مجلس الأمن يمدّد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سورية|| خلاف أميركي ـ روسي حول تفسير مدة التفويض للقرار الدولي

علي بردى

تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع الجمعة قراراً يمدد لستة أشهر، قابلة للتجديد وفق شروط، آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود ومن دون موافقة دمشق، وذلك قبل يوم من انتهاء مهلة القرار السابق.
ويجمع النص النهائي بين مشروعين متنافسين، الأول لآيرلندا والنرويج، والثاني لروسيا. إلا أنّ مدّة التمديد محط تأويلين متباينين، إذ تقول الولايات المتحدة إنّها لعام واحد، فيما تؤكد روسيا أنّها لستة أشهر قابلة للتجديد في ضوء تقرير مرتقب لأمين عام الأمم المتحدة في نهاية لعام.
واستمرت المشاورات حتى اللحظة الأخيرة ازاء التصويت. وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته إن الفكرة كانت لمنح “مزيدا من الوقت لاستكمال المفاوضات”، ذلك ان اميركا تريد تمديد معبر باب الهوى لسنة، فيما تمسكت روسيا بستة اشهر للضغط على التعامل مع الحكومة السورية.
وينتهي اليوم( السبت) تفويض الأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر الحدود الساري منذ 2014 والذي تم تخفيضه بشكل حاد في 2020 بضغط من موسكو.
ورفضت روسيا منذ بداية الأسبوع أي مناقشة لمشروع القرار الذي اقترحته إيرلندا والنروج العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن المسؤولان عن الملف الإنساني السوري. وتريد موسكو حليفة دمشق أن يستعيد النظام سيادته على كامل أراضي البلاد.
ومساء الأربعاء، أدخلت إيرلندا والنروج تعديلاً أساسياً على مقترحهما في محاولة منهما لتليين موقف موسكو وإقناعها بتمرير النصّ. وفي صيغته الأساسية كان مشروع القرار ينصّ على أمرين هما: تمديد العمل لمدة سنة بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا من منفذ باب الهوى (شمال غرب) الحدودي مع تركيا، وتوسيع نطاق هذه الآلية بحيث تشمل أيضاً معبر اليعربية الحدودي مع العراق، كما كان عليه الوضع في الماضي.
ويتيح معبر باب الهوى إيصال المساعدات إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في منطقة إدلب، في حين يتيح معبر اليعربية إيصالها إلى المناطق الواقعة في شمال شرق سوريا.
وفي محاولة منهما لإقناع روسيا بتليين موقفها، عدّلت إيرلندا والنروج مساء الأربعاء مشروع القرار بحيث تخلّتا عن مطلب إعادة فتح معبر اليعربية وأبقتا فقط على معبر باب الهوى، بحسب ما أفاد دبلوماسيون.
وتعزو روسيا موقفها الرافض لتمديد العمل بهذه الآلية إلى أنّ المساعدات الدولية يمكن أن تصل إلى محتاجيها من خلال دمشق وعبر الخطوط الأمامية، وهو طرح يرفضه الغرب بشدّة.
وكانت فرنسا هدّدت بوقف المساعدات الدولية إذا لم يمدّد مجلس الأمن العمل بالآلية العابرة للحدود.
وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير مؤخراً إنّ “92% من المساعدات الإنسانية إلى سوريا تقدّمها (أوروبا) والولايات المتحدة وكندا واليابان. لا يتوقعنّ أحد أن يعاد تخصيص هذه الأموال لتوجيهها عبر الخطوط الأمامية”، مشدّداً على أنّ هذا الحلّ ليس مجدياً.
والثلاثاء أعلنت الولايات المتحدة أنّها لن تقبل “بأقلّ مما لدينا اليوم” أي تمديد العمل بالآلية عبر باب الهوى ولمدة عام.
وكانت منظمة “اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية-فرنسا” غير الحكومية الناشطة في سوريا قد دعت الأربعاء إلى الحفاظ على آخر ممر للمساعدات الإنسانية معتبرة أنّه “لا خطة بديلة” عن ذلك. وقالت المنظمة إنّها تود “دق ناقوس الخطر” إزاء احتمال زوال ممر في شمال-غرب سوريا يتيح ايصال المساعدات من تركيا المجاورة إلى محافظة إدلب آخر معقل لبعض الجماعات المقاتلة، من دون الحاجة إلى موافقة دمشق.
ودخلت الآلية حيز التنفيذ عام 2014، ولكنّها اختزلت لاحقاً في معبر باب الهوى حيث شكّل مئات العاملين في مجال المساعدة الانسانية سلسلة بشرية الجمعة للمطالبة بالحفاظ على ممر العبور المباشر.
وقالت المنظمة الإنسانية في بيان إنّ “النقاشات … تشهد حشد روسيا، الحليف الرئيس للنظام السوري، لإقرار عبور المساعدات الإنسانية من خلال الجبهات أو المعابر، ما يعني بصيغة أخرى أنّه يتوجب أن تسيطر دمشق وتتولى مباشرة (المساعدات) بذريعة الحفاظ على السيادة السورية”. واضافت أنّ توفير المساعدة من خلال المعبر “خط أحمر (للاتحاد). لسنا متأكدين من أنّ المساعدات ستصل فعلاً إلى السكان”.
وكان السفير الفرنسي في الأمم المتحدة الذي ترأس بلاده مجلس الأمن خلال شهر تمّوز(يوليو) الجاري، أكّد الأسبوع الماضي أنّه ومنذ بداية العام “50% من طلبات إيصال مساعدات إنسانية عبر الجبهات رفضها النظام السوري”.
ورأت منظمة “اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحيّة-فرنسا” أنّ “التصويت الحاسم” المرتقب سيحدد مصير المساعدات الإنسانية في سوريا حيث “كانت لعشر سنوات من الحرب أثر مدمر … ويحتاج 13,4 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية”، بزيادة 21% عن 2020، طبقاً للبيان.

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى