الربيع العربي مستمر حتى تحقيق الحرية

 د. محمود الحمزة

أسباب ثورات الربيع العربي التي لم تنطفئ لعقد من الزمان، مازالت موجودة بل ازدادت حدتها وراهنيتها. فالثورات المضادة كانت قوية ومدعومة من قوى إقليمية ودولية ليس لها مصلحة في انتصار أي ثورة في المنطقة العربية.

قامت الشعوب العربية بثورات شعبية واسعة من أجل حريتها وكرامتها ومستقبلها الآمن والمزدهر، ولكنها قمعت بشراسة غير متوقعة من كل الجهات في العالم. وتراجعت تلك الانتفاضات وانخفضت انوارها في بعض البلدان ولكنها بقيت كالنار المشتعلة تحت الرماد.

ها هي انتفاضة شباب فلسطين واحرارها في القدس والمدن الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي وها هي غزة تشارك بصواريخها التي تركت بصمات ضد الاحتلال الصهيوني، ونتمنى ألا تجير تلك الهبة الصاروخية لصالح نظام الملالي الإيراني المجرم، الذي الحق بشعوب المنطقة الويلات وارتكبت ميليشياته أبشع الجرائم ضد الشعوب في سوريا والعراق واليمن ولبنان. وينجح النظام الإيراني بإشعال الحروب والثورات المضادة باستخدام شعوب المنطقة للقتال ضد بعضهم مستغلا مرة فلسطين ومرة الثأر للحسين ومرة الشيعة ومرة تعاطف الناس مع مبدأ المقاومة، أي انه يقاتل بأيدي غيره وحتى بمال غيره (سرق نفط العراق مثلا).

واليوم شهدنا كيف هب مواطنون لبنانيون ضد شبيحة النظام السوري في لبنان الذين يشاركون في إعادة انتخاب طاغية دمشق الذي يجب تقديمه الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بدلا من انتخابه ليتابع قتل وتهجير وتجويع السوريين.

وهاهم أبناء حوران وجبل العرب يعلنونها كلمة واحدة وهي رفض الانتخابات المزيفة في سوريا ورفض بقاء الأسد في الحكم، ويطالبون بالتغيير السياسي وتخليص سوريا من لعنة هذه العائلة الاسدية المجرمة، ويطلب السوريون باستقلال سوريا من كافة الاحتلالات وسلطات الأمر الواقع.

وها هي مدن الجزيرة السورية ودير الزور والرقة تنتفض ضد سلطة الإدارة الذاتية المأجورة التي تنهب خيرات المنطقة من نفط وغاز وقمح وقطن وتصدرها الى جبال قنديل الى قيادة حزب العمال الكردستاني الإرهابي الذي يحتل هذا الجزء المهم والغني بالخيرات شرقي الفرات. وقد كان السبب المباشر للاحتجاجات في شرقي الفرات هو رفع سلطة البي كي كي، المعادية للشعب، لأسعار المحروقات بثلاثة اضعاف بحجة محاربة التهريب، وهذا عذر أقبح من ذنب. وقد تراجعت الإدارة الذاتية المزيفة عن قرارها تحت ضغط الشعب.

وهنا أوجّه رسالة للأخوة الكرد أينما كانوا ليفضحوا سلطة الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي الذين تاجروا باضطهاد الكرد من قبل النظام في منطقة الجزيرة طيلة عقود وهذا صحيح، ولكنهم اليوم يمارسون نفس الاضطهاد ضد أهالي المنطقة بعربها وكردها وسريانها. وهذا ليس غريبا لان حزب البي كي كي ترعرع في أحضان مخابرات الأسد. أي ان قسد ومسد وحزب الاتحاد الديمقراطي وكافة مشتقاتهم يتاجرون بقضية الكرد، ولكنهم عملياً يمارسون سياسة لا علاقة لها بمصلحة الكرد واهل المنطقة فهم عبارة عن عصابة مأجورة احتلت المنطقة بدعم أمريكي.

ان قضية الحرية واحدة لا تتجزأ. ولذلك لا سبيل أمامنا سوى توحيد القوى السياسية والشعبية والمدنية الحقيقية من اجل مشروع وطني يوصل سوريا الى دولة المواطنة في ظل دستور ديمقراطي عصري يضمن حقوق كافة السوريين افرادا وجماعات. ومن يعتقد بأن حريته يمكن ان تتحقق لوحده فهو واهم، ومن ينأى عن النفس في سوريا فهو واهم، لأن النظام والطائفية والتعصب بكافة انواعه والاحتلالات عدو مشترك وهو عدو شئت أم ابيت وان لم ينال منك شبيحة النظام واخواتهم اليوم سيصلونك غدا فنظام الأسد هو نظام شبيحة وعصابة مارقة فتكت بالسوريين بكافة الأشكال ومن ينسى طبيعة هذا النظام فهو واهم وسيأتيه الدور.

وكذلك ابتلي السوريون بسلطات الأمر الواقع شرقي الفرات من قبل قسد وفي شمال سوريا من قبل الفصائل التي ينتهك بعضها حقوق الناس وفي ادلب حيث تتحكم جبهة النصرة بحياة الناس ونمط معيشتهم.

أما بقية المناطق المحسوبة على النظام فهي ليست تحت سيطرته الفعلية بل جزءا منها تحت سيطرة ميليشيات إيرانية طائفية وبعضها تحت سيطرة روسية وبعضها تحت سيطرة الشبيحة وتجار الحرب.

أما جنوب سوريا (حوران والسويداء) فهي في حالة تمرد على النظام وترفض عودته وزعبراته وهم مستعدون لمجابهته وقد اثبتوا ذلك أكثر من مرة.

سوريا والمنطقة تجلس على بركان وقنابل موقوتة لن تهدأ إلا بإزالة أسباب القمع والظلم والاضطهاد لشعوب المنطقة. فقد ذاق الناس طعم الحرية واوصلتهم الأنظمة الى حالة كارثية لا يوجد أسوأ منها، فماذا بقي لديهم ليخسرونه.

الربيع العربي مستمر ولن تهدأ الثورات حتى اسقاط أنظمة القمع والفساد.

تحية لشباب فلسطين وثوارها وتحية لشباب سورية الاحرار وثوارها

تحية للأحرار في لبنان الذين انتفضوا ضد نظام المحاصصة الطائفية الفاسد، واليوم لقنوا الشبيحة درسا ومنعوهم من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزيفة. تحية لكل الثوار العرب وأحرار المنطقة وخاصة في العراق الذين لا يهدأون وهم يقارعون نظاما طائفيا في بغداد تابعاً لإيران مثل النظام اللبناني والسوري.

 

المصدر: سوريا الأمل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى