تعقيدات الحل السياسي التفاوضي

حسن عبد العظيم

بادئ ذي بدء لا بد من التأكيد ان العملية السياسية لإنجاز التسوية السياسية عبر اللجنة الدستورية مجمدة على الرغم من الجهود المتواصلة للمبعوث الدولي السيد غير بيدرسن ونائبه د. خولة مطر وأعضاء البعثة، والمسؤول الرئيس عن ذلك هو النظام.

فما احتمالات تحقيق الحل السياسي التفاوضي وفق بيان جنيف1 والقرار 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة في جنيف رغم الخلافات والتعقيدات والتدخلات العسكرية لدول إقليمية وخارجية وتناقض مصالحها وبرامجها؟

وأشار “بيدرسن” بعد الجولة الخامسة من أعمال اللجنة في التاسع والعشرين من كانون الثاني من هذا العام بأنها “فرصة ضائعة ومخيبة للأمال”، وذكر “عدم وجود أي خطة عمل مستقبلية من أجل سوريا حتى الآن.”

 وفي حديث هام للشرق الأوسط مع الإعلامي البارز إبراهيم حميدي أواسط آذار الماضي، أكد “بيدرسن” أن السوريين وقعوا في ” فخ الحرب اللا منتهية “، وأن “على الجميع أن يشعر بالخجل” بسبب الفشل في وقف المأساة السورية، واعتبر بصراحته الجريئة أن المأساة السورية طالت لمدة تقارب مدة الحربين العالميتين الأولى والثانية، والشعب السوري أكبر ضحايا القرن الأخير.

ويتناغم هذا مع بيان الأمين العام للأمم المتحدة المتميز في الذكرى العاشرة للشعب السوري الذي قال “إن عدم المساهمة في حل الصراع السوري يعني أن النظام العالمي ليس فاعلاً”، وأكد أنه لا الحكومة السورية؛ ولا المعارضة ولا مجموعة أستانا وأميركا قادرات على احتكار الحل، لابد من نهاية (تسوية) متفاوض عليها.

ولم يتجاهل إقدام النظام على فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية بالإيعاز لمجلس الشعب بالإعلان عن ذلك على أساس دستور 2012 متجاهلاً الوثائق الدولية لبيان جنيف 1 والقرارات الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها 2118/2013 و2254/2015.

وعبر عن موقف الأمم المتحدة والبعثة وخبرائها الدوليين، “إن الانتخابات المقررة ليست جزءاً من مهمته بموجب القرار الدولي 2255 الذي يتحدث عن دستور جديد… يجب أن تجري وفق أعلى المعايير الدولية بمشاركة من السوريين في الشتات.”

وهذا الموقف الواضح للأمم المتحدة ومبعوثها الدولي، في تقديري، ينفي تماماً توفر أي معايير دولية للنزاهة والحياد في الانتخابات الرئاسية السورية وفق دستور 2012 المفصل على نهج النظام الاستبدادي، واحتكار السلطة وعدم مشاركة السوريين في الشتات، ولا بد للقوى الوطنية الديمقراطية في الداخل والخارج أن تعبر عن مواقفها برفض المشاركة في هذه الانتخابات الصورية الشكلية والدعوة لمقاطعتها.

كما عبرت هيئة التنسيق الوطنية عن موقفها لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي والتسوية التاريخية في جنيف، وتكرر الاستبداد والعنف والصراع المسلح والإرهاب، واستمرار الأوضاع المأساوية التي يعاني منها الشعب السوري في المعارضة والموالاة والمجتمع المدني والمدنيين والعسكريين.

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن في الثامن والعشرين من نيسان الماضي، شرح السيد “بيدرسن” الأوضاع الكارثية التي يعاني منها الشعب السوري في الداخل والخارج والأوضاع المتفجرة في المناطق التي تسليمها للنظام في المنطقة الجنوبية لمحافظة درعا وغيرها عبر المصالحات والتسويات والفيلق الخامس والفيلق الثامن المواليين للروس ومع ذلك لا يلتزم النظام بها.. ويستمر في التحالف مع الحرس الثوري الإيراني ونظام ولاية الفقيه رغم انتفاضة غالبية الشعب الإيراني عليه ومعارضة وزير الخارجية العلنية له ولسياساته التخريبية في تصدير الثورة وأذرعها المذهبية المسلحة في العراق ولبنان وسوريا واليمن وتفجير الحروب الأهلية.

واستمرار وجود مجموعات مسلحة من الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المذهبية من لبنان أو العراق أو القوقاز رغم الاتفاق السابق على انسحابها في المناطق الجنوبية والغربية من محافظة درعا أو السويداء يعرضها مع القوات السورية والروسية للهجمات الخاطفة المفاجئة، واستمرار وجودها في منطقة الجولان وفي ريف دمشق وشرقي الفرات ومستودعات أو مصانع الاسلحة يعطي الذرائع للكيان الصهيوني بالقيام بالهجمات الصاروخية والغارات العدوانية على الأراضي السورية المستباحة بصمت روسي وغياب رد وردع للعدوان، وفي تصوره وجواباً على إمكانية التسوية، أشار المبعوث الدولي إلى التواصل المستمر مع المحاورين الأساسيين في واشنطن وموسكو والعواصم العربية والأوروبية وطهران وأنقرة الأساسيين.

وأكد أن كل العناصر الضرورية التي تحدد حل الصراع السوري موجودة في القرار 2254، غير أن تغييرات جوهرية حصلت في الوضع على الأرض بعد صدوره في كانون الأول عام 2015، جعلت الحل ليس أقرب من عام 2015.

وهناك أهمية للمضي بالعملية السياسية قدماً وحل ملف المفقودين والسجناء، والقضايا المتعلقة بالنازحين واللاجئين وموضوع العقوبات وموضوع إعادة الاعمار على طاولة المفاوضات وثمة انتظار لموقف وفد النظام في الجولة السادسة بعد رمضان ومدى الضغط الروسي عليه للانخراط جدياً في المفاهيم الدستورية وتحديد سقف زمني لإنجاز الدستور الجديد وتشكيل هيئة حكم غير طائفي بالتوافق بين اللجان الثلاتة وتوفير البيئة الآمنة للانتقال السياسي وممارسة هيئة الحكم في استلام الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتسليم الصلاحيات التشريعية والقضائية والإدارية والعسكرية والأمنية المشكلة بالتوافق طبقاً لبيان جنيف1 والقرار2254.

المصدر: نورث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى