إنهاء عقود 12 ألف معلم سوري في تركيا من خلال رسالة “واتساب”   

عدنان عبد الرزاق

عاد القلق ومخاوف الاستمرار، في ظلّ الغلاء وأعباء المعيشة، ليثقل كاهل 12 ألفاً و700 معلم ومعلمة سورية في تركيا، بعد أن وصلت إليهم رسالة “واتساب” من مديري مدارسهم، أمس الخميس، تخبرهم بإنهاء عقودهم ابتداءً من اليوم الجمعة، وتطلب منهم عدم الحضور إلى المدارس التركية التي يعملون فيها منذ دمج الطلاب السوريين بها عام 2017، وبعد نحو سبع سنوات من تعاقدهم “بصفة متطوّع” مع منظمة اليونيسف ومديرية التربية “مدى الحياة” التركية.

ونصّت الرسالة، بحسب المعلمة السورية منار عبود، على أنّ المعلم السوري سيحصل على مستحقاته لشهر يونيو/ حزيران الماضي، البالغة 2020 ليرة تركية (الدولار = 8.7 ليرة)، إضافة إلى 2000 ليرة تركية عبارة عن “مساعدة كورونا”، على أن تُسحب من خدمة البريد التركي “بي تي تي” في غضون شهرين من تاريخه، “لأنّ بطاقة الصراف الآلي ستتوقف بعد تلك الفترة”.

وتضيف المعلمة عبود، لـ”العربي الجديد” أنها وزملاءها المعلّمين “فوجئوا بالرسالة” رغم أنّ هناك حديثاً منذ أشهر حول إنهاء عقودهم، ولكن لم يتخيلوا أن يحدث الأمر عن طريق “رسالة واتساب”، ومن دون أي توضيح حول مصيرهم أو أين سيذهبون وكيف سيعيشون. “اكتفت المدارس بتحويل الرسالة إلينا من دون أي توضيح”، تقول عبود.

ولم تستبعد المعلمة السورية أن تتم إعادة دراسة ملف المعلّمين السوريين بين منظمة اليونيسف والهلال الأحمر التركي ومديرية التعليم “مدى الحياة”، لاستيعاب “على الأقل حملة الشهادات الجامعية ومستوى تعليم متقدم للغة التركية”. ولكن في ظلّ غياب التوضيحات، ازدادت الشائعات والمخاوف، ما دفع بالمعلمين للتوقيع على “عريضة استرحام”، والاستغاثة بالحكومة التركية والمنظمات الدولية.

ووقّع معلّمون سوريون ومؤيدون لهم، أمس الخميس، على “عريضة استرحام” بعنوان: “معاً لتوفير الدعم الكافي لبقاء المعلمين السوريين في عملهم بتركيا ومنحهم حقوقهم بالتساوي”، وجاء فيها: “نحن المعلمين السوريين المتطوعين في تركيا، والبالغ عددنا 12000 معلم، عملنا في المدارس التركية بصفة تربوي متطوع مدة ثماني سنوات، والآن ودون سابق إنذار تم إبلاغنا شفهياً بفصلنا من عملنا وتركنا دون أبسط حقوقنا.

وأضافوا: “نطالب القائمين على ملف التعليم في الاتحاد الأوروبي بأن يعملوا على توفير دعم للجهات المسؤولة هنا في تركيا، وأن تكون هناك عقود عمل يشرف عليها الاتحاد الأوروبي، وتضمن حقوقنا وتوفر لنا كل الضمانات التي تليق بنا كمعلمين نعمل على بناء الإنسان والوطن”.

ويقول المعلم أحمد جميل نبهان: “وصلت رسائل تبلغ المعلمين بانتهاء العقد، ولكن من دون أي توضيح أو قرار بالفصل”. وتوقع أن يتم الاحتفاظ بالخريجين من أصحاب اختصاصات التربية واللغة العربية والشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى اشتراط الحصول على شهادة لغة تركية “بي 1”.

ويضيف نبهان، لـ”العربي الجديد”: “تعيين الجامعيين لا يعني أن يتم فصل البقية وتحويلهم إلى عاطلين عن العمل، لأنّ تركيا تعلم أنّ مصدر رزق المعلّمين الوحيد هو من تدريسهم وعقدهم مع اليونيسف، بل على الأرجح أن يتم فرزهم إلى منظمات أو جهات حكومية تركية، تشرف عليها منظمة الهلال الأحمر التركية ومكتب التشغيل الرسمي والمعتمد من قبل الحكومة التركية “مان بور””.

ودعا المعلم السوري إلى تدخل الجهات السورية بتركيا، والتواصل مع الحكومة التركية، “ولكن بطرح مناسب يحقق الفائدة للجميع، كأن تتم إثارة موضوع تسرّب الأطفال وحرمانهم من التعليم ومن تعلم لغتهم الأم “العربية”، في الوقت الذي تقوم فيه ألمانيا بتعليمها لطلابنا السوريين اللاجئين إليها، كلغة أم”.

وفي حين أكّدت مصادر تركية رسمية، لـ”العربي الجديد”، أنّ أنقرة لن تتخلى عن شريحة المعلّمين السوريين أو تتركهم عرضة للبطالة والعوز، “بل قلّت الحاجة إليهم في المدارس التركية”، ما يعني إعادة نقلهم إلى مواقع وجهات أخرى يستطيعون الإفادة من خلالها، “وسبق أن طُلب إليهم اختيار مهن وأعمال”، كما سيتم الاحتفاظ “على الأقل” بالجامعيين وحملة مستوى اللغة التركية “بي 1”.

تؤكد المسؤولة بمديرية تربية الفاتح في إسطنبول، ليلى أحمد، أنّ تركيا كلّفت المعلمين السوريين تدريس بعض المواد بالمدارس التركية بعد إغلاق المدارس السورية المؤقتة، وتعيينهم كمترجمين يقومون بدور صلة الوصل بين المدارس التركية وأولياء التلاميذ السوريين بتركيا، والذين يزيدون عن 78 ألف طالب. و”لكن تراجع هذا الدور اليوم، ولا بد من البحث عن مهام أخرى أو التعاقد مع جهات جديدة، بحيث تتم الاستفادة من قدرات وتراكم خبرة المعلمين السوريين”.

وحول الرسالة التي أنهت التعاقد مع المعلمين ابتداءً من اليوم الجمعة، تضيف المسؤولة التركية أنّ الرسالة وصلت إلى مديرية التربية بمنطقة السلطان أحمد في إسطنبول من مديرية التعليم “مدى الحياة” بأنقرة، وبدورها حوّلت المديرية الرسالة لمديري المدارس الذين حوّلوها للمعلمين. “ولكن الرسالة لا تعني فصل المعلمين، بل إنهاء العقد مع التعليم مدى الحياة”، متوقعة أن يتم درس وضع المعلمين خلال العطلة الصيفية ليتم التعاقد معهم أو تعيينهم بجهات أخرى، كالهلال الأحمر على سبيل المثال، إذ سبق لمديرية التربية أن طلبت من المعلمين وثائق تثبت تحصيلهم العملي ومستوى إجادتهم اللغة التركية”.

وأكّدت ليلى أحمد أنّ “رسائل إنهاء العقود وصلت إلى جميع المعلمين السوريين، بمن فيهم الجامعيون وحملة شهادات مستويات متقدمة باللغة التركية”.

وكانت وزارة التعليم التركية قد أصدرت، منذ يوليو/ تموز 2017، قراراً إلزامياً يقضي بدمج الطلاب السوريين في الصف الخامس والتاسع في المدارس التركية، وأكدت أن جميع الطلاب السوريين في تركيا سيندمجون في المدارس التركية بحلول العام الدراسي 2018 – 2019.

وشهدت مراكز التعليم المؤقتة بتركيا، التي كان يدّرس فيها المعلمون السوريون، تقليصاً مستمراً بعدما كان عدد المدارس السورية يبلغ 55 مدرسة، لتنتهي “التجربة” بالكامل عام 2019، وتمّ بعد ذلك دمج جميع الطلاب السوريين بالمدارس التركية.

ويدرس، بحسب مصادر تركية رسمية، أكثر من 78 ألف طالب سوري بالمدارس التركية بشكل مجاني “ويعاملون معاملة الأتراك تماماً”.

وتحوّل المعلمون السوريون من مراكز التعليم المؤقت إلى المدارس التركية، كمشرفين ومترجمين أو مدرّسين لمادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية، بدوام لا يزيد عن 21 ساعة أسبوعياً.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى