ثورتنا العظيمة في عامها العاشر تحولها إلى ثورة ما لنا غيرك يا الله

عمر الحبال

ثورتنا من أعظم ثورات التاريخ ولا أعتقد حدث سابقاً تآمر على ثورة بهذا النوع والشكل والمضمون.

نعم هناك من يلوم شعبنا ونلوم أنفسنا ونجلد ذاتنا وارواحنا كل لحظة. لكن نعرف كيف كنا وكان ممنوع علينا السياسة وحتى الثقافة والتفكير إن لم نتطرق إلى منع التعبير. لذلك طبيعي أن لا يكون لدينا منظمات ومؤسسات ثورية.

الثورة كانت آتية كفعل طبيعي نتيجة تراكم القمع والفساد كما هي معظم ثورات العالم وهي تأتي متفجرة فجأة بشكل طبيعي كما تتفجر البراكين تماماً ولا يستطيع أحد منع تفجره ولا تأجيله.

عندما تفجرت الثورة ذاتيا ونتيجة لعدم وجود أحزاب فاعله ولا منظمات لقيادتها فأخذت الاتجاه الشعبي العشوائي العام في تحركاتها.

كل أجهزة الاستخبارات المحلية والخارجية كانت تعرف أن الثورة آتية لامحالة وظهرت بشرياتها قبل أكثر من ٦ أشهر عندما بدأ يظهر غليان الشارع في كل أرجاء سورية وتجلى الغليان بداية في عصيان مدني أتى على شكل البناء بدون ترخيص وعدم الانصياع لشرطة المرور.

حاولت السلطة تلافي حدوث صدام مع الشعب فتجاهلت كل أنواع المخالفات، لكنها كانت تعد العدة وتضع خطط القمع مع سيناريوهات قدمتها جهات مخابراتية تمتلك خبرات مجتمعية وعلماء مجتمعات. لذلك ومع أول تظاهرة وجدنا الإعلام جاهز ليطلق التهم بشكل ممنهج ومدروس بدقة وعناية مترافقا مع كل أساليب القمع الوحشية.

من ضمن الإعدادات صدر مرسوم تشريعي في شهر شباط/ فبراير ٢٠١١ قبل انفجار الثورة يحمي المجرمين من المحاكمة (ومن العجيب ان يسمي حدوث جريمة في متن نص المرسوم) ويقول لا يحاكم من يرتكب جريمة إلا بطلب من رئيسه المباشر.

يعني هناك خطة للقيام بجرائم منظمة ومخططة من رأس الهرم ومحمية من النظام بقانون خاص لحماية المجرمين بشكل واضح فاضح لا يقبل التأويل.

حتى عندما تم استهداف أطفال درعا بشكل خاص وأعتقد أن ذلك مخططا ومقصودا للقيام بتفجير الثورة في الأطراف وإبعادها عن العاصمة ” كلنا يعرف وشاهد كتابات الجدران انتشرت في كل أرجاء سورية ، لكن تم اختيار درعا لأسباب وحسابات مخابراتية قد يكون أحدها ان هناك نسبة كبيرة مستفيدة من نظام الأسد، ومحافظة عدد سكانها صغير محاطة بعدد ضخم من المعسكرات بحجة الجولان وحماية العاصمة دمشق.

من رحم تلك الثورة الشعبية العفوية تراكضت شخصيات ثورية وشخصيات مسيسة عانت من القمع السياسي، من بقايا الأحزاب التي نجح الحكم العسكري الديكتاتوري بتفتيتها وتمزيقها وركوب هياكل أحزابها، لتشكيل إطار لتوجيه وقيادة الثورة.

لكن كل تلك الأطر كانت هشة في تركيبتها لأسباب موضوعية خارجة عن إرادتها إضافة لاختراقها وتسلط دول عليها عبر ضخ المال السياسي واستغلال فقر الشخصيات السياسية النظيفة بحجة تمويل مؤتمراتها ومصاريف أفرادها.

رغم تشكلها وحصولها على شرعية دولية بقيت نتيجة هشاشتها واختراقها غير قادرة على استغلال تلك الشرعية عبر إغراقها بالمال وتطعيم قياداتها بشخصيات أرادتها وفرضتها مخابرات دولية مطلوب منها تأدية دور معين من حيث تدري أو لا تدري.

وكان من أهم توجهات النظام والجهات الدولية دفع الثورة باتجاه الأسلمة ” المفروضة والمخيفة عالمياً” لتبرير ضربها وقمعها دون أن يعترض المجتمع الدولي لأن مثل هذه التوجهات من السهل اتهامها بالإرهاب ” إن كانت أو لم تكن تحمل توجهات متطرفة ” لكن في كل العالم ومنذ أحداث سبتمبر ٢٠٠١ تم ربط الإسلام بالإرهاب. وانجرارنا قسريا في هذا الاتجاه أفقد الثورة السورية العظيمة بريقها دولياً. ولعل أحد أسباب الانجراف بهذا الاتجاه أن الأنظمة حرقت كل الشعارات والمسميات الوطنية والقومية ،ولم يترك للشعب سوى التوجه إلى الله كشعار وأمل فخرجت الساحات نتيجة الإجرام والتقاعس الدولي لتهتف مالنا غيرك يا الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى