتها للتخلص من الظلم والاستعباد .في نفس التاريخ سلم الوفد الأيراني للجانب المصري الميثاق الذي يتضمن أصول مبادئهم الفكريه والعقائديه التي ستسير عليها سياستهم الداخليه والخارجيه على النحو التالي :-
نص الميثاق الأيراني الصادر في القاهره 15يناير 1964
باسمه تعالى بناء على انتصار الشعوب الأسلاميه الأخويه واعتلاء كلمتهم أصبح مرتبطا معا ارتباطا قويا وبناء على ضرورة تنفيذ التعاون والمساندةبين هؤلاء الشعوب انفسهم للتخلص من نير الأستعمار والأمبريالية ،نحن خمسة أشخاص من أعضا ء ( حركة الحرية الأيرانيه ) اجتمعنا في القاهرة في الفترة مابين 9/1/ 1964 و 15/1/ 1964 وبعد المباحثات التي أجريت هنا مع المسئولين نقد الآن مبادئنا الفكريه والعقاديه الى اخواننا في الله والأيمان كالآتي ومنه التوفيق
في حقل السياسة الداخليه
1 – ايجاد جمهورية ديموقراطيه اشتراكيه من اجل ابادة الحكم الفردي المستبد وتنفيذ حكومة الشعب على الشعب 2 – تنفيذ الأشتراكيه من اجل تمزيق الأقطاع وتنفيذ عملية تصنيع البلد ومنع الأحتكارات الصناعيه واخيرا توزيع الثروات بين الشعب بطرق عادله 3 – تنفيذ الديموقراطيه مع الأشتراكيه مبنيا على العقيدة بالله وتعبده وعلى أصول ومبادئ الاسلام .
في حقل السياسة الخارجية
1 – مساندة الأمم المتحدة والتعاون الوثيق مع الشعوب غير المنحازة المحايدة وكتلة الدول الأفرو –
اّسيويه 2 – مساندة جميع الكفاحات الموجهة ضد الاستعمار في العالم 3 – تنفيذ سياسة عدم الأنحياز والحياد الأيجابي وعد الأشتراك في الصراع بين الكتلتين الشرقية والغربيه ،وطرد الأحلاف العسكريه
الأستعماريه مثل الحلف المركزي . 4 – اقامة صلات وعلاقات قويه ووطيدة مع الشعوب المسلمة في العالم 5 – اقامة صلات وروابط قويه والتعاون الجاد الوثيق مع الدول الأسلميه المتحررة المنبثقه من
الشعوب 6 – التعاون وتدعيم وحماية حركة الثوره القوميه العربيه في سبيل الوحده العربيه وطرد قاعدة الأستعمار ( اسرائيل) 7 – بناءّ على ان الهنا واحد وكتابنا واحد ورسولنا واحد نحن نستنكر اثارة اختلافات بين المذاهب الاسلاميه خاصة بين الشيعة والسنه ونعتقد أن الاختلافات بين الشيعة والسنة – وكل خلاف عنصري – يجب أن لاتكون مانعة من الوحدة العربيه .كما أنه يجب أن لاتكون ضارة بكيان الأقطار الموجودة حاليا واستقلالها ،ونحن نبذل قصارى جهدنا في سبيل الوحدة الحقيقية بين جميع المسلمين .والله على مانقول شهيد ،والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .توقيعات بارفيز أمين – مصطفى تشمران – بهرام راستين – علي شريفيان رضوي – ابراهيم يازدي . وهكذا تم الأجتماع التاريخي بين الوفد الايراني لحركة الحرية الايرانيه والسيد كمال الدين رفعت وفتحي الديب ممثلين للجمهورية العربية المتحدة ليتم وضع أسس تعاون ودعم ثورة 23 يوليو – طبقا لتوجيهات الرئيس عبدالناصر – لنضال الشعب الايراني المكافح على طريق تفجيره للثورة الشعبيه للقضاء على حكم شاه ايران المستبد .
القاهرة مركز النشاط الجديد
تم تعيين السيد محمد نسيم بجهاز المخابرات المصري لتولي مسؤولية متابعة وتنفيذ ماتم الاتفاق عليه في اجتماع القاهرة السابق ذكره ،والذي يحدد التزامات الجمهورية العربيه المتحدة ،نحو دعم حركة الحريه الأيرنيه باعتبارها الحركة القائدة لنضال الشعب الأيراني، وفي الوقت نفسه تأمين وسيلة الأتصال السريه بالحركه، وحول الألتزامات المالية المطلوبه للأنفاق على تلك المهمة فقد تم الأتفاق مع مدير المخابرات العامة على القيام بالأنفاق – طبقا لتعليمات الرئيس عبدالناصر- من ميزانية المخابرات العامة وتنفيذ الالتزامات الخاصه بهذه العملية السرية المالية مع حصر الملمين بها في اضيق نطاق .وفي يوم 3 مارس عام 1964 يقول فتحي الديب التقيت بالأخ ابراهيم يازدي وأخطرني بان المسؤولين في قيادة الحركه الأيرانيه داخل ايران اسعدهم جدا هذا الأتفاق واعتبروه نقطة تحول رئيسيه في مسيرة حركتهم التحررية وباشروا الأتصال الفوري بالقادة الدينيين المتعاونين مع حركة الحرية الأيرانيه وهم ( اّية الله ميلاني ، واّية الله الخوميني ،واّية الله شريعت مداري ،والزعيم الديني طلقاني المسجون وأحد قادة حركة الحرية الأيرانيه وأحاطوهم علما بتفاصيل اتفاق 15 يناير 1964 ،وأضاف يازدي بأنه جاري التحضير لأتصال بينه وبين اّية الله الخوئي الزعيم الديني الأيراني المقيم في النجف حاليا ،واختتم حديثه ليخطرني بأنهم بصدد اختيار خمسة افراد لتشكيل المكتب الدائم لحركتهم بالقاهرة ،ثلاثة منهم من الداخل ( ذكر أسماؤهم ) واثنين من النشيطين بالخارج ،كما أنهم قاموا بتعيين أحد الأعضاء للأقامة في بيروت كمدير لمكتب الحركة هناك وجار البحث عن شخص اّخر للعمل في كابول كحلقة اتصال مابين الداخل والخارج وكذلك اختيار مذيع للغة التركيه واّخر للغة الكرديه وسيتولان العمل في الأذاعة السريه الموجهة من القاهرة الى ايران وتم وضع برنامج تدريب الدفعة الأولى للقيادات النضاليه الذي تم الأتفاق عليه ومدته عشرة أسابيع ( قدم عرضا تفصيلي للبرنامج )،وسافر
عبد الناصر والثورة الإيرانية،
بقلم عادل حمودة
البيان الإماراتية
غادر عميل المخابرات المصرية مطار بيروت يحمل في جيب خفي في ثيابه 150 ألف دولار, كان عليه أن يوصلها حسب تعليمات جمال عبد الناصر إلى الزعيم الروحي والسياسي آية الله خميني في المدينة الشيعية المقدسة قم ولكن .. في مطار طهران كانت المخابرات الإيرانية الشرسة المعروفة باسم سفاك في انتظاره.. وعرف الرجل بعد دقائق معدودة من العذاب سر العبارة التي يرددها الإيرانيون: (لا تدعو في سرك حتى لا يسمعك السفاك) . كان الخميني قد بعث برسائل لجميع حكام العالم العربي والإسلامي يطلب منهم مساعدة أسر الذين قتلوا في الإنقلاب المضاد الذي قامت به المخابرات المركزية (الأمريكية) لإعادة الشاه إلى عرش (الطاووس) والقضاء على حكومة الدكتور محمد مصدق الوطنية, ومن بين كل من تسلموا الرسائل لم يستجب سوى جمال عبد الناصر, فكلف عبد الحميد السراج مسئول المخابرات في سوريا وكانت الوحدة بين مصر وسوريا لاتزال قائمة بإرسال ذلك المبلغ من الدولارات ليوضع تحت تصرف لجنة الإعانات والمساعدات لسد حاجات الأرامل والايتام.. فكان ما كان. في عام 1982 كشف محمد حسنين هيكل هذه الرواية في كتابه (مدافع آية الله) الذي روى فيه قصة الثورة الإيرانية, وأشار لأول مرة عن العلاقة الخفية بين عبد الناصر والثورة الخمينية, فقد كان أول من اعترف به الخميني عند عودته إلى طهران منتصرا من منفاه في قرية (نوفل لو شاتل) القريبة من باريس هو أن عبد الناصر كان الزعيم الوحيد الذي ساندهم, ولكن هيكل لم يفرط كثيرا في تفاصيل هذه العلاقة, ولا في تفجير أسرارها, وكان علينا أن ننتظر حوالي 18 سنة حتى نعرف الصورة كاملة, من الرجل المسئول عنها, فتحي الديب في كتابه (عبد الناصر وثورة إيران) الذي نشره مؤخرا مركز الدراسات الإستراتيجية بمؤسسة (الأهرام) بعد أن ظل حبيسا في خزانة مؤلفه أكثر من 8 سنوات, وهو كتاب يعتمد على الوثائق النادرة التي تكشف لأول مرة, ورغم ذلك لم يحظ الكتاب بالاهتمام اللائق به, والسبب معروف, أنه ليس من كتب (النميمة) و(البانجو) التي تفسد وتدمر ذاكرة الناس, وتغلق أبوابها بالشمع الأحمر. وفتحي الديب تخرج في الكلية الحربية عام ,1942 وكان ضابط (مظلات) , وحصل على شهادة (أركان الحرب) في عام ,1952 عام قيام الثورة, وعام تغيير النظام السياسي في مصر, وفي العام التالي كان واحدا من الضباط الذين تولوا مسئولية بناء جهاز المخابرات العامة, بتكليف مباشر ومكتوب من (جمال عبد الناصر) في 31 مارس ,1953 وظل عمودا من أعمدتها الأساسية حتى عام ,1960 فعين سفيرا لمصر في سويسرا دون أن ينسى دوره في دعم حركات التحرر في الجزائر وليبيا والسودان واليمن, وإيران, بل أن مهمته الأساسية في السفارة المصرية في (برن) كانت تحويل السفارة إلى مركز اتصال متقدم لثورة يوليو يكون منفتحا على العالم الخارجي مستفيدا من الموقع الاستراتيجي المتوسط لسويسرا المحايدة في قلب أوروبا. في 2 فبراير 1963 جاء للسفارة في (برن) محمد ناصر قاشقاي وقدم نفسه لفتحي الديب كرئيس لقبائل قاشقاي التي تقيم بالجبال الممتدة جنوب غرب إيران, ويزيد تعدادها على المليون نسمة, وقد تمكن الشاه من القضاء على انتفاضتهم العسكرية, فكان أن تحولت الحرب بينهم وبين الجيش الإيراني (700 ألف ضابط وجندي) إلى حرب عصابات, وفي هذا اللقاء سمع فتحي الديب عن الإمام الخميني الذي يحظى بقدرة فائقة على تحريك الشارع والجامعات والتنظيمات الطلابية في الخارج والتي يزيد عدد أعضائها على 18 ألف طالب يدرسون في الجامعات الأوروبية والأمريكية ويشكلون ما يسمى بالجبهة الوطنية الإيرانية ومقرها الرئيسي في جنيف. في ذلك الوقت كانت إيران الشاه على عداء سافر مع الحركة القومية العربية المتنامية والمزدهرة, فقد اعترف الشاه في مارس 1950 بإسرائيل وسمح لها بالتغلغل اقتصاديا في بلاده, وفي الوقت نفسه لم يتردد الشاه في جر بلاده لسياسة الأحلاف الغربية, ولعب دور الشرطي في الخليج العربي. كانت مطالب قاشقاي من مصر المال والسلاح وتدريب رجاله على حرب العصابات في القاهرة, وكانت المبالغ المطلوبة بالملايين, وكان رأي جمال عبد الناصر أنه يرفض أسلوب شراء القبائل, كما أنه كان يرى أن أي حركة نضالية عليها أن تعتمد على مواردها المحلية وإلا تحولت الثورة إلى عملية ارتزاق. وفي 12 أبريل 1963 جاء إلى السفارة المصرية في برن على شريفيان رضوي مندوبا عن محمود طلقاني رئيس حركة الحرية الإيرانية المسجون في ذلك الوقت في سجون الشاه ومفوضا عنه بالاتصال بالمصريين, وكانت مطالب هذه الحركة توفير الحماية لأسر الشهداء والمسجونين السياسيين, وتأهيل بعض الشباب الإيراني وإعدادهم لتولي زمام الحكم في إيران, وتطوير الإذاعة الموجهة إلى الشعب الإيراني من القاهرة, وتركيز الصحافة المصرية وإذاعة صوت العرب التي كان وراء تأسيسها مباشرة فتحي الديب شخصيا على القضية الإيرانية لتصبح قضية جماهيرية. وفي 16 أغسطس 1963 تابعت المخابرات المصرية المؤتمر الثاني للجبهة الوطنية الإيرانية الذي عقد في مدينة (مايتر) بألمانيا وكان الرئيس الشرفي له الدكتور محمد مصدق الذي كان مسجونا في إيران وإن أمكن تهريب خطاب منه عن طريق أحد الحراس وإرساله بالبريد من روما وقد ألقى الخطاب على أعضاء المؤتمر وكان سببا مباشرا لرفع معنوياتهم. وفي أوائل سبتمبر من نفس العام وصل إلى (برن) شخصية إيرانية مهمة, هي إبراهيم يازدي أحد قادة التجمع الإيراني في الولايات المتحدة والمفوض من قيادة حركة الحرية الإيرانية في الداخل, وقد اصبح فيما بعد أول وزير خارجية للثورة بعد نجاحها, وقد التقى فتحي الديب ليناقش التعاون المرتقب معه في إطار القرار المتوقع من جمال عبد الناصر والواضح أنه كان متأنيا كثيرا في اتخاذه, بل أنه لم يتخذه إلا بعد أن جاء إبراهيم يازدي بنفسه إلى القاهرة وكان معه زميله شريفيان وقدم تقريرا تفصيليا رفعه فتحي الديب إلى عبدالناصر (يتضمن الصورة الواقعية لحقيقة إمكاناتهم المتاحة في داخل وخارج إيران, وعرض فيه فكرهم وخطتهم لتهيئة الشعب الإيراني ليباشر نضاله الثوري للإطاحة بالشاه) . وكان رأي عبد الناصر بعد أن قرأ التقرير هو التريث وضرورة البدء بتوحيد جهود القوى الوطنية الإيرانية, ولكنه أضاف: (أنا موافق من حيث المبدأ على دعم الثورة الإيرانية) , وكلف فتحي الديب وكمال الدين رفعت بالتعرف على موقف الإيرانيين بعد نجاح الثورة من موضوع (نظام الحكم والأسس الاقتصادية والاجتماعية لنظامهم المزمع إقامته) , وعلاقتهم بالنظام الدولي, وموقفهم من المصالح الأجنبية الموجودة في إيران, ومن فكرة القومية العربية, والمشكلة الكردية, وإسرائيل, ومشاكل الحدود بين إيران وجيرانها في الخليج. . أن دعم عبد الناصر لم يكن اندفاعا متهورا .. وإنما كان مشروطا بمصلحة المنطقة. وفي 8 ديسمبر 1963 حمل إبراهيم يازدي إجابات الإيرانيين عن الأسئلة التي طرحها عبد الناصر في تقرير بخط يده نشره فتحي الديب لأول مرة, وفيه أنهم سيتخلصون من الشاه ويعلنون الجمهورية الإيرانية, وسيطبقون نظاما إشتراكيا يتماشى والإسلام المستنير, وسيعارضون الأحلاف العسكرية, والاحتفاظ بالتراب الإيراني (الحالي) وإهمال كل ما يثيره الشاه من مشاكل بالنسبة للإمارات العربية في الخليج واعتبار كل ما يطالب به الشاه (مثلا البحرين وغيرها) خلقا لمشاكل لا أساس ولا واقع لها, وهو ما لم تحترمه الثورة الإيرانية فيما بعد. وتقرر عقد اجتماع جديد في القاهرة في الفترة من 9 إلى 15 يناير 1964 اشترك فيه خمسة من قيادات الثورة زودوا بجوازات سفر مصرية تأكيدا للسرية, والمثير للدهشة أنهم وقعوا على إيصالات رسمية باستلام تذاكر الطائرة, وفي الكتاب صور لهذه الإيصالات, وفيه أيضا صور لإيصالات استلام النقود, وبعضها لا يزيد عن 500 فرنك سويسري, وأكبرها لا يزيد عن عشرين ألف فرنك سويسري, وأتصور أن تكلفة العملية كلها لا تزيد على تكلفة حفل ساهر صاخب من حفلات رجال الأعمال الآن, ممن تحايلوا على كسب المليارات دون وجه حق, وممن يشنون حروبا بلا هوادة على العصر الناصري, ويتحدثون عن الأموال المهدرة في تلك الأيام, ليغطوا ما ينعمون به بلا وجه حق هذه الأيام. وقد عقدت في القاهرة خمس جلسات أتفق خلالها على أهداف الثورة وتوجهاتها وأسلوب عملها, وتقرر البدء في تدريب قيادات الثورة فكريا وعسكريا في معسكرات خاصة بالقاهرة في موعد غايته يونيو ,1964 على أن تتولى ذلك المخابرات العامة, وعين محمد نسيم (بطل عملية الحفار ورأفت الهجان الذي اشتهر بلقب نديم قلب الأسد) مسئولا عن المتابعة, حسب تعليمات عبد الناصر, وتولى فتحي الديب نقل هذه التعليمات للإيرانيين الذين سارعوا بنقلها على الفور لزعمائهم الروحيين وهم آية الله ميلاني, وآية الله الخميني, وآية الله شريعت, لتذكيرهم بزيادة الاهتمام بمعارضة الشام, واتحاد المسلمين ضد عدوهم المشترك, إسرائيل والاستعمار بكل أنواعه. واستقر الرأي على تشكيل المكتب الدائم للحركة بالقاهرة من خمسة أفراد جاء ثلاثة منهم من داخل إيران وهم رحيم عطائي, وأحمد عباس سميعي, وأحمد حاج سيد جوادي, وهم من مؤسسي حركة الحرية الإيرانية .. ووضع برنامج التدريب وكانت مدته 10 أسابيع ويتضمن ويشمل قتال الصاعقة وحرب العصابات, والحفاظ على السرية وقواعد الأمن, والعمليات السرية مثل التجنيد والمراقبة, والعمليات الفنية مثل التصوير واستخدام المفرقعات, والدعاية والإعلام وعلم النفس الاجتماعي, والعقائد السياسية. وبينما كان الإيرانيون يتوافدون على القاهرة للتدريب على برنامج دعم الثورة دخلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على الخط, فقد اتصلت الوكالة بخسرو قاشقاي ووعدت بالتخلص من الشاه بدعوى أنه استنفد أغراضه, وأبدت رغبتها في التعاون مع القيادات الوطنية ودعمها ومساندتها في مقابل
الحفاظ على المصالح الأمريكية في حالة سقوط الشاه وانتصار الثورة, وسارع خسرو
قاشقاي بالسفر إلى القاهرة
أسامة شحادة
خاص بالراصد
لا تزال أسرار الثورة الإيرانية لم تكشف بالكامل، فلا زال هناك الكثير من نقاط الغموض في تاريخها، والتي لا تجد لها تفسيراً واضحاً.
في كتاب “عبد الناصر وثورة إيران” لفتحى الديب، السفير السابق لجمال عبد الناصر في سويسرا، والصادر سنة 2000 عن مركز الأهرام للدراسات، يكشف عن اتصال معارضي الشاه بالنظام الناصري لطلب الدعم ضد الشاه سنة 1963م، وأن هذا الموضوع بقي سراً لم يطلع عليه إلا عبد الناصر وسكرتيره كمال رفعت والمؤلف! ولذلك حين تولى السادات الحكم بعد عبد الناصر لم يكن يعلم بهذا.
بحسب ما يقوله الديب عن نفسه فهو أصلاً كان ضابط مخابرات مصرياً، وأن عبد الناصر طلب منه أن تكون السفارة في سويسرا “مركز اتصال متقدم لثورة 23 يوليو منفتحاً على العالم الخارجي” ص 25.
ويوضح الديب أن الاتصال الأول كان من رئيس قبائل قاشقاى، محمد ناصر قاشقاى، عقب فشل انتفاضتهم العسكرية ضد الشاه.
أما الاتصال الثاني فجاء مع حركة الحرية الإيرانية بزعامة محمود طالقانى، والاتصال الثالث جاء مع التجمع الطلابي للجبهة الوطنية بأوربا، ويقول الديب أن تعليمات عبد الناصر كانت تقضي بالتركيز على التجمع الطلابي الإيراني باعتباره يجسد القاعدة العريضة لتفاعل الفكر الثوري!!
ويستغرق الديب في سرد وقائع الاتصالات والتنسيقات والتربيطات بين عبد الناصر وبين هذه القوى المعارضة، وأن إبراهيم يزدي – وزير خارجية الثورة فيما بعد – قد سافر للقاهرة لأجل مزيد من التنسيق والدعم وقدم خطة مفصلة للثورة على الشاه، وفي الخطة التي وضعها يزدي يظهر جلياً المطالبة باستغلال الدين ورجاله في الثورة على الشاه وأهمية ذلك لجذب الجماهير وتحييد الجيش، ومما قاله يزدي: “لن تنجح الحركة الوطنية في إيران إلا بتجميع قوة الدين مع قوة السياسة” ص 59، وأن الهدف النهائي هو “إقامة حكم ثوري وطني ديمقراطي اشتراكي” ص63، أو “حكم ديمقراطي اشتراكي إسلامي وطني” ص 67.
ويقول الديب إن عبد الناصر بعد مطالعته للخطة أكد أن ارتباط الثورة بالزعامات الدينية أمر حيوي و مهم (ص 75)، وطبعاً يتحدث عبد الناصر هنا من واقع خبرة، فبفضل استغلاله لجماعة الإخوان المسلمين ما وصل لحكم مصر!!
وبعد أن تم الاتفاق على الخطة والدعم بدأ عقد دورات في التثقيف السياسي والعسكري للقيادات الإيرانية المعارضة، ودورات على فن حرب العصابات للأفراد في معسكر بعيد عن القاهرة سنة 1964، واستمرت هذه الدورات طيلة سنتي 65/66، ومن ثم انتقل النشاط لبيروت، ويبدو أن هذا تم بالتعاون مع حركة فتح وموسى الصدر.
لكن هزيمة نظام عبد الناصر في حرب 1967م ووفاته بعدها قطع الصلة بين المعارضين للشاه ومصر، بل فتحت صفحة جديدة بين السادات والشاه، وصلت لحد دعم إيران لمصر بالبترول في حرب 1973، التي كافأ السادات الشاه عليها باستقباله في مصر بعد خروجه من بلده!
تنبع أهمية الكتاب من كون معلوماته الجديدة قد تقدم تفسيراً جديداً لعدة مسائل غامضة في تاريخ الثورة الإيرانية مثل:
* سبب لجوء هذه القيادات الليبرالية والعلمانية والاشتراكية للخميني وأمثاله من علماء إيران للتعاون ضد الشاه، بسبب حاجتها للخميني وللعلماء لإقناع الجماهير، وتكشف عن حقيقة دور الخميني في الثورة، وأنه في الحقيقة خطف الثورة ولم يصنعها من خلال المقارنة بين غاية الثورة بحسب خطة إبراهيم يزدي وبين مصير الثورة تحت القبضة الخمينية!!
* كما أنها تفسر سبب وجود نشاط شيعي إيراني معارض للشاه في لبنان من مطلع السبعينيات، منها: طبع كتاب الحكومة الإسلامية للخميني في بيروت منتصف السبعينيات!!
* كما أنها تؤرخ لبداية مرحلة تحول موسى الصدر من معسكر الشاه إلى معسكر خصومه.
المصدر: مجلة الشراع