شمال غربي سورية: مقتل أكثر من 100 شخص ربعهم أطفال خلال النصف الأول من العام الجاري

هبة محمد

قتل مدني، وأصيب آخرون، بقصف مدفعي لقوات النظامين السوري والروسي، استهدف قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي شمال غربي سوريا.

وقال مدير القطاع الجنوبي لدى الدفاع المدني السوري في إدلب وليد أصلان إن قوات النظام جددت قصفها المنطقة الجنوبية من إدلب، موقعة قتلى وجرحى، حيث قصفت بلدة البارة في ريف المحافظة الجنوبي، ما أدى إلى مقتل مدني، كما أصيب رجل وابنه بقصف مماثل على قرية مرعيان، بينما شهدت بلدة إحسم قصفا مكثفا استهدف الحقول الزراعية المحيطة بها.

ولفت المتحدث لـ «القدس العربي» إلى أن قصفا شبه يومي تشهده قرى وبلدات جبل الزاوية، المكتظة بالسكان، وأضاف «تنتشر في هذه القرى التي تتعرض للقصف والهجمات العشوائية مخيمات وتجمعات سكانية، نتيجة الهدوء النسبي التي شهدته المنطقة خلال الفترة الماضية» مشيراً إلى صعوبات واجهت فرق الخوذ البيضاء خلال محاولتهم الوصول إلى مواقع الاستهداف بسبب رصد المنطقة بطيران الاستطلاع والقصف المتكرر.

نحو 200 هجوم

ووفقاً لبيان تفصيلي أصدرته منظمة الخوذ البيضاء فإن وتيرة التصعيد البري والجوي للحلف السوري – الروسي، على أرياف حماة وإدلب وحلب واللاذقية، شمال وشمال غربي سوريا ارتفع خلال النصف الأول من هذا العام، لجهة تعمده شن هجمات ممنهجة على المشافي والمرافق الحيوية ومراكز الدفاع المدني السوري، في إطار سياسة القوات المهاجمة بالحفاظ على حالة من اللا حرب واللاسلم، بهدف منع أي حل سياسي على الأرض، ولضمان بقائها المرتبط بحالة التوتر.

ومنذ بداية عام 2021 نفذت قوات النظامين السوري والروسي والميليشيات الداعمة لهما، أكثر من 702 هجمة استهدفت منازل المدنيين والمنشآت الحيوية في شمال غربي سوريا، منها 192 هجوماً خلال شهر حزيران الماضي والأسبوع الأول من شهر تموز الحالي، خلال تصعيد على منطقتي ريف ادلب الجنوبي وريف حماة الشمالي والغربي بشكل خاص، حيث ارتفعت وتيرة الهجمات بالتزامن مع اجتماع دول صيغة أستانا، واقتراب جلسة مجلس الأمن لمناقشة قرار تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود.

واستخدم الحلف وفقاً لبيان الدفاع المدني السوري، آلاف الذخائر عبر هجمات موزعة على 29 هجوماً بالغارات الجوية كان جميعها بالطيران الروسي، و566 هجوماً بالقذائف المدفعية، و65 هجوماً بالصواريخ الثقيلة وراجمات الصواريخ، و27 هجوماً بالصواريخ الموجهة المضادة للدروع، بالإضافة لعدة هجمات أخرى بالقنابل العنقودية والأسلحة الأخرى.

الضحايا

وتسببت تلك الهجمات بمقتل أكثر من 110 أشخاص، من بينهم 23 طفلاً و19 امرأة، ومتطوعان من الدفاع المدني السوري، وتمكنت فرق الدفاع المدني السوري من إنقاذ وإسعاف 296 شخصاً مصاباً، بينهم 52 طفلاً تحت سن الـ 14، و11 متطوعاً بالدفاع المدني السوري، فيما كان شهر حزيران/يونيو والأسبوع الأول من شهر تموز/يوليو، فترة دموية بامتياز قتلت خلالها قوات النظام وروسيا 54 شخصاً، بينهم 11 طفلاً و10 نساء، كما أصيب أكثر من 148 شخصاً.

وتركزت الهجمات التي شنها الحلف السوري – الروسي على منازل المدنيين والمرافق الحيوية في قرى وبلدات الشمال السوري، حيث وثقت منظمة الخوذ البيضاء تعرض أكثر من 24 منشأة حيوية للاستهداف بتلك الهجمات، من ضمنها مستشفيان، ومركزان للدفاع المدني السوري، و 3 مدارس، ومسجد و 4 مخيمات و 5 محطات تكرير وقود، و 4 مرافق عامة، إضافة لعشرات منازل المدنيين. كما تعمدت القوات المهاجمة استهداف الحقول الزراعية بالتزامن مع موسم الحصاد وجني المحاصيل الزراعية، في سياسة ممنهجة لحرمان المدنيين من قوت يومهم وتجويعهم وحصارهم، وأدت الهجمات لحرائق كبيرة بمحاصيل القمح والشعير وحبة البركة، وخاصة في سهل الغاب، إضافة لأضرار في الأراضي الزراعية في جبل الزاوية.

موجة نزوح

وشهدت الشهور الماضية استخدام أسلحة متطورة وذات دقة عالية في استهداف المدنيين وفرق الدفاع المدني السوري، وهي قذائف مدفعية موجهة بالليزر من نوع (كراسنوبول) وهذا ما يؤكد أن القصف ممنهج، يهدف إلى إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا، حيث وثقت فريق الدفاع المدني السوري، استخدام هذا النوع في قصف مشفى الأتارب في 21 آذار/مارس الماضي ومعبر باب الهوى، وفي قرية إبلين في 10 حزيران الماضي، وباستهداف مركز الدفاع المدني السوري في قرية قسطون غربي حماة، ومنازل المدنيين في جبل الزاوية وأريحا.

وشهدت مناطق الشمال السوري أكبر موجة نزوح في سوريا منذ عام 2011، بسبب الهجمات العسكرية والتقدم البري للنظام وروسيا والقصف الذي يستهدف التجمعات السكانية، حيث نزح خلال الأيام الأخيرة من عام 2019 وحتى 5 آذار 2020 أكثر من مليون مدني، أغلبهم نزحوا من ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمالي والغربي، وتوجه أغلب النازحين نحو المناطق الحدودية بريفي إدلب وحلب، ليتجاوز عدد النازحين الكلي في شمال غربي سوريا مليوني مدني معظمهم نزح عدة مرات ومن مناطق مختلفة في سوريا خلال عمر الانتفاضة السورية ضد النظام.

ووفقاً للتقرير، فإن ما يقارب 350 ألف شخص عادوا إلى أرياف إدلب وحماة خلال العام الماضي بعد اتفاق وقف إطلاق النار، كما عاد عدد من العائلات بشكل جزئي مع بداية الموسم الزراعي لجني محاصيلهم، لكن حركة النزوح عادت من عدة مناطق بينها منطقة سهل الغاب وجبل الزاوية، حيث تم تسجيل نزوح آلاف المدنيين جراء تجدد القصف المدفعي والصاروخي اليومي على تلك المناطق.

وينذر استمرار التصعيد بموجة نزوح جديدة نحو المخيمات الحدودية المهددة أساساً بكارثة إنسانية التي يعيش فيها أكثر من مليون ونصف مهجرون قسرياً من عدة مناطق في سوريا، ما يفاقم الحالة الإنسانية للنازحين ويحرمهم من حقهم في الغذاء والدواء بعد أن حرمهم نظام الأسد من حقهم في العيش الآمن.

وتتبع قوات النظام وروسيا سياسة ممنهجة في قصف المنطقة الخارجة عن سيطرتها، وتتعمد التصعيد قبل أي استحقاق سياسي أو اجتماع على المستوى الدولي لبعثرة الأوراق السياسية وفرض واقع عسكري وإنساني يبعد الأنظار عن الحل السياسي الذي يتهرب منه النظام رغم أنه هو الحل الحقيقي للأزمة الإنسانية.

المصدر:  «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى