بعد مرور أكثر من ست سنوات على هولوكوست الموصل ، ما زالت حكومة الاحتلال باحزابها وميليشياتها وابواق اجهزتها الإعلامية تردد الأكاذيب حول القصص التي نسجت حول الدولة الإسلامية المسماة بداعش وتجتر اساطير غير حقيقية حول ما تسميه ببطولات الحشد الشعبي ودوره “القتالي” في الموصل والتمجيد به ورفعه الى مرتبة من العظمة غير موجودة ولا علاقة لها بالواقع ولا بكل ما حدث من أسباب تشكيله من قبل المغتال قاسم سليماني قائد الحرس الإيراني أو المشاركة الرمزية لبعض فصائله على ارض الموصل الشهيدة يدعم ذلك عدة أدلة منها بيان وزيرة الدفاع الفرنسي فلورنس بارلي وسردية قوات غزو التحالف والدول التي شاركت بتدمير وليس “عملية تحرير الموصل” مدنيين وعسكريين كبار للمعركة والنقل المباشر لها عبر قنوات العالم الإخبارية وكذلك ردود أفعال عدد غير قليل من دول العالم وحكوماتها ازاء العملية. وبحجة ما تدعيه ميليشيات الحشد من بطولات في الموصل والمدن الغربية التي دمرت بعضها تحديدا من قبلهم، تشهد العاصمة بغداد منذ بضعة أسابيع تأجيج منظم لاستفزاز العراقيين مرة بالدعوة لتهديم جامع أبو حنيفة ومرة بتهديم تمثال الخليفة أبو جعفر المنصور باني مدينة بغداد بحجج مختلقة حول ظلمه لآل البيت وأخرى قطع الطريق علي أهالي تكريت انتقاما لمجزرة سبايكر التي نفذت تحت حكم نوري المالكي ولم تكن الا فخا ومصيدة للقتل فهم الشباب أهدافها فقرروا الهروب جماعيا من المعسكر ولاذ كثير منهم لدى الأهالي في تكريت. ولكي لا يتم فضح القضية اقترف مرتزقة الغزاة هذه الجريمة التي كانت تمهيدا لدخول داعش للموصل.
قبل تذكير من يتبجح بالبطولات والتضحيات وحماة عرض العراقيين من الإرهاب نورد ما رواه الكاتب الفرنسي المعروف جان جينيه في ليلة مجزرة صبرا وشاتيلا، كان الكاتب مع السيدة ليلى شهيد سفيرة فلسطين في باريس، يقف في شرفة الشقة المطلة على البحر، فجأة قال لها: سيحدث هذه الليلة امر خطير لأن بوارج الدول الغربية تغادر مرفأ بيروت ! وبالفعل حصلت في ذلك المساء مجزرة مخيم صبرا وشاتيلا ضد الفلسطينيين التي أشرف عليها مجرم الحرب آرييل شارون ونفذها حزب الكتائب عام 1985.
وفي نهاية شهر آيار من عام 2014 انسحبت كافة الشركات النفطية الغربية في شمال العراق وعلى رأسها توتال الفرنسية وذلك بشهادة لنا من عاملين مع هذه الشركات في ذلك الوقت. تبع ذلك، وفي العاشر من حزيران ، أعطاء نوري المالكي رئيس الوزراء أوامره بانسحاب جميع القوات العسكرية والأمنية من المدينة وتم قطع الاتصالات فيها، ليتم دخول المدعو أبو بكر البغدادي مع بضع مئات من المرتزقة التي امتلأت بهم مدينة الرقة السورية بعد ثورة الشعب السوري، الى مدينة الموصل، القريبة من واحدة من اهم قواعد دول الغزو دون ان يسبب ذلك أي أزعاج؟! ولتبدأ عملية تدمير المدينة وابادة الالاف من سكانها المدنيين بهدف اخضاعها وتهجير سكانها ، والتي استمرت لمدة ثلاثة أعوام تم فيها تقوية هذا التنظيم الإرهابي ورفد صفوفه بالفقراء والشبيحه من دول عديدة متعاونة مع الاحتلال الأمريكي الايراني. سرا قامت المنظمة الإرهابية في اليومين الاولين لدخولها المدينة بقتل 103 من كبار قادة الجيش العراقي السابق بقوائم معدة سلفا واعتقلت أربعة من قادة حزب البعث بقوا اسرى لديها. ولكسب تعاطف سكان المدينة الذين عانوا الامرين من المليشيات الطائفية منذ الغزو، قام المرتزقة أولا بتنظيم بعض أوضاع المدينة من تسهيل المعاملات الإدارية للناس وتبليط للشوارع وإعادة الكهرباء بالآت الشركات الغربية مثل كاتربيلار الأسترالية التي جاءت للعراق مع الغزو؟ لم تطل “فترة الاعمال الخيرية” هذه اكثر من بضعة أسابيع، فرض داعش بعدها نظاما إرهابيا تحت مسمى تمويهي هو الإسلام والسلفية الدينية، وبدأت المنظمة باستدراج العاطلين عن العمل منذ سبعة عشر عاما الى صفوفها. بنفس هذه الطريقة تم استدراج شباب المدن الجنوبية في البصرة والنجف وكربلاء وغيرها بعد ان قامت المرجعية الدينية بإصدار فتوى تدعو فيها الى الالتحاق بالقوات الأمنية لتحرير الموصل والتي كانت فتوى إشكالية في معناها استخدمها قاسم سليماني في تأسيس ما أطلق علية “بالحشد الشعبي” ليكون النواة الأولى لميليشيات جديدة تتبع مباشرة الحرس الإيراني والولي الفقيه لاحتلال العراق، الذي تقول عنه ايران انه مجالها الحيوي واهم جزء من امبراطوريتها وأهم مشروع في تصدير ثورتها الخمينية.
في شهادة لإحدى نساء الموصل المهجرات وهي مهندسة سابقة في مؤسسة الاعمار وصيانة الجسور قالت: كانت المليشيات قبل داعش تقتل المهندسين وتهدم كل بناء وتستولي على الأراضي والممتلكات ومن لا يقبل بهذه التصرفات يغتال وقد تم اغتيال عدد كبير ومعروف من اهالي الموصل بهذه الطريقة وتم الاستيلاء على املاكهم وحينما أتى داعش وبعد هدنة الوصول للمدينة وكسب أهلها الاولي، أخذت تقوم بنفس الاعمال وخاصة في الجانب الأيمن القديم من المدينة والذي بحسبها يريد الإسرائيليون الاستيلاء عليه لوجود ممتلكات يهودية عراقية ولذا يمنع وليومنا هذا إعادة أي بناء فيه. وتقول المهندسة ان داعش كان يفرض على الاهالي “رهن” ممتلكاتهم من البيوت والأراضي لهم حين نخرج من المدينة للذهاب الى بغداد او غيرها ! فهل من يخرج من جحيم داعش سيعود؟ هكذا تم تسليب العراقيين في الموصل من املاكهم وتم الاستيلاء عليها!
عملية تدمير الموصل كانت الحرب الخفية للرئيس الأمريكي أوباما الذي طلب من رئيس مخابراته وضع خطة لمواجهة المقاومة في المناطق غير الخاضعة، فقدم جون برينان عدة صفحات عرفت بالحرب غير المتكافئة وهي خطة مواجهة شبيهه بتنظيمات المقاومة
أطلق الغزاة عليها داعش او الدولة الاسلامية. في حرب أوباما هذه التي قال ان هناك ثمانية وستين دولة ستشارك بها، لم تنشر أي صورة مواجهة بين جيوش هذه الدول وداعش، ولم تكن هناك جثث ولا أسرى رغم الدعاية الواسعة لهؤلاء الإرهابيين عربيا وعالميا؟ الامر الغريب الملفت للانتباه هو خريطة الحرب لدول الغزاة من التحالف التي بثت عبر قنوات العالم ومنها القنوات العربية والتي تركت على الخريطة مخرجا قال عنه جنرال امريكي انه لخروج مرتزقة داعش ؟ فهل جمعت الولايات المتحدة وحلف الاطلس قواتها وقوات ثمانية وستين بلدا لكي تحارب داعش ام لتقدم في النهاية مخرجا لهذه المنظمة الإرهابية ام ان المستهدف هو ثان اكبر مدينة عراقية ؟ على موقع ويبيكيديا نقرأ معلومات تتناقض تماما مع السردية الرسمية للحدث وسرديات رسمية أخرى مختلفة عن معركة الموصل حتى لو ان هذه الموسوعة ليست مصدرا تاريخيا موثوقا لكنها أصبحت مرجعا يكتب فيه التاريخ بأقلام صناع الاحداث. الانسكلوبيديا مثلا لا تذكر أهم ما جرى في كل المعركة وهو بيان وزيرة الدفاع الفرنسي فلورنس بارلي التي قالت فيه ان الجيش الفرنسي المكون من 1200 عسكري من مختلف الصنوف قد نفذ من الالف الى الياء عملية “تحرير الموصل”؟!
بعد تجميع مختلف القصص للأحداث يمكن القول انه قد اوكل للجيش الفرنسي تنفيذ عملية تدمير الموصل وقصفها بينما ساهمت الأطراف الأخرى انجاز بقية سيناريوهات احتلالها من الإرهابين وتأسيس وجذب عمالة للانتماء للتنظيم ورفده بمواطنين محليين ليقودهم مهنيون ومستعربون من قيادة الاحتلال والدول المتعاونة معه.
من بين هذه الأطراف المحلية المساهمة بقوة مع التحالف هي قوات البيشمركة الكردية بينما لم يكن لميليشيات الحشد الا دور رمزي لا تحتاجه معركة بهذه الأهمية والمهنية يقودها جيش مثل الجيش الفرنسي لدور تقوم به، وهو ما أكده قبل ايام وزير الدفاع العراقي جمعة عنان بعد الاعتداءات المتكررة على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي واستمرار ادعاء الميليشيات وقادتها ببطولات لم يحققوها لما يسموه بإنقاذ وتحرير العراق من الإرهاب نيابة عن العالم.
عبر تنظيم داعش دمرت الولايات المتحدة وتحالف الغزاة المدن المقاومة لإخضاعها وخنق مقاومتها وتهجير سكانها، وبنفس الأسلوب تستمر الميليشيات الولائية بتدمير العراق وتكرر اليوم محاولاتها للاستيلاء على السلطة والانقلاب على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بنفس طريقة ميليشيات الحوثيين في اليمن لربط مصير العراق بالولي الفقيه الايراني.
كما يقول احد العراقيين لإحدى القنوات الاعلامية : اصغر عراقي اليوم فهم اساطير وافلام أحزاب الاحتلال وميليشياتهم ولن يتمكن الغزاة من الاستمرار في الكذب طويلا لان الشعب العراقي وفي مقدمته ثوار تشرين لم يتركوا الساحات ولن يتركوها واقسموا بالمضي في طريق الاحتجاجات حتى استرجاع الوطن وتنظيفه من المحتلين وسماسرتهم وقد وجهوا صفعة للطائفيين بإقامتهم صلاة جماعية في جامع أبو حنيفة جددوا فيها على وحدة الشعب ضد الطغمة الميليشياويه في الخضراء.
المصدر: الكاردينيا