أصدرت القوى الوطنية السورية في غازي عينتاب التركية بيانًا مهمًا بمناسبة الذكرى التاسعة للثورة السورية ثورة الحرية والكرامة جاء فيه ” تمر الذكرى التاسعة للثورة السورية المجيدة، وشعبنا الحر في الداخل السوري وفي دول اللجوء، يمضي بكل عزمٍ وثبات، على طريق الحرية والكرامة، متمسكاً بمبادئ ثورته وأهدافها المشروعة، رغم جسامة التضحيات العظيمة التي قدمها بكل شجاعةٍ وعنفوان، ورغم هول النكبات والمآسي التي عايشها طيلة السنوات الماضية. هذا الشعب الحر الأبي الذي دفع وما زال أغلى الأثمان في معركته المصيرية للخلاص من نظام الاستبداد الأسدي، وقد واجه من صنوف العذاب والقهر والمعاناة ما يفوق طاقة الجبال على الاحتمال، يستقبل ذكرى انطلاقة الثورة ودخول عامها العاشر، في ظل تزاحم التحديات الكبرى التي تواجه قضيته الوطنية، وتكالب النظام الأسدي وداعميه الروس والإيرانيين، على تصفية آخر معاقل الثورة في الداخل السوري، بعد أن أصبح صمت المجتمع الدولي وتواطؤ الدول الكبرى، قرينةً دامغةً على سياسات التنكر الفاضح لحقوقه الوطنية والإنسانية، مما يضاعف من صعوبات معركة التحرر التي يخوضها شعبنا الصامد، ويزيد من الأعباء والهموم التي تعترض أفق حريته وخلاصه المنشود. ” وأضاف البيان ” إن تراكب المصاعب والتعقيدات السياسية التي تمر بها الثورة على كافة المستويات، لاسيما مع انكشاف حجم التلاعب الدولي والإقليمي بالقضية السورية، وهيمنة منطق المصالح والتسويات على حساب حقوق شعبنا وتطلعاته الوطنية، واستمرار محاولات الالتفاف على المرجعية الدولية للحل السياسي العادل في سورية، من خلال استبدال موجبات تنفيذ القرارات الدولية، لاسيما بيان جنيف1 والقرارين 2118 و2254، بتلك الصيغ والاتفاقات السياسية التي برزت في مسارات سوتشي وأستانا، وكانت نتائجها وخيمة على الثورة بدلالة الخسارات الميدانية الناجمة عنها. جميع تلك الحقائق المتتالية تفرض بدورها ونحن نحتفي بالذكرى التاسعة للثورة، القيام بمراجعة شاملة لكافة المحطات والتجارب التي مرت بها ثورتنا منذ صرختها الأولى وحتى يومنا هذا، بحيث تطال هذه المراجعة المطلوبة كافة مستويات الحراك والأداء الثوري، فمن غير الممكن نظرياً وعملياً بناء رؤية وطنية تستنهض واقع الثورة، وتوفر شروط انتصارها، دون معالجة وتصويب جوانب العطب والخلل في بنى الثورة وقواها الذاتية ومؤسساتها القائمة.
لقد أثبت شعبنا الأبي بتضحياته وصموده وتصميمه على مواصلة كفاحه الثوري، أنه يمتلك وعياً وإرادةً وإخلاصاً، لم ترتق له وللأسف القوى والمؤسسات التي تصدرت تمثيله في ميادين السياسة والتفاوض، بل أن يوميات الثورة على امتداد السنوات التي حقّبت مسيرتها الناصعة، أكدت بكل وضوح حجم الهوة الواسعة بين شعبنا المعطاء بلا حدود والقوى التي أخفقت في تمثيله وتثمير تضحياته، كما يليق بهذا الشعب الحرالكريم وثورته العظيمة. لذلك فإن أوجب مهمة ثورية ووطنية ينبغي القيام بها في رحاب الذكرى التاسعة للثورة، تكمن في ردم تلك الهوة ومعالجة ما نجم عنه من مخاسر وأضرار كبيرة، وذلك بالعمل الدؤوب على معالجة الخلل في مؤسسات الثورة، على صعيد التمثيل والرؤية والأداء، وتوحيد الموقف السياسي لمجاميع قوى الثورة ومؤسساتها، على قاعدة التمسك بأهداف الثورة وفي مقدمتها إسقاط نظام الاستبداد الأسدي، مع الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، والمطالبة بإقامة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية كما نصت عليها المرجعية الدولية، ورفض أية حلول تفاوضية أو سياسية من شأنها إعادة إنتاج العصابة الأسدية، أو شرعنة بقائها بعد كل ما اقترفته من جرائم ومجازر وحشية بحق شعبنا، والتي لم يشهد التاريخ البعيد والقريب مثيلاً لها.
في الذكرى التاسعة للثورة ندعو السوريات والسوريين الأحرار، لرص الصفوف وشد الهمم والتعالي على الخلافات الجانبية، ومواصلة معركة الحرية التي تعمدت بدماء الشهداء، وعذابات المعتقلين، ومعاناة المصابين والجرحى، وصمود أهلنا المهجرين في خيام الكرامة. ولا يفوتنا ونحن نوجه تحية الإجلال والإكبار لهم، ولكل من يصنعون بتضحياتهم العظيمة فجرنا القادم، أن نهنئ أخوتنا الكرد السوريين، شركاءنا في الوطن بعيد النيروز المجيد.
نعاهد شعبنا الحر البطل أن نبقى أوفياء لثورة الحرية والكرامة، وأن لا نحيد عن طريقها حتى تحقيق أهدافها في الخلاص من العصابة الأسدية، وتحرير أرضنا من قوى الاحتلال والهيمنة، وبناء دولة القانون والحريات والمواطنة على أرض سورية الحبيبة.”