أفاد مراسلنا في العراق، السبت، بأن القوات الأمنية العراقية انتشرت بكثافة حول مرقد أبي حنيفة النعمان في منطقة الأعظمية ببغداد، بعد دعوات للتظاهر “ضده”.
وقال مراسل RT، إن “انتشارا كثيفا للجيش العراقي وقوات أخرى، بدأ قبل نحو ساعة حول مرقد النعمان، بعد دعوات للخروج بتظاهرة ضده”.
وأضاف: “انتشرت في الأيام الأخيرة دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للخروج بتظاهرة تندد بما أسموه قتل أبي حنيفة النعمان للإمام الصادق، أحد أئمة الشيعة من سلالة فاطمة الزهراء، بنت النبي محمد”.
ولم تعلن أية جهة حتى الآن تبنيها لهذه الدعوات التي أثارت جدلا في الشارع العراقي.
وقبل أيام ظهرت دعوات في مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، لإزالة تمثال الخليفة العباسي الثاني، أبو جعفر المنصور، من وسط العاصمة بغداد.
وبرزت الدعوات التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، باسم جماعات تزعم أنها شيعية وتريد إزالة التمثال لأسباب تاريخية تتعلق بروايات موروثة.
تعليق علاء اللامي
التحريض الطائفي المسموم يستهدف فقيه الثورات الإمام أبا حنيفة النعمان: هذه الإلماعة التوثيقية التراثية السريعة موجهة الى البعض من شبابنا المضللين طائفيا قبل غيرهم، فهم الذين أصبحوا ضحية للمحرضين الجهلة من الشيرازيين وأمثالهم في أحزاب الفساد، أولئك الذين حرضوهم بالأمس على الدعوة إلى هدم تمثال أبي جعفر المنصور، وهاهم يحرضونهم اليوم على الإساءة الى الإمام أبي حنيفة النعمان وإبعاد ضريحه عن ضريح الإمام الكاظم، وكان حريا بهم أن يدعوا إلى تطهير ضريح الإمام الكاظم من جيفة أحمد الجلبي المدفون فيه.
أدرج أدناه بعض المعلومات عن هذا الإمام النبيل الشجاع:
* ولد الإمام أبو حَنِيفة بالكوفة سنة 80 من الهجرة النبوية، الموافق لسنة 699 من الميلاد لعائلة ميسورة الحال فقد كان أبوه بائعا لقماش الخز، وورث عنه هذه المهنة التي ساعدته كثيرا في الحفاظ على استقلاليته كعالم ومثقف وفقيه حر وشجاع. عاش الإمام أبو حنيفة اثنين وستين عامًا من حياته في العصر الأموي وثماني عشرة عامًا في العصر العباسيّ.
*صلابته ضد ولاة بني أمية: “قالت له امرأة؛ أشرتُ على ابني بالخروج “بالثورة” مع إبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب حتى قتل، فقال ليتني مكان ابنك. وكان يقول في المنصور وأشياعه: لو أرادوا بناء مسجد وأرادوني على عدّ آجرِّه لما فعلت”.
المرجع: ورد في كتاب “الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ” للزمخشري – دار الفكر – ج1/ص309.
*طلب الوالي الأموي على الكوفة ابن هُبَيْرَة من أبي حنيفة أن يكون مسؤولا عن القضاء فأبى وامتنع، فحلف ابن هُبَيْرَة إِن هو لم يفعل ليضربنه بالسياط على رأسه. فقيل لأبي حنيفة ذلك فقالَ: ضربُهُ لي فِي الدُّنْيَا أسهلُ عليّ من مقامع الحديد فِي الْآخِرَة، وَاللهِ لَا فعلتُ وَلَو قتلني، فَحُكِيَ قولُه لابن هُبَيْرَة فقال: بلغ من قدره أن يُعَارض يَمِيني بيمينه، فَدَعَاه، فقال شفاهاً: وحلف له إِن لم يَلِ ليضربنّ على رأسه حتَّى يَمُوت، فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة: هِيَ موتةٌ واحدة، فأمَرَ به فضُرِبَ عشرين سوطًا على رَأسه، فقال أبو حنيفَة: اذكر مقامك بَين يَدي الله فإنّه أذلّ من مقَامي بَين يديك، ولا تهدّدني ؛ فأومأ الوالي إلى الجلاد أن أمسِكْ “كفَّ عن ضربه”، وبات أبو حنيفة رضي الله عنه فِي السجن، فأصبح وقد انتفخ وجهه ورأسه من الضَّرْب.
المرجع: أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصميريّ، 68. وانظر أيضاً: تاريخ الإسلام للذهبيّ، 9/307.
* رُوِيَ عن عبد الله بن مالكٍ بن سليمان، قال: “أرسل الإمام زيدٌ بن علي بن الحسين إلى الإمام أبي حنيفة يدعوه إلى البيعةِ “قبل ثورته ضد الأمويين”، فقال أبو حنيفة لرسول زيد: لو علمتُ أنّ الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدتُ معَهُ، لأنّه إمامٌ حقٌّ، ولكنّي أعينُهُ بمالي، فبعث إليه بعشرةِ آلافِ درهمٍ، وقال للرسول: ابسط عذري عنده”.
المرجع: الجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة، للقرشيّ، 1/496.
*”وكان أبو حنيفة رحمه الله يفتي سرا بوجوب نصرة زيد بن علي رضوان الله عليهما، وحمْلُ المال إليه والخروج معه على اللص المتغلب المتسمي بالإمام والخليفة، كالدوانيقي وأشباهه”. اقتبسه د. بدر الدين شيخ رشيد في مقالة له بعنوان “موقف أئمة الفقهاء من الحكم الأمويّ والعباسيّ”.
المرجع: كتاب “تفسير البحر المحيط” لأبي حيان الأندلسي ج1/ص549/ دار الكتب العلمية، لبنان/ بيروت.
*قال الإمام أبو حنيفة النعمان عن خروج زيد بن علي بن الحسين “لقد ضاهى خروج زيد بن علي بن الحسين خروج رسول الله يوم بدر. فقيل له: لم تخلفت عنه؟ فقال: حبسني عنه ودائع الناس، وقد عرضتها على ابن أبي ليلى فلم يقبل فخفت أن أموت مجهلا”.
المرجع: كتاب “الإمام زيد: حياته وفكره وآراؤه وفقهه” تأليف الشيخ محمد أبو زهرة. ص 74/ طبعة دار الفكر العربي 2005. متوفر على الانترنت.
* وصلابته ضد بني العباس: “عن عبد الله بن الحسن عن بشر بن الوليد، قال: كان أبو جعفر المنصور أشخص أبا حنيفة إليه، وأراده على أن يولّيه القضاء، فأبى، فحلف ليفعلنّ، فحلف أبو حنيفة لا يفعل، فقال الربيع بن يونس الحاجب لأبي حنيفة: ألا ترى أميرَ المؤمنين يحلف؟ فقال أبو حنيفة: أمير المؤمنين أقدرُ مني على كفّارة أَيمانِهِ، فأبى أن يتولى القضاء، فأمر المنصور به إلى السجن، فمات في السجن ودُفن في مقابر الخيزُران رحمةُ الله عليه)
المرجع: الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، لابن عبد البرّ، 171.
* قال الربيع: “رأيتُ أبا جعفر المنصورَ يُكلّم أبا حنيفة في أمر القضاء، وأبو حنيفة يقول له: اتّق الله ولا تُرعِي في أمانتك إلا من يخافُ الله، والله ما أنا بمأمونِ الرضى، فكيف أكونُ مأمونَ الغضب؟ ولو اتّجَهَ الحكمُ عليّك ثم تهدّدني على أن تُغرِقَني في الفرات أو أُزِيلَ الحُكْمَ لاخترتُ الغرقَ. ولك حاشيةٌ يحتاجون إلى من يُكرمهم لك، ولا أصلحُ لذلك، فقال له المنصور: كذبتَ! أنت تصلح، فقال له أبو حنيفة: قد حكمتَ لي على نفسك، فكيف يحلّ لك أن تُولّيَ القضاء من يكون كاذبًا؟”.
المرجع: الجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة، للقرشيّ، 1/504، وانظر: مرآة الجنان وعبرة اليقظان، لليافعيّ، 1/243، ووفيّات الأعيان، لابن خلكان، 5/406 -407.
*وتوفّي أبو حنيفة النعمان ببغداد، وقيل في السجن لأنه رفض أن تَكُونَ قُضَاةُ الْإِسْلَامِ من تحت أمره، والطالبُ له هو المنصور، فامتنع فحبَسَه، وكان يُخرج كلّ يوم فيضرب عشرة أسواط، وينادى عليه في الأسواق، ثمّ ضُرِبَ ضربًا موجِعًا، حتّى سال الدم على عقِبيه، ونودي عليه وهو كذلك، ثمّ ضُيّق عليه تضييقًا شديدًا حتّى في مأكلِهِ ومشرَبِه، فبكى وأكّد الدعاء! فتوفّي بعد خمسة أيّام. وروى جماعةٌ أنّه دُفِعَ إليه قَدَحٌ فيه سمّ فامتنع، وقال: لا أعين على قتل نفسي، فًصُبّ فيه قهرًا، وقيل: إنّ ذلك كان بحضرَةِ المنصور!! وصحّ أنّه لمّا أحسّ بالموت سجَد فمات وهو ساجد. قيل: والسببُ في ذلك أنّ بعضَ أعدائِهِ دسّ إلى المنصورِ أنّه هو الذي أثار إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم الخارج عليهِ بالبصرَةِ، فطلبَ منه القضاءَ مع علمِهِ بأنّه لا يقبلُهُ؛ ليتوصّل إلى قتلِهِ …)
المراجع: ردّ المحتار على الدرّ المختار، لابن عابدين، الدمشقيّ، الحنفيّ، (ط2، 1412 هـ -1992 م)، دار الفكر، بيروت، 1/166.
rtالمصدر: