واصلت قوات النظام السوري مساعيها للضغط على الأهالي في محافظة درعا جنوبي البلاد، التي شهدت أيضاً لقاء مع مسؤولين روس في محاولة لوضع حد للعنف المتصاعد، وسط انتقادات دولية متصاعدة حاولت خارجية النظام الرد عليها، في وقت شهد شمال البلاد تصعيداً من جانب قوات النظام ومليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، حيث قُتل وأصيب العشرات جراء قصف صاروخي على مدينة الباب في ريف حلب الشمالي.
لقاء مع مسؤولين روس
عقد مسؤولون روس مساء الجمعة لقاءً مع أعضاء في “اللجان المركزية في حوران” في محاولة لإيجاد حل يضع حداً للعنف المتصاعد في محافظة درعا جنوبي سورية،
وقال الناشط محمد الحوراني لـ”العربي الجديد” إن المسؤولين الروس وعدوا أعضاء اللجان المركزية بفك الحصار عن درعا البلد، وإيقاف القصف والسعي للتوصل إلى حل يوقف الحملة العسكرية في المحافظة.
وجاء هذا اللقاء بعد أن دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن المحنة التي يعيشها المدنيون في مدينة درعا جنوبي سورية وفي المناطق المحيطة بها، وإشارتها إلى أن الصورة القاتمة التي ترد من درعا البلد وأحياء أخرى، تؤكد المخاطر الحثيثة التي يتعرّض لها المدنيون في هذه المناطق، حيث يواجهون مراراً وتكراراً الاشتباكات وأعمال العنف، وهم في الواقع عالقون تحت الحصار، بينما تعترض طريقهم حواجز التفتيش، كما تُفرض قيود على تحركاتهم، وتعجّ شوارعهم بالدبابات، ويتمّ الاستيلاء على ممتلكاتهم وسرقتها.
تجدد قصف أحياء درعا البلد
وجدّدت قوات النظام مساء اليوم القصف على أحياء درعا البلد بقذائف الهاون والمدفعية، كما قصفت محيط بلدة المزيريب غرب درعا ومدينة جاسم شماليها بقذائف الهاون أيضاً، بحسب “تجمع أحرار حوران”.
وفي وقت سابق اليوم، أصيب عدد من المدنيين جراء قصف مليشيات الفرقة الرابعة التابعة للنظام أحياء درعا البلد المحاصرة، فيما أقدمت قوات النظام على إغلاق طريق “حاجز السرايا” بالسواتر الترابية لمنع خروج النازحين بمركباتهم من الأحياء المحاصرة في مدينة درعا.
وحتى ذلك الحين، كانت المفاوضات بين ضباط النظام وممثلي الأهالي تراوح مكانها، مع إصرار الضباط على اقتحام درعا البلد، واعتقال المطلوبين وجمع السلاح ونشر حواجز في المنطقة. وفي رسالة مصوّرة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الشيخ أحمد الصياصنة، الخطيب السابق للجامع العمري، إن البيان الذي صدر عن أهل حوران أمس “يعبّر أصدق تعبير عن مشاعرنا جميعاً، وعن الوحدة التي ننشدها، وعن الموقف الذي نتطلّع إليه”.
وكان وجهاء عشائر ولجان مدينة درعا اجتمعوا أمس في مدينة طفس في ريف درعا الغربي، على خلفية استقدام النظام والمليشيات الموالية له تعزيزات إلى مدينة درعا وريفها، واستمرار التصعيد في درعا البلد. وصدر عن الاجتماع بيان رفض تهديدات النظام التي يتوعد فيها بالقتل واقتحام درعا البلد وتهجير السكان.
واستنكر البيان “الحشود العسكرية المتزايدة على أرض حوران تحت أي ذريعة كانت، والحصار الظالم الذي يطبق على أهالي درعا البلد وبقية المناطق المحاصرة لتضييق سبل عيشهم”، وطالب بفك الحصار عن درعا البلد وإيقاف الأعمال العسكرية على أرض حوران فوراً، وفك أسر المحتجزين من الأهالي في المزارع المتاخمة لمدينة درعا. كما طالب بوقف تمدّد المليشيات الإيرانية و”حزب الله” اللبناني في الجنوب السوري تحت أي مسمى، وإدخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومستلزمات العيش.
ولم تسفر المفاوضات بين اللجنتين الأمنية التابعة للنظام والمركزية الممثلة للأهالي، عن نتيجة حاسمة حتى الآن، بسبب إصرار ضباط النظام بقيادة رئيس اللجنة الأمنية اللواء حسام لوقا، على الحل الأمني، وتهديدهم المتواصل باقتحام درعا البلد عسكرياً، وفرض شروط سحب الأسلحة ونشر الحواجز الأمنية فيها.
ويواجه تصعيد النظام في الجنوب السوري اهتماماً دولياً متصاعداً، حيث أدانت كلّ من كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي هذا التصعيد، ودعت إلى وقف إطلاق نار فوري في المنطقة.
ومن جهتها، وصفت خارجية النظام السوري، الإدانات الغربية بأنها محاولة “فاشلة ومكشوفة لرفع الضغط عن الإرهابيين في درعا”، بحسب قولها.
وأكد بيان لها أمس الخميس أن النظام لن يوقف حملته لـ”إعادة الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع البلاد، من دون أن يكون هناك استثناء في ذلك مهما علا صراخ بعض الدول”، بحسب تعبيره.
تصعيد في الشمال
وفي شمالي البلاد، أصيب 23 مدنياً منتصف الليلة الماضية، إثر قصف صاروخي استهدف الأحياء السكنية في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، وتسبب بأضرار مادية كبيرة.
وذكر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أن من بين المصابين نساء وأطفالاً، وأن مصدر القصف الصاروخي هو المناطق التي تسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) وقوات النظام السوري شرقي حلب.
وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن القصف الصاروخي تسبّب بدمار عدد من المنازل، وانطلق من قرية شعالة الواقعة غربي مدينة الباب، والتي تخضع لسيطرة مشتركة من قبل قوات النظام و”قسد”.
وذكر الدفاع المدني أن فرق الإسعاف التابعة له تعرضت للاستهداف المزدوج خلال إسعافها المدنيين، مشيراً إلى أن القصف تسبب في حرائق كبيرة في ممتلكات المدنيين.
وقُتل أمس الخميس مدنيان وأصيب اثنان آخران، أحدهما متطوع في الدفاع المدني في قرية حزوان قرب مدينة الباب، إثر استهداف مزدوج بصواريخ موجهة، مصدرها مناطق سيطرة “قسد” وقوات النظام. واستهدف الصاروخ الأول سيارة رافعة تستخدم في صيانة الشبكة الكهربائية، وعند وصول سيارة الإسعاف التابعة للدفاع المدني السوري تم استهدافها بصاروخٍ أدى لاحتراقها.
وتُعدّ مدينة الباب من أكبر مدن ريف حلب الشمالي والشرقي التي سيطرت عليها فصائل “الجيش السوري الوطني” والقوات التركية ضمن عملية “درع الفرات”، من تنظيم “داعش” في أغسطس/آب 2016.
إلى ذلك، قصفت قوات النظام السوري قرى وبلدات بينين وفليفل ومحيط كنصفرة والفطيرة وسفوهن بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، وحميمات والحصن وقليدين بسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، فيما ردت فصائل المعارضة بقصف مواقع قوات النظام على محور كفرنوران بريف حلب الغربي.
المصدر: العربي الجديد