يقترب عقد القمة الأولى التي تجمع زعيمي دولتين تعتبران من اللاعبين الأساسيين في السيطرة على الصراع السوري وإخماده إذا شاءا في العاصمة السويسرية (جنيف).
وسيلتقي الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في 16 من حزيران الحالي، لمعالجة عدة قضايا أثارت التوتر بين الدولتين، بدءًا من التدخل في الانتخابات الأمريكية والهجمات الإلكترونية وحقوق الإنسان وأوكرانيا إلى قضية المعابر السورية.
المعابر السورية أحد محاور اللقاء
أفادت وكالة “سبوتنيك” الروسية، اليوم الأحد 13 من حزيران، أن بوتين سيناقش مع نظيره بايدن الملف السوري في اللقاء.
وأكد بوتين أن قضايا النزاعات الإقليمية، في سوريا وليبيا، في مقدمة الملفات التي ستتم مناقشتها، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بحماية البيئة وقضايا عالمية أخرى.
وستبث قناة “ان بي سي نيوز” مقابلة مع بوتين، قبيل القمة مع بايدن، في 14 من حزيران.
وذكرت القناة أن المذيع كير سيمونز، سيجري اللقاء مع بوتين في موسكو، وهي مقابلة حصرية تبث في جميع أنحاء العالم.
وستكون المقابلة هي أول محادثة بين الرئيس الروسي ووسائل الإعلام الأمريكية منذ تموز 2018.
ومن جهته أكد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، في بيان صحفي صدر في 9 من حزيران الحالي، أن سوريا ستكون ضمن جدول الأعمال المقرر مناقشتها في القمة، متحدثًا عن وضوح موقف الولايات المتحدة من وصول المساعدات الإنسانية، مع عدم الخوض بالتفاصيل المقرر مناقشتها لإعطاء مساحة للمحادثات التي تسبق فترة جنيف.
“لحظة توضيحية”
الجزء المتعلق بسوريا من اللقاء المرتقب بين بوتين وبايدن، يعتبر اختبارًا لكلا الرئيسين، لأن كيفية تعامل الولايات المتحدة وروسيا مع القضية السورية لا يوضح موقف بوتين فحسب، بل سيكشف أيضًا عن مدى التزام إدارة بايدن بالارتقاء بحقوق الإنسان والديمقراطية كأولوية في سياستها الخارجية، بحسب ما نقلته صحيفة “واشنطن بوست”.
وقال بريان كاتوليسن، وهو زميل بارز في مركز التقدم الأمريكي، للصحيفة، إن القمة بين الرئيسين “لحظة توضيحية”، مع اقتراب الموعد النهائي لجلسة الأمم المتحدة حول فتح المعابر.
كان موقف موسكو هو أن المساعدات الإنسانية يجب أن تتدفق عبر النظام السوري، وهو اقتراح “سخيف”، بحسب كاتوليسن، بالنظر إلى أن الأسد هو الذي يجعل المدنيين يتضورون جوعًا في إدلب بالمقام الأول.
صفقات محتملة
وبحسب مسؤولين أمريكيين تسعى موسكو إلى رفع العقوبات عن الأسد، مقابل إعادة تفويض طريق المساعدات، لكن هذا من شأنه أن يرقى إلى مكافأة بوتين على عدم تجويع المدنيين وهي “فكرة بشعة”.
إذا رفض بوتين عرض بايدن ولم يسمح لطرق المساعدات الإنسانية بالاستمرار، فستواجه الولايات المتحدة وشركاؤها، بما في ذلك تركيا، تحديًا هائلًا في العمل خارج نظام الأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى إدلب، وستكون تصرفات بايدن بشأن سوريا في جنيف بمثابة اختبار حاسم لكيفية مقاومة الولايات المتحدة للتوسع الروسي والصيني في المنطقة.
وأشاد بوتين ببايدن على اعتباره سياسيًا متمرسًا، بحسب وصفه، متوقعًا أن تعقد قمة “جنيف” في جو إيجابي، وقال إن الاجتماع سيكون أكثر حول محاولة رسم مسار لاستعادة العلاقات الأمريكية- الروسية المتدهورة التي توترت بسبب عدة قضايا، منها سجن روسيا ناقد “الكرملين” أليكسي نافالني، وأوكرانيا، وسوريا.
ومن جهته، قال بايدن إنه سيضغط على بوتين لاحترام حقوق الإنسان خلال القمة المرتقبة.
“الفيتو الروسي”
إحدى القضايا المحددة في قمة بايدن وبوتين هي ما إذا كانت روسيا ستستخدم حق النقض ضد إجراء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تموز، والذي من شأنه أن يفتح المزيد من المعابر الحدودية إلى سوريا لتقديم المساعدة خارج أي نقطة من مناطق سيطرة من مناطق سيطرة النظام السوري
اقتصر إدخال المساعدات عبر الحدود مع تركيا في العام الماضي على منفذ واحد، هو باب الهو شمال إدلب، بعد اعتراض روسيا والصين على تجديد العبور عبر منافذ أخرى.
ويدخل في الوقت الحالي حوالي 1000 شاحنة تابعة للأمم المتحدة شهريًا إلى سوريا عبر معبر “باب الهوى”، لتوصيل المواد الغذائية والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية، في محاولة لتلبية احتياجات أربعة من كل خمسة أشخاص في شمال غربي سوريا، بحسب وكالة “رويترز”.
سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أجرت زيارة إلى الحدود السورية- التركية، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في 2 من حزيران الحالي.
وأعلنت تقديم بلادها نحو 240 مليون دولار على شكل تمويل إنساني إضافي لشعب سوريا وللمجتمعات المضيفة.
وأوضحت أن هذا التمويل من “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، يأتي في إطار توفير الغذاء للأطفال الجائعين وحماية الأسر المشردة، وتقديم اللقاحات في ظل انتشار جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وإيقاف معاناة السوريين.
على الجانب الآخر، تريد روسيا حصر إدخال المساعدات الدولية إلى سوريا عبر مناطق سيطرة النظام، وتتهم الدول الغربية بتجاهل الدور الذي يمكن أن تلعبه الإمدادات التي تأتي عبر الخطوط من دمشق.
وسيجدد التفويض الخاص بعملية عبور المساعدات عبر الحدود في 10 من تموز المقبل.
ويحتاج قرار تمديد موافقة المجلس إلى تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام حق “النقض” من أي من الأعضاء الخمسة الدائمين، روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
الإغلاق يولد كارثة إنسانية
قال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مارك كاتس، إن ملايين الأشخاص في شمال غربي سوريا يواجهون كارثة، إذا لم توافق الأمم المتحدة على تمديد العمليات الإنسانية عبر الحدود الشهر المقبل.
وقال كاتس، “نتوقع من المجلس أن يضع احتياجات المدنيين في المقام الأول، إذ يوجد في شمال غربي سوريا بعض الأشخاص الأكثر ضعفًا في أي مكان في العالم”.
كما أصدرت “لجنة الإنقاذ الدولية” بيانًا موقعًا من 42 منظمة غير حكومية تحذر فيه من أن كارثة إنسانية تلوح في الأفق إذا فشل مجلس الأمن الدولي في تجديد قرار يسمح بوصول المساعدات المنقذة للحياة التي يتم تسليمها عبر الحدود إلى سوريا.
وبحسب البيان، الصادر في 11 من حزيران، حذرت المنظمات من أن عدم تجديد القرار من شأنه أن يعرض وصول المساعدات الغذائية لأكثر من مليون شخص معرض للخطر، فضلًا عن لقاحات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) والإمدادات الطبية الضرورية والمساعدات الإنسانية للعديد من الأشخاص الآخرين.
في 6 من حزيران الحالي، قال نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، جيفري بريسكوت، إن خطة عمل الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة ستركز على توسيع وإضافة معابر إضافية لإيصال المساعدات إلى سوريا، وليس فقط على تجديد إدخال المساعدات عبر معبر “باب الهوى” المُصرح به.
ووصف بريسكوت معبر “باب الهوى” بأنه “حرفيًا شريان حياة لملايين السوريين”، الذي تتوفر عبره المساعدات الإنسانية المنقذة لحياة الملايين، موضحًا أن الأمم المتحدة ستظل مُركّزة حتى يفهم الجميع مخاطر إغلاقه التي ستؤدي بالمحصلة النهائية إلى موت الناس.
المصدر: عنب بلدي