الانتخابات الرئاسية السورية المهزلة

أحمد مظهر سعدو

ماجرى في سورية خلال الأيام الأخيرة المنفلتة من شهر أيار/ مايو 2021عبر الاستمرار في المسرحية الانتخابية الرئاسية الغارقة في مهزلتها، خارج إطار كل القرارات الأممية المتعلقة بالانتقال السياسي في سورية. يؤكد أن همروجة الانتخابات الآفلة كانت تحاول جاهدة إعادة تدوير رأس النظام بشار الأسد، بدعم روسي وإيراني فقط، حيث تابع العالم  دجل النظام السوري ومعه إيران وروسيا بمسرحية تسمى انتخابات. وسط صمت معولم وغير مفهوم أو مبرر. لكن يبقى السؤال هل ستترك هذه المسرحية آثارها المباشرة على المشهد السوري، بعد فصولها الهزلية هذه وكيف؟

حيث أجابنا عن هذا السؤال نخبة من المتابعين والسياسيين والكتاب:
عبد الرحيم خليفة الكاتب السوري المعارض قال: ” لن تؤثر (الانتخابات) في عموم المشهد السوري، فهي لن تمنحه الشرعية  القانونية أو الشعبية، بالنظر إلى الكيفية التي تتم فيها وانتفاض أو ثورة السوريين منذ 2011. مهزلة الانتخابات لن تسقط جرائم الأسد بالتقادم، أو تعفيه من المحاسبة وتقديمه للعدالة كمجرم حرب.أيضًا، لن تكون عائقًا أمام تنفيذ قرارات الشرعية الدولية فيما لو قرر المجتمع الدولي الاتفاق على صيغة حل سياسي ينهي المأساة السورية”.ثم أضاف ”  كما أنها لن توقف حراك الشعب السوري وثورته، أو تعيقه وتلجمه، بل ستزيده إصرارًا وتضيف إليه سببًا آخر للسعي نحو تحقيق إنجاز تاريخي بالتحول لدولة مدنية ديمقراطية تعددية تبادلية. يضاف إلى كل ماسبق وجود حالة دولية، محدودة، قالت كلمتها بعدم الاعتراف بشرعية هذه الانتخابات. في منطقنا إن هذه الانتخابات باطلة وتفقد معناها في ظل وجود الاحتلالات المتعددة لسورية والتي تجري تحت حرابها. وهي في النتيجة تفصيل صغير في مشهد عام وكبير ومعقد، وتأتي في سياق استمرار المسألة السورية، التي تنتظر جملة من القضايا المرتبطة بها، الشعب السوري وحده ضحية لها.”.

أما الباحث السوري الدكتور مخلص الصيادي فقال لاشراقإجراء الانتخابات الرئاسية وفق ما هو مقرر  دليل حاسم على أن النظام السوري لا يرى أنه السبب في الأزمة العاصفة التي دمرت سورية، ولا حتى أنه شريك في صنع هذا الواقع، وهو متمسك بروايته البائسة عن مؤامرة عالمية ضد حكمه، وعن أن القوى التي تحركت ضده قوى عميلة، وأن القول بسلمية الحراك الثوري بداية إنما كانت خدعة تصدى لها النظام، ولأنه لا وجود لنظام الأسد دون داعميه الايراني والروسي، فإنهما يشاركانه ولو بنسب متفاوتة هذا المنطق، وما يبنى على ذلك  أن كل حديث سابق عن مفاوضات ، وسلات، ودستور، ومباحثات ترعاها الأمم المتحدة أو غيرها كان من قبيل كسب الوقت وإضاعة الفرص، وتثبيت أركان السلطة القائمة. ولأن أي تغيير حقيقي في سورية سيؤدي إلى خلخلة المصالح الغربية عمومًا “الأميركية والأوربية والاسرائيلية”، فإن هذه الأطراف غير منزعجة من إعادة إنتاج النظام السوري عبر هذه الانتخابات، يبقى أن نشير الى أن النظام العربي على اختلاف تسمياته لا يملك رؤية أو خيار خارج هذا الموقف الدولي المنحصر بين دعم وتمكين النظام، وبين القبول بإعادة إنتاجه، أما نتائج هذه الانتخابات فلا داعي للحديث عنها، لأنها لم تقم أصلًا بحثًا عن معرفة رأي الناس. وإنما لتسهيل إعادة إنتاج النظام الأسدي على (قاعدة قانونية).” ثم قال ” لن يتغير شيء بعد الانتخابات عما كان قبله

سيزداد النظام وحلفاؤه تمسكًا بالوضع الراهن، لكن فرص استمرار هذا الوضع تكاد تكون معدومة لفظاعة ما ارتكبه النظام من جرائم، إذ فقد هو وحلفاؤه القدرة على إحداث أي تطور إيجابي في الواقع السوري. سوريا الآن مقسمة، والشعب السوري مشتت في الداخل والخارج، الدمار الداخلي لمظاهر الحياة في مختلف القطاعات لن يتراجع، لن تكون هناك عودة للمهجرين، لن يكون هناك إعادة إعمار، لن تخرج القوى الأجنبية المختلفة من سورية، هذا الوضع لن يتغير ما دام الأسد ونظامه قائمًا. ومقابل ذلك كله ما زالت المعارضة الخارجية (المعارضة التي تدير الصراع من الخارج وتعتمد على التمويل الخارجي) تسجل تراجعًا في حضورها وفاعليتها المادية والثقافية والأخلاقية، ولم تستطع أن تنجز أي خطوة إلى الأمام، بل هي لم تستطع المحافظة على مواقعها السابقة. ولا شك أن ضعف المعارضة الخارجية ألقى بظلاله على معارضة الداخل ممثلة بهيئة التنسيق وأضعف فاعليتها وخططها. وضيع فرص اللقاء بين طرفي المعارضة الذي مثلته لفترة اجتماعات المعارضة ومحادثات التفاوض.

ويبدو أننا أمام مرحلة من الهدوء  الحرج غير المستقر  القابل للانفجار الواسع في أي لحظة.

سورية بملفها الواسع المتشعب في حالة استعصاء، الحسم العسكري ممتنع، والحل السياسي الذي رعته الأمم المتحدة، بات معطلًا كما عطلت من قبل الحلول السياسية للجامعة العربية، والاهتمام الدولي بهذا الملف متراجع، ووحده الشعب السوري في معاناة متزايدة تفوق الاحتمال.”

من جهته قال الكاتب والطبيب اللبناني عبد الناصر سكرية لاشراق” بات واضحًا ومعروفاً للجميع أن النظام السوري لم يعد ومنذ سنوات إلا واجهة لقوى التدخل الأجنبي المتعددة الرؤوس لتستكمل مشاريعها بالإستيلاء التام على سورية واقتسامها أرضًا وموارد بين تلك القوى. الفساد في أعلى نسبة له. التقاتل على النهب والسلب بين أجنحة النظام والتصفيات المتبادلة. السلطة الفعلية على صعيد الدولة ومؤسساتها هي بيد المحتل الروسي. المحتل الإيراني مستمر في دوره التخريبي لجهة التغيير الديمغرافي السكاني وتغيير هوية المجتمع. طبعًا أميركا مستمرة في العبث بوحدة الجغرافيا وتأسيس وحماية الكيان الإنفصالي الكردي. فيما الشعب السوري منهك مقهور محاصر. وتستكمل حلقات إنهاك الإنسان السوري حتى تيئيسه وإخراجه من أي حساب سوى الفقر والتشرد والإنغماس في الفاقة والتشتت وإغراقه في همومه الحياتية الصغيرة.

كل هذا يتم في ظل النظام القائم ويتسارع بشكل مخيف في السنوات الأخيرة هي عمر الإحتلال الروسي ومعه الايراني. وهل يطمح النفوذ الأجنبي لأكثر من هذا ؟؟  وهل سيجد الإحتلال الروسي وشريكه الإيراني شخصية كاريكاتورية أكثر من الرئيس الحالي؟ شخصية تتماهى مع كل مصالحهم ومشاريعهم المشبوهة ؟؟ وهل من إستخفاف بعقول حتى أبسط الناس من مهزلة تجديد انتخابات رئاسية بعد عشر سنوات من التدمير والتهجير يتحمل مسؤوليتها النظام المتهالك وحماته ؟؟”. ثم اضاف ” حتى بالمنطق التحقيري الذي عبرت عنه فكرة سورية المفيدة؛ فهذه الإنتخابات ليست إلا قرارًا دوليًا بتمديد احتلال سورية وتقاسمها والإستمرار في تهجير شعبها بل في دفع من بقي منهم تحت سلطة نظامها المجرم إلى المغادرة.

لا داعي للقول أنه نظام فاقد للشرعية والأهلية. فهذا تحصيل حاصل المعرفة به وبما فعل بحق سورية وكل بلاد الشام. سوف تكون هذه الرمية الإنتخابية تأكيدًا على حماية النظام العالمي الفاسد المتوحش لأحد أدواته المحلية في تمزيق الوطن وإهداء إنهياره إلى عدونا الصهيوني حليف روسيا وايران. فلتكن مناسبة لتوحيد قوى العمل الوطني السورية فالمصير كله في متناول قوى مجرمة فاسدة ماجورة.”.

أما الباحث الاقتصادي السوري المعارض الدكتور أسامة قاضي فقال:” إن تعيين رأس النظام بفترة قادمة سيزيد ويطيل عمر الأزمة الاقتصادية السورية وستزيد عزلة سورية عن العالم بمعنى أنه سيكون هناك طوابير أكثر على الغاز والوقود والخبز والمواد الغذائية وهذا يعني أنه سيزيد من الأزمة الخانقة السورية، وإعادة تعيين بشار الأسد نفسه لفترة إضافية ودون أي رادع روسي يوقف هذه المجزرة الاقتصادية القادمة، سيزيد معاناة السوريين وسيدخل سورية حقيقةً للأسف في مجاعة حقيقية قادمة ويعني المزيد من الانهيارات والكوارث الاقتصادية وحرمان السوريين من مواردهم المحلية سواء القمح أو النفط أو أي مورد آخر”.

السيد عمر شحرور الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السوري أكد لاشراق أنه” لا بد من العودة إلى 60 عاماً خلت للتأكيد على أن ما جرى عام 1963 هو انقلاب عسكري أتى بهؤلاء المجرمين إلى حكم سورية أول بلد حضاري في التاريخ حيث قاموا بالقضاء على التطور الاقتصادي – الاجتماعي – السياسي الذي شهدته سورية بعد التخلص من الاستعمار.

لقد عاشت سورية في عهد آل الأسد في ظل الأحكام العرفيه وغياب مطلق لحقوق الإنسان بما فيها مشاركته في اختيار قيادته السياسية والحكومية فجرت عدة مرات استفتاءات على رئاسة الجمهورية لم يكن فيه سوى رئيس واحد كانت تزور فيها النتائج على مرأى من العالم أجمع، وبصمته وبموافقته الضمنية، لأن النظام الأسدي كان يقوم بكل الوظائف القذرة التي يطلب منه خدمة لمصالح إسرائيل وبقايا الدول الإستعمارية التي طمعت في خيرات سورية والسيطرة على موقعها الاستراتيجي. قبل موت حافظ أسد عمل لعقدين على توريث الحكم لأبنائه باسل ( قتل في حادث سير عام 1994 ) ثم انتقلت التهيئة والعمل على التوريث لبشار الذي وصل إلى قيادة البلاد سياسياً وعسكرياً في مسرحية هزلية مقرفة لاقت مباركة من الغرب عموماً.وبعد انكشاف كذب بشار في وعوده الإصلاحية قامت ثورات الربيع العربي وانتقلت إلى سورية ليجابهها بحملة دموية لم يشهد لها التاريخ مثالاً فأدى ذلك إلى قتل مليون ونصف وتغييب نصف مليون وعشرات ألوف الشهداء في سجون أسد شاهدها العالم كله رغم  الدعم والقرارت الدولية لحق الشعب السوري في حصوله على حريته وبناء دولته المدنية والحكم الديمقراطي، إلا أن المساندة السياسية والعسكرية من إيران وروسيا والميليشيات الإرهابية إستطاعت إعادة السيطرة على أكثر من نصف مساحة سورية. واليوم تحاول إيران وروسيا وبعض القوى الاقليمية إعادة تأهيل هذا المجرم من خلال تسويقه في انتخابات مقرفة فاقدة لكل شرعية شعبية شعبية وإقليمية ودولية. “. ثم أضاف ” من المسلم به أن أي حكم سياسي يحصل على شرعيته من شعبه خلال عمله على خدمة هذا الشعب والسهر على حماية أرضه وشعبه وتطوير حياته في مختلف المجالات. فما الذي فعله بشار أسد ؟ .. لقد دمر أكثر من 30 % من بيوت الشعب السوري ودمر 65 بالمئة من البنى التحتية، وقصف المشافي والمساجد والمدارس وهجر أكثر من نصف الشعب السوري ( بحدود  13  مليون سوري ) أي أكثر من نصف الشعب السوري. وبالتالي لا يستطيع أي مدعي أن يجافي هذه الحقيقة. وهو الآن يخوض انتخابات هزلية عرفها شعبنا منذ عقود دون شرعية عددية، رغم أن كل شعبنا يعرف أن التزوير وإجبار الناس على التصويت له ولوالده قبله كان يتم تحت حربة السلاح الذي كان يوضع على رقاب شعبنا. أما الشرعية الاقليمية والدولية فقد تم طرد النظام من جامعة الدول العربية وقطعت جميع الدول العربية علاقاتها السياسية معه ( رغم محاولة البعض إعادتها ) وأغلبية االدول في العالم قطعت علاقتها معه وتعترف بالمعارضة كممثل للشعب السوري واتخذت الأمم المتحدة قرارات بشأن المسألة السورية مثل القرار 2118 والقرار 2254 حيث ينصان على إقامة هيئة حكم انتقالي  كاملة الصلاحية لا يشارك به المجرمين ويمهد لانتخابات حرة وديمقراطية نزيهة بإشراف دولي. انتخابات تستند إلى دستور وطني يعمل على عرقلة كتابته بدعم روسي – صيني له. ما يجري اليوم قد تم رفضه شعبياً من قبل كل شعبنا وما جرى من تصويت له من قبل الشبيحة والعناصر الجبانة حتى في لبنان لم يتجاوز ال 2 % من عدد السوريين في كل كل مكان ( نسبة المقترعين النيابية في عهد والده الذي كان يمسك البلاد كلها بقوة الجيش لم يكن يتجاوز 8 % في أحسن تقدير، كان مسئولي الصناديق يرفعون النسبة بتوجيه من المخابرات لتصل إلى 26% وكنا قد شاهدنا ذلك بأم أعيننا). إن على شعبنا توحيد قواه الوطنية والعسكرية وتوثيق علاقاته مع أشقائه في العالم العربي وتركيا وأصدقائه، والدفع على المستوى العالمي لإنهاء مهزلة الانتخابات اللاشرعية تمهيداً لإسقاط نظام آل اسد وسوقهم إلى محاكم جرائم الحرب الدولية وأنه لن يفيده وحماته ما يفعله اليوم. فانتخاباته ليس لها ولن يكون إلا نتائج كارثية إضافية على شعبنا كله فما يفعله يدفع بلادنا إلى إطالة المعركة في سورية وإطالة أزمة شعبنا في نزوحه وحياته الصعبة في العراء ويؤخر المصالحة الوطنية التي ستقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية 2254  ويزيد من عمر المأساة والتغريبة السورية”.

رسام الكاريكتير السوري خالد قطاع اكتفى بالقوللا أعتقد أن الصمت العالمي على انتخابات النظام الأسدي بائس أوضعيف بل أجد أن هذا الصمت ينم عن تواطؤ دولي وفق توازن مصالح تخلو من أي اعتبارات إنسانية. بالتالي أجد أن هذا الحدث هو توافق دولي وعربي على بقاء الأسد وإضفاء شرعية مبطنة على وجوده، وذلك لإطالة أمد الصراع وتحقيق مزيد من الإنهيار الاقتصادي والمعنوي، فهذه الانتخابات والفوز المؤكد لرئيس النظام هو مؤشر على أن النظام أخذ ضوءً أخضرًا دولياً للاستمرار في مسيرته التدميرية.”.

 

المصدر: اشراق

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى