مُعلّمٌ فاضل ومربٍ لأجيالٍ، أحبّ السياسة فانخرط فيها بحماسة، وانحاز إلى الحرية والعدالة، وأينما حلّ ذرّ من أفكاره الحكيمة أثرًا وعبقًا؛ حتى لُقّب بـ (معلم الثورة).
محمد فليطاني، المُكنّى بـ (أبو عدنان)، هو ناشطٌ سياسي ومدني من مدينة دوما، بدأ نشاطه السياسي في وقت مُبكِر؛ فانتسب إلى حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، وشغِل عضوية مكتبه السياسي، ليكون أصغر أعضائه سنًا وأكثرهم نشاطًا، وبعد اندلاع الثورة كان من أوائل من آزَرَها وشارك فيها، ودعا الشباب لإعلاء صوتهم في قول كلمة الحق، وأُطلق عليه لقب (معلّم الثورة)؛ بسبب عمله المُسبق في المجال التعليمي، وكرمه في إعطاء دروس للشباب في أخلاق الثورة ومبادئها.
وُلد عام 1954، ودرس في جامعة دمشق كلية الاقتصاد، وعمِل في التدريس طوال حياته المهنية، وعارض النظام السياسي مُبكِرًا؛ ما عرّضه لكثير من المضايقات، ودفعه نشاطه السياسي؛ ليشارك مع جمال الأتاسي في تشكيل التجمّع الوطني الديمقراطي، وسُجن ثلاث مرات قبل الثورة، وعندما اندلعت، طالب جميع الأعضاء في حزبه ونشطاء دوما النزول إلى الشارع والتظاهر لرفع الضغط عن درعا.
عمِل على تنظيم الشباب والإشراف على المظاهرات في الغوطة وما حولها بالريف الدمشقي، اعتقله النظام بعد ثاني مظاهرة خرج فيها في مدينة دوما، وبعد ثلاثة أيام أُفرج عنه، وحين اقتُحمت دوما اعتقله النظام مرة ثانية من منزله مع ابنه، وبعد خروجه من السجن تابع نشاطه المدني مع صديقه الطبيب عدنان وهبي.
بعد تحرير الغوطة، عمِل على تشكيل المجلس المحلي فيها، إلى أن انسحب منه؛ نتيجة الخلافات مع بعض الأعضاء، وأنشأ مؤسسة الكرامة التعليمية التي كان هدفها الأول التعليم، والدفع إلى المعرفة التي يعدّها أساسًا للتحرّر الفكري.
شارك في الأنشطة المعارضة قبل انطلاقة الربيع العربي، وكان من الداعمين لقضايا فلسطين والعراق، وأيّد الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا وعدّها بداية لنهاية عصور الاستبداد.
تبنّى النشاط السلمي في الريف الدمشقي، وعندما تحولت الثورة إلى العسكرة، عدّها ضرورة في بعض الأحيان، وخصوصًا للدفاع عن النفس، لكنه فضّل الابتعاد عنها، وكان على مسافة واحدة من التشكيلات العسكرية جميعها، ورفض إنشاء ذراع مسلح لحزبه، ودعا إلى تشكيل مؤسسات مدنية؛ لإدارة شؤون مدينة دوما بعد خروجها عن سيطرة النظام.
اغتيل في أول أيار/ مايو 2014، وهو في طريقه إلى مؤسسة (الكرامة) التي حرص -لآخر لحظة في حياته- على إنجاحها وإتمام أعمالها.
المصدر: جيرون