شهدت محافظة الحسكة خلال الأيام الماضية حالات تجييش قام بها النظام، لتحريض عناصره الامنية وبقايا الدفاع الوطني وجملة من الواجهات البعثية وعدد من العوام، للقيام بمظاهرات ضد شركاؤه السابقين (جماعة العمال الكردستاني) والذين يفرضون سيطرة أمر واقع على المنطقة.
دعوني ألخص بعض النقاط لفهم تطور الواقع :
– النظام ضعيف جداً اليوم في الحسكة ولا يملك اليوم من الأمر شيئاً، والموالين له أيضاً لا يملكون فعلياً أي شيء.
– النظام عندما كان منشغلاً بتسليح العمال الكردستاني بين عامي ٢٠١١-٢٠١٥ كقوات رديفة له ضدّ المعارضة السورية، كان يقوم بنفس الوقت بحملة استهدف من خلالها القرى والبلدات العربية بحجة محاربة الجيش الحر( المسلحين والارهابيين على حد وصفه )، ووفر الغطاء الجوي لقوات صالح مسلم أثناء تقدمها نحو تل تمر وتل براك وسيطرتها على الريف هناك بعد معارك ضارية مع أبناء القرى في ريف تل تمر في نيسان ٢٠١٣ على وجه الخصوص.
– النظام قام بسحب الأسلحة من معظم الموالين له بمن فيهم الدفاع الوطني التابعين له، واتضح أن النظام كان يثق بالعمال الكردستاني أكثر من الموالين له من العرب.
– النظام عندما قرر تسليم حقول النفط (كان في أوج قوته)، كان لابد من تبرير ذلك بالتضحية بكتيبة عساكر من الجيش مهمتها حماية حقول الحسكة تتمركز في محطة تل عدس، وفعل النظام ذلك، ولم يقدم لهم أي مساندة أو مؤازرة حتى أبيدت الكتيبة، بعض الموالين في المنطقة اخرجوا بنادقهم وقرروا المواجهة لمساندة الكتيبة ، ليكتشفوا أن النظام يقف ضد حراكهم “الغير مسؤول” !!
– النظام ترك مواليه في “الدفاع الوطني” يواجهون قتالاً في معارك غير متوازنة مع العمال الكردستاني المسلح بآليات ثقيلة واسلحة متوسطة سنتي ٢٠١٤-٢٠١٥، كان ذلك عندما قرر النظام باتفاق من خلف الكواليس تسليم السجون والمدارس والبلديات للعمال الكردستاني في القامشلي والحسكة وريفهما وانحصار النظام بالمربعات الامنية .
لم يكتف النظام بذلك، بل قام بعدة إجراءات لتشجيع أهالي المنطقة للأنضمام لقوات العمال الكردستاني ومنها:
١- خفض رواتب شبيحته في الدفاع الوطني وقطعها عنهم لعدة أشهر
٢- اعفاء الذين يلتحقون بصفوف القوات الكردية من أي ملاحقة بمن فيهم المطلوبين للتجنيد الإجباري، بل حتى الفارين من جيش النظام يمكن أن يخدموا في صفوف القوات الكردية التي كانت تسميها بثينة شعبان بالقوات الرديفة للجيش العربي السوري.
(دخول الدعم الامريكي على الخط )
الدعم الأمريكي لجماعة العمال الكردستاني بدء فعلياً منذ أكتوبر ٢٠١٥، مع فرض حظر جوي على طائرات النظام فقط في مناطق سيطرة قوات العمال الكردستاني (شرق الفرات) دون سواها من الأراضي السورية، كانت هذه تمثل مرحلة جديدة لفصول العلاقة بين النظام والعمال الكردستاني!
– النظام لم يعد اللاعب رقم ١ بورقة العمال الكردستاني كما كان طيلة عقود ومنذ تأسيس العمال الكردستاني قبل نحو ٤ عقود ! أمريكا الليبرالية قررت دعم قوة لينينية ستالينية مصنفة على قوائم الإرهاب لديها، لان مصلحتهم اقتضت ذلك، في إطار صراع مصالح معقد في المنطقة له علاقة بالعلاقات مع كل من تركيا وروسيا وإيران!
-النظام لم يعد لاعباً أسياسياً منذ دخول الروس والإيرانيين على الخط، بل بات مجموعة وظيفية لا أكثر، يمتلك بقايا أوراق بائسة لا يستطيع أن يقدم لها شيء ولا تستطيع بالمقابل أن تقدم له شيء على الأرض.
هل يلعب النظام بورقته الأخيرة ؟
استبعد أن يكون النظام من خلال محاولة تحريضه لمظاهرات ضدّ قسد باستخدام ادوات وشعارات بائسة من مواليه، يلعب ورقته أخيرة، فالنظام يدرك والكل يدرك بأن الموالين للنظام في المنطقة أقل من ورقة لتكون مؤثرة في الواقع ويلعبها النظام، لكن ربما أراد النظام أن تكون هذه المظاهرات بداية استثمار باحتجاجات توقع المزيد من الضحايا وتصويرهم اثناء سقوطهم للاستثمار بهم كضحايا مدنيين، وربما لتشجيع أهالي الزور أيضاً للخروج بمظاهرات جديدة بغرض الضغط على قسد للوصول لتفاهمات حول ملفات أخرى برعاية روسية، أقول ربما ولست واثقاً من ذلك!
لكن لماذا لا يكون أيضاً هذا مقدمة يهدف النظام من خلالها استفزاز قسد ليقوموا بإخراج بقايا النظام بالقوة من المربعات الأمنية؟ ، وبالتالي إعلانها مناطق خارجة تماماً عن وجود وسيطرة النظام بما يقدم مسوغات ملائمة للتدخل التركي بموافقة وتنسيق مع روسيا؟
الاحتمالات كلها واردة، والمعاناة السورية متفاقمة وأكبر من أي وصف، لكن الأكيد أن سورية لن تعود إلى سلطة النظام الحالي أبداً !
المصدر: صفحة مهند الكاطع