إدلب تتلقى البضائع السورية بحراً..بعدما أقفل فساد النظام البر

محمد كساح

يلجأ تجار سوريون لتمرير بضائعهم من دمشق نحو إدلب من خلال شحنها عبر البحر. وعلى الرغم من أن المسافة البرية بين المنطقتين لا تتجاوز 300 كيلو متر؛ إلا أن واقع الحرب السورية يجعل المشهد الاقتصادي أكثر تعقيداً.

وتبدأ رحلة البضائع بين المنطقتين السوريتين من شحنها إلى خارج الأراضي السورية باتجاه لبنان براً، ثم من مرفأ بيروت نحو مرفأ مرسين بحراً، وتنتهي الرحلة الطويلة والمكلفة عبر البر من مرسين وحتى معبر باب الهوى باتجاه إدلب.

وشكل التشديد الأمني على طرقات التهريب بين مناطق سيطرة النظام وإدلب التي تخضع لنفوذ المعارضة عائقاً كبيراً أمام تمرير البضائع. وعلى مدى سنتين كانت هذه الطرقات غير الشرعية هي البديل عن المعابر التي كانت مفتوحة بشكل نظامي بين الطرفين، لكنها أغلقت تباعا على خلفية العملية العسكرية التي شنتها قوات النظام منتصف العام 2019 وأدت إلى توقف معابر مورك، والراشدين، والمنصورة، والعيس.

رحلة طويلة

يعمل خط الشحن البحري في اتجاه واحد (من دمشق نحو إدلب)، ويعد الأقل خطورة لأن كل ترتيبات شحن البضائع تتم بشكل نظامي لكن شركات الشحن تشتكي من الكلفة العالية.

أدخلت شركة “عنداني للشحن” شحنات ألبسة مصنعة في دمشق إلى إدلب ما أتاح لسوق الألبسة في منطقة المعارضة الحصول على احتياجاته من الملابس السورية التي يفضلها الزبائن أكثر من الملابس التركية المستوردة.

يقول علاء عنداني المسؤول في الشركة ل”المدن”، إن عملية الشحن بحراً تستغرق مدة تتراوح بين 10 وحتى 15 يوماً. وعلى الرغم من المسافة الطويلة التي تقطعها البضاعة (تتجاوز ألف كيلو متر) تتميز العملية بكونها دون مخاطر، لكن الشركة لا تشحن كل السلع، خاصة الشاي والمتة ومنتجات الألبان والفروج والأغنام والقمح والحبوب، بسبب حظر النظام تصديرها.

بينما تؤكد شركات سفريات وشحن ل”المدن”، أن هناك صعوبة بالغة على الطريق البري بين المعارضة والنظام لدرجة أنهم يلجؤون لتسيير رحلات اضطرارية للمسافرين تستغرق وقتاً طويلاً قد يتجاوز أسبوعاً كاملاً. أما شحن البضائع عبر هذه الطرقات فهو غير ممكن في الوقت الراهن.

تجارة ال”لا قانون”

يعتقد المستشار الاقتصادي جلال بكار أن الغرض من لجوء تجار سوريين لشحن البضائع عن طريق البحر هو تخفيض مخاطر إرسال البضائع بشكل عام. ويشير ل”المدن”، إلى أن المستفيد الأكبر من وضع عراقيل أمام التبادل التجاري البري الذي يعد أقل كلفة هي المليشيات على الأرض التي يوجهها النظام وشركاؤه.

ويعزو بكار وجود آلية معقدة في التبادل التجاري بين المقاطعات السورية المتباينة السيطرة إلى الفساد الحكومي العميق داخل النظام السوري الذي قاد إلى تجارة ال”لا قانون” التي تعد المسيطرة حاليا على كامل الاقتصاد.

ويضيف أن ما يحصل في سوريا هو “حرب عصابات مرخصة دولياً تعمل لأكثر من طرف دولي وبرضا الجميع”. ويتابع أن ما يحدث عبارة عن حروب اقتصادية مستهدفة لأمن الاستثمار. ويقول: “لا يوجد مناخ استثماري لا على مستوى الفرد أو الدولة يمكن أن تنتج قرارات واضحة ذات أمن اقتصادي يمكن أن يستفيد منها الجميع”.

النموذج السوري -وفقا لبكار- ليس حالة مؤقتة يمكن أن تنتهي قريباً بل سيبقى الاستمرار في تطبيق هذا النموذج لفترة طويلة وستزداد معاناة السوريين. ومن دون حل سياسي لن تنتهي هذه المعاناة.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى