هذا ما يجب أن يتضمنه “قيصر2”!

عدنان علي

تشير مصادر عدة في العاصمة الأميركية واشنطن الى أن “فريق عمل قيصر” يعمل على إعداد نسخة جديدة من قانون قيصر الذي بدأ العمل به في يونيو حزيران الماضي. وسيكون القانون الجديد باسم (قيصر2) حيث من المنتظر تقديمه إلى الكونغرس قريباً.

وحسب المصادر، فإن النسخة الجديدة التي تعكف لجنة الدراسات في الحزب الجمهوري في الكونغرس على إعدادها، تتضمن مجموعة إجراءات لسد الثغرات في القانون السابق، مع الإشارة إلى وجود توافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن ضرورة تشديد العقوبات على النظام السوري وحلفائه سواء كانوا أفراداً أو كيانات.

وبالتزامن مع هذه التحضيرات، سوف يتم تنظيم لقاءين في مارس آذار المقبل، الأول على شكل طاولة مستديرة لمناقشة السياسة الأميركية العامة في سوريا، يشارك فيها مسؤولون ودبلوماسيون من بينهم فريد هوف، المبعوث الخاص إلى سوريا في عهد الرئيس باراك أوباما، ومديرة متحف المحرقة في واشنطن، إضافة إلى شخصيات من المعارضة السورية، على أن يرفع المشاركون توصيات بشأن سوريا الى الإدارة الأميركية والكونغرس. واللقاء الثاني سيُشارك فيه مسؤولون من الإدارة الأميركية، بينهم مستشار الأمن القومي جيك ساليفان، وسيركز على عمل فريق “قيصر”.

وكان ساليفان ووزير الخارجية أنطوني بلينكن، أكدا أن سياسة واشنطن تجاه سوريا ستكون مختلفة عن سياسة إدارة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، والتي ساهمت بشكل كبير في مفاقمة الأوضاع في سوريا.

والواقع أن هذا الشعور السائد في واشنطن، وفي غيرها، بأن العقوبات السابقة التي تتراكم ضد النظام منذ عام 2012 سواء من جانب الولايات المتحدة أم الاتحاد الأوروبي، لم تؤت أُكُلها حتى الآن، هو ما يدفع إلى التفكير باتخاذ إجراءات أشد على أمل أن يؤدي ذلك إلى خنق النظام اقتصاديا، ومحاصرته سياسيا، ودفعه تاليا إلى الانهيار أو تقديم تنازلات سياسية، تسهم في الحل النهائي.

غير أن المتتبع لأثر هذه العقوبات على نظام الأسد، ولما شابهها من عقوبات على أنظمة أخرى مثل العراق في عهد صدام وعلى إيران وكوبا وكوريا الشمالية، لا بد أن يدرك أن العقوبات مهما اشتدت وتنوعت، غير كافية وحدها لإسقاط نظام ديكتاتوري، أو حتى دفعه إلى تغيير سلوكه بشكل جدي، خاصة حين يكون هذا النظام مدعوما من قوتين كبيرتين: دولية (روسيا) وإقليمية (إيران)، فضلا عن حماية نفسه بشبكة مافيوية أمنية طائفية واسعة داخليا وإقليميا، متشاركة معه في القمع والفساد.

وتطول العقوبات المفروضة حاليا على النظام السوري أكثر من نحو 300 مسؤول وأكثر من 70 كياناً تابعين للنظام، بمن فيهم رأس النظام وأفراد عائلته، ووزير خارجيته، لكن أثرها الملموس لم يظهر سوى على الشعب السوري في الداخل، بينما يزداد أمراء وأثرياء الحرب الممسكون بقوت الناس ثراءً، كما تواصل الآلة العسكرية والأمنية للنظام حروبها وقمعها على كل الجبهات.

ومن نافل القول إن النظام لا يعبأ بمعاناة شعبه مهما اشتدت، ويمكنه أن يقتطع دون أن يرف له جفن، اللقمة من فم الناس، لتأمين احتياجات آلته العسكرية، بل ومراكمة ثروات أتباعه داخل البلاد وخارجها، ثم الصراخ بأن العقوبات الدولية هي السبب في جوع الناس وحرمانهم من احتياجاتهم الأساسية.

يجب أن يشعر كل مسؤول فاعل في النظام بالخطر الشخصي عليه، لكي يفكر بالقفز من مركبة النظام

لا شك أن المطلوب هو التفكير بطريقة مختلفة لإيذاء النظام بشكل موجع، واستهداف رموزه بشكل مباشر، ليس اقتصاديا وسياسيا وحسب، بل جسديا أيضا، لأنهم ببساطة يستطيعون التملص من تبعات العقوبات أينما تكن، ولا يكترثون بمعاناة شعبهم. يجب أن يشعر كل مسؤول فاعل في النظام بالخطر الشخصي عليه، لكي يفكر بالقفز من مركبة النظام، بما في ذلك دراسة إمكانية استهداف بعض مسؤولي النظام من المتورطين بارتكاب جرائم حرب بشكل شخصي، على غرار استهداف قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وبعض قادة تنظيم “داعش” أو التنظيمات المتطرفة الأخرى في سوريا من جانب طائرات التحالف الدولي. وينبغي على الناشطين في الجالية السورية بالولايات المتحدة الدفع بهذا الاتجاه، ومحاولة تضمينه بالنسخة الجديدة من قانون “قيصر”. وبخلاف ذلك فان أية عقوبات جديدة مهما كانت قاسية، لن تسهم في ضعضعة النظام أو تغيير سلوكه، بل قد تسهم فقط في زيادة معاناة المواطنين السوريين.

والنقطة التي يجب أن تطرح هنا، لماذا يكون لمسؤولي النظام، خاصة المتورطين بجرائم حرب مثبتة، حصانة من الملاحقة والاستهداف؟ ما هي الحماية القانونية لهم، بينما هناك شبه إجماع دولي على تجريمهم بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية؟.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى