ينزلق أعضاء مجموعة الـ(50) الذين يوصفون بأنهم “ممثلون عن المعارضة” وملحقها مجموعة الـ(21) الذين يوصفون بأنهم ممثلون عن المجتمع المدني السوري في لجنة سوتشي الدستورية، للدفاع عن خياراتهم السياسية إلى ممارسة ضروب من الإيهام اللفظي، واستخدام معجم من متشابهات الكلمات للتدليس بها على جمهور تدعي أنها تمثله وتمثل مصالحه وتطلعاته، ومن الواضح أنهم ما زالوا يصرون على خداع السوريين وتضليلهم عن عمد، وهم لم يكونوا بحاجة إلى ذلك كله، فقد كان يكفيهم أن يقولوا ببساطة إن هذا خيارنا الذي رأيناه صائبا ضمن واقع الحال وضمن معطيات الوضع، لا أن يصوروا ما قاموا به فتحاً مبيناً وانتصاراً منقطع النظير على منظومة الاستبداد والإجرام، مستخدمين ألفاظا من قبيل “أغلقنا الباب في وجه النظام، ومنعناه من التملص من هذا الاستحقاق”، و”أجبرناه على الانخراط في العملية السياسية وفي النقاشات الدستورية”، والقول بأن ” اللجنة الدستورية هي التطبيق العملي للقرار 2254″، فهذه التبريرات لا تكشف تهافت منطق من يرددها وحسب، بل تكشف أيضا أنه يعتمد على الذاكرة القصيرة للناس، وعلى أن الكلام الحمّال الأوجه سيعفيه من قول الحقيقة، فكل بلاغة اللغة العربية ومحسناتها البديعية لا يمكنها أن تقنع عاقلا بأن الشجرة تقف على رأسها كما يحاول أعضاء لجنة الـ(50) إقناع السوريين به، وبأن ما يفعلونه في إطار لجنة سوتشي الدستورية هو جزء من التفاوض السياسي وفق القرار 2254، فالقواعد الإجرائية للجنة سوتشي التي صنعوها بأيديهم، تشكل مصداقا كبيرا يثبت هذا التدليس وبؤس ما وصلنا إليه من حال. إلا أن الأخطر من كل ذلك أن ما تقوم به لجنة سوتشي الدستورية ليس إلا تنفيذا لرؤية نظام الأسد للحل السياسي أو عمل في إطار رؤيته هو وقواعده هو.
الانتقال السياسي: منظور نظام الأسد
“إن فهم الحكومة السورية لمصطلح الانتقال السياسي هو الانتقال من الدستور الحالي إلى دستور آخر والانتقال من الحكومة الحالية إلى حكومة أخرى وبمشاركة من الطرف الآخر”. هذا النص هو جزء من تصريح وزير خارجية نظام بشار الأسد السابق وليد المعلم نقلته وكالة رويترز بتاريخ 12\3\2016، وأظن بعد هذا القول الواضح فإن الأمر لا يحتاج إلى كثير جهد لإثبات أن ما يتم الآن في لجنة سوتشي الدستورية هو التطبيق العملي لرؤية نظام مجرم الحرب بشار الأسد، وأما تدليس مجموعة الـ (50) في لجنة سوتشي، والقول بأن ما تقوم به خطوة على طريق تطبيق القرار 2254 لا يجد أساسه لا في الواقع ولا في الوثائق ومن أهمها اللائحة الداخلية للجنة.
ورؤية النظام وتفسيره لعملية الانتقال السياسي التي نص عليها بيان جنيف والقرارين 2254 عام 2015 و2118 عام 2013 بأنها مجرد انتقال من دستور إلى آخر ومن حكومة إلى أخرى، عبر عنها أركان نظام بشار الأسد في أكثر من مناسبة منذ أن صدر بيان جنيف وحتى الآن، كما أن حليفه الروسي يعبر عن الأمر نفسه على لسان وزير الخارجية لافروف في كل مناسبة وفي كل تصريح خاص بسوريا، وإذا كان الأعضاء في لجنة الخمسين لم يقرؤوا تصريحات مسؤولي النظام ورؤيته للانتقال السياسي، فأتمنى أن يعيدوا قراءته مرة جديدة عسى أن تتفتح بصيرتهم مرة أخرى ويهتدوا إلى سواء السبيل، ويمكنهم العودة إلى المذكرة التي قدمتها الهيئة العليا للمفاوضات للمبعوث الدولي ديمستورا ، بتاريخ 17 من أيار\مايو عام 2017 والتي كانت في معرض رد الهيئة على مقترح ديمستورا بإنشاء ما سماه بـ”الآلية التشاورية القانونية”، وهي موجودة ومحفوظة في أرشيف الهيئة وأرشيف الائتلاف، وسيكون لي عودة لهذا الموضوع الخطير الذي توضح ملابساته أن ما يحدث الآن كان أمرا يتم الإعداد له بروية من قبل المبعوث الدولي وروسيا وبعض الذين ساروا في ركبهم.
القواعد الإجرائية للجنة سوتشي
تزعم مجموعة الـ(50) في لجنة سوتشي الدستورية بأن القواعد الإجرائية الناظمة لعمل اللجنة (اللائحة الداخلية)، هي قواعد أممية وضعتها الأمم المتحدة، وهذا أمر غير صحيح بالمطلق، ويكفي أن نقرأ رسالة الإحالة من الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بتاريخ 26 من أيلول\سبتمبر، والتي يقول فيها: “يشرفني أن أشير إلى قرار مجلس الأمن 2254(2015)، وكذلك إلى ملاحظاتي للصحافة في 23 من أيلول\سبتمبر 2019 بشأن الجمهورية العربية السورية، وأن أوجه انتباهكم إلى الاختصاصات والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة دستورية ذات مصداقية، متوازنة، وشاملة للجميع، بقيادة وملكية سورية، وتيسير من الأمم المتحدة في جنيف، وقد وافقت على الاختصاصات والعناصر الأساسية للائحة الداخلية حكومة الجمهورية العربية السورية، ولجنة المفاوضات السورية، بتيسير من مبعوثي الخاص إلى سوريا”.
إذا هذه اللائحة ومعها اتفاق تشكيل اللجنة الذي تم التوصل إليه في 23 من شهر أيلول من عام 2019 هي نتاج توافق بين النظام وهيئة المفاوضات بتيسير من الأمم المتحدة، ولذا فإن الأمم المتحدة ليست جهة إنشاء اللائحة بل هي جهة اعتماد اللائحة التي توافق عليها النظام وهيئة التفاوض، وجهة الإيداع لها، لذلك فإن الحديث المتكرر من قبل بعض أعضاء لجنة الـ(50) من أنهم محكومون بلائحة داخلية وضعتها الأمم المتحدة هو تدليس على السوريين فهذه اللائحة نتاج توافقهم مع النظام وما كان بإمكان الأمم المتحدة ولا المبعوث الخاص فرضها أو طرحها إلا بعد موافقة الطرفين.
التنازل عن “التفاوض” لصالح “التشاركية”
تستخدم مجموعة الـ(50) في اللجنة الدستورية مصطلح “المفاوضات الدستورية” أو “المفاوضات في اللجنة الدستورية”، وهذا مصطلح مخاتل يتناقض أصلاً مع القواعد الإجرائية للجنة (اللائحة الداخلية)، فما يحدث في هذه اللجنة ليس عملاً تفاوضيا بين طرفين، أو ثلاثة إذا أضفنا المجتمع المدني للنظام والمعارضة، بل إن ما يحدث هو ورشة عمل مشتركة بين خليط من الأعضاء الذين ينتمون إلى مشارب سياسية مختلفة، وهذا الأساس التشاركي نجده في عدة أسس قامت عليها لجنة سوتشي حسب لائحتها الداخلية، وأهمها:
قاعدة التصويت العددي وليس التمثيلي: عندما نكون أمام عملية سياسية أو عملية تفاوضية بين طرفين، فإن هذين الطرفين يتمتعان بالمساواة، كطرفين متقابلين لكل منهما إرادة واحدة مستقلة عن الآخر، ولو فرضنا مثلا أنه في وفدين تفاوضيين مؤلف كل وفد منهما من 10 أعضاء، فإنه يكون لكل وفد صوت واحد ورأي واحد وموقف واحد وليس 10 أصوات، مبدأ التصويت العددي يثبت أن مضمون وجوهر ما يحدث في اللجنة هو ورشة عمل تشاركية بين أعضاء مختلفي المشارب وهؤلاء الأعضاء يصوتون بشكل فردي وليس ضمن وفود متقابلة، وهذه قاعدة بدهيّة وأساسية في الوفود التفاوضية ولا تحتاج إلى من يؤكدها أو ينص عليها.
في اللائحة الداخلية للجنة سوتشي وتحديدا في المادة الثالثة الفقرة 13 من اللائحة يرد ما يلي:
” ينبغي أن يحكم عمل اللجنة الدستورية التوافق والانخراط البناء بغية تحقيق الاتفاق العام لأعضائها الأمر الذي سيمكن مخرجاتها من التمتع بأوسع قبول ممكن من طرف الشعب السوري، وتحقيقا لهذا الغرض، تمارس اللجنة بهيئتيها المصغرة والموسعة، عملها وتعتمد قراراتها بالتوافق كلما أمكن وإلا فبتصويت 75 في المئة على الأقل من الأعضاء في الهيئة المعنية (أي 113 عضوا حاضرا ومدليا بصوته في الهيئة الموسعة، و34 عضوا حاضرا ومدليا بصوته في الهيئة المصغرة)، وتكون نسبة الـ 75 في المئة نسبة ثابتة”.
إن مجرد قراءة هذه المادة التي لا تحتاج إلى تفسير، يوضح أننا في لجنة سوتشي الدستورية، لسنا أمام “عملية سياسية” أو علمية “تفاوض سياسي” كما يزعم أعضاء اللجنة، بل نحن أمام ورشة عمل مشتركة يتم التصويت على مخرجاتها بشكل فردي، فلو فرضنا أن كل وفد مجموعة الـ50 المعارضة، وكل وفد مجموعة الـ50 للمجتمع المدني صوتوا بنعم على قرار ما، فإن ذلك لا يعني اعتماد هذا القرار إلا بعد أن يصوت 13 عضوا من وفد النظام، هذا أغرب ما يمكن أن نتصوره، وهو في حقيقته يقوم على فلسفة رؤية نظام بشار الأسد وروسيا التي لا تعترف بالمعارضة كطرف مفاوض، ولذلك اعتمدت قاعدة التصويت العددي، ولو كنا أمام تفاوض سياسي، أو عملية فنية تتم في إطار تفاوض سياسي، لكان من الواجب اعتماد قاعدة التصويت التمثيلي، أي أن يكون للمعارضة صوت واحد مقابل صوت للنظام وصوت للمجتمع المدني، لكن للأسف كما قلنا سابقا فإن من وافق على تمرير هذه اللائحة يتحمل مسؤولية خطيرة تتمثل في أنه ألغى التفاوض السياسي وسلم قرار المخرجات لإرادة نظام بشار، فلا مجال لإدخال أي تعديل أو صياغة أي نص دستوري من دون أن يوافق النظام على ذلك.
وقد يقال بأن هذه القاعدة تنطبق أيضا على النظام، فالنظام كذلك لا يستطيع تمرير أي شيء من دون موافقة مجموعة المعارضة و13 عضوا من المجتمع المدني، وهذا الأمر نظرياً وتقنياً صحيح، لكنه سياسيا غير صحيح بالمطلق، فمن يسعى لدستور ديمقراطي حقيقي جديد للبلاد ليس النظام بل السوريون، وهو كما نعلم جميعاً، لا يريد ذلك أصلا، ولذا ستكون كل المخرجات وفق ما يراه هو وما يريده، فقاعدة التصويت العددي أعطت النظام القدرة على التحكم بكل مسار العملية الدستورية سواء قلنا إنها تتوافق مع القرار 2254 أو لا، من دون أن يتحمل مسؤولية التعطيل أو السلبيات لأن اللجنة كما قلنا لا تمثل نظاما ومعارضةً ومجتمعا مدنيا بل إنها تمثل أفرادا ينتمون إلى هذه الاتجاهات الثلاث.
قاعدة الرئاسة المشتركة: تصوِّر لنا مجموعة الـ50 أن وجود الرئاسة المشتركة للجنة سوتشي هو دليل على التوازن والمساواة بين النظام والمعارضة، وللأسف هذا تضليل آخر، ذلك أننا في لجنة سوتشي لسنا أمام وفود ثلاثة بل إننا أمام أعضاء أفراد يأتون بالتساوي من ثلاث مواقف سياسية كما أوضحنا سالفا، وهذا يختلف بشكل كامل عن وجود ثلاثة وفود متقابلة على طاولة تفاوض سياسي، وقاعدة الرئاسة المشتركة تبين هذا الأمر بشكل جلي، حيث تتحدث المادة الرابعة في فقراتها 14و15و16 من اللائحة، عن صلاحيات الرئيسين المشتركين، اللذين يجب أن يعملا بالتوافق بينهما (الفقرة 15)، وهما معا يتمتعان بصلاحية إدارة الجلسات وتسجيل المتحدثين ودعوتهم للتحدث وضمان احترام اللائحة الداخلية، وتعزيز مشاركة المرأة، وتلقي واقتراح أفكار حول عمل اللجنة إذا ما اقتضت الحاجة (الفقرة 16).
تحليل كل كلمة في هذه الفقرة يحتاج لعدة مقالات، وهي في حقيقتها تدل على أن الرئيسين المشتركين يديران مجموعة من الأعضاء وليس وفوداً تفاوضية، ولذلك فإن من حق كل عضو أن يتحدث وأن يطرح ما يريد وأن يقدم ما يراه مناسباً من مذكرات واقتراحات، وهذا أمر غريب للغاية في عملية سياسية، فكما ذكرنا سالفا أن الوفود التفاوضية يجب أن تتحدث برؤية واحدة وموقف واحد لكل وفد، ولا يحق لأي من أعضاء أي وفد تفاوضي أن يطرح ما يراه أو حتى أن يتحدث من دون تكليف من رئيس وفده، ولذلك فإن المروجين لمقولة أن مسار لجنة سوتشي الدستورية هو جزء من المسار السياسي إما أنهم لم يقرؤوا اللائحة التي تنظم عملهم أو أنهم قرؤوها ولكنهم يصرون على تدليس مواقفهم على السوريين.
منح مفتاح إقرار الدستور لنظام الأسد
نصت المادة السابعة من لائحة لجنة سوتشي في فقرتها الـ 23 على ما يلي: ” تتفق اللجنة الدستورية على وسائل الموافقة العمومية وتضمين الإصلاح الدستوري المُقّر من قبل اللجنة الدستورية في النظام القانوني السوري، ولها أن تستعين في ذلك بالمساعي الحميدة للمبعوث الخاص إذا ما اقتضت الحاجة”. ربما تكون هذه الفقرة التي جاءت في آخر اللائحة هي الأكثر خطورة، والتي لا تنسف المسار السياسي حسب بيان جنيف والقرار 2254 وحسب، بل إنها عمليا تنسف المسار الدستوري الذي تدعي مجموعة الـ 50 وملحقها بأنه انخرط فيه كجزء من محاولات التقدم خطوة باتجاه الحل السياسي.
مضمون هذه الفقرة يوضح بجلاء أن موضوع الاستفتاء على مخرجات اللجنة الدستورية، ليس أمراً مفروغا منه كما يدعي أعضاء اللجنة، بل إن وسائل الموافقة العمومية باتت تتوقف على ما سيتفق عليه أعضاء اللجنة وذلك خلافا لما نصت عليه الفقرة 4 من القرار 2254، وبالعودة لقاعدة التصويت العددي الشاذة سنجد أنه من غير الممكن اعتماد أي وسيلة سواء استفتاء أو غيرها من دون موافقة أعضاء الوفد الذي يمثل النظام، لأن القرار يحتاج لـ 113 عضوا لتحديد هذه الوسيلة!
وللأسف فإن عبارة تضمين الإصلاح الدستوري في النظام القانوني السوري، سيأخذنا حتماً للاحتمالات التالية:
الاحتمال الأول: أن ينتج عن لجنة سوتشي الدستورية “تعديلات دستورية”، وذلك حسب ولاية اللجنة، لأنه طبقا للمادة الأولى الفقرة 8 من اللائحة فـ: ” للجنة الدستورية أن تراجع دستور عام 2012 بما في ذلك في سياق التجارب الدستورية السورية الأخرى وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد “، في هذه الحالة فإن عملية إقرار هذه التعديلات وإدخالها في النظام القانوني السوري، ستحكمه المادة 150 من دستور بشار الأسد عام 2012 والتي تقول بالحرف:
“1- لرئيس الجمهورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح تعديل الدستور.
2- يتضمن اقتراح التعديل النصوص المراد تعديلها والأسباب الموجبة لذلك.
3- يشكل مجلس الشعب فور ورود اقتراح التعديل إليه لجنة خاصة لبحثه.
4- يناقش المجلس اقتراح التعديل فإذا أقره بأكثرية ثلاثة أرباع أعضائه عُدًّ التعديل نهائياً شريطة اقترانه بموافقة رئيس الجمهورية”.
وهذا هو الطريق الوحيد للتعديل الدستوري في سوريا حسب دستور عام 2012، أي موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب شريطة أن يوافق رئيس الجمهورية على ذلك.
الاحتمال الثاني: أن ينتج عن أعمال اللجنة “دستور جديد”، وإذا حصل ذلك فإن الدستور الجديد لا يمكن إقراره إلا عبر الاستفتاء وهذا يأخذنا للمادة 116 في دستور بشار عام 2012 والتي تقول: “لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في القضايا المهمة التي تتصل بمصالح البلاد العليا وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ إعلانها، وينشرها رئيس الجمهورية”، ولا يوجد في كل دستور بشار آلية أخرى لإجراء الاستفتاء.
في كلتا الحالين فإن طريق اللجنة الدستورية سيكون باتجاه بشار الأسد، وترتيباً على ما سبق فإن مجرد صدور مرسوم من قبل المجرم بشار بإجراء الاستفتاء أو إقرار التعديل، يعني تشريعا لكل مرحلة بشار وكل الإجراءات التي قام بها خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي حذرنا منه سابقاً وخرجنا بسببه من هيئة التفاوض مع كثير من الزملاء، ويعلمه بعض زملائنا الذين أصروا على الذهاب في خيارهم الذي ترونه حالياً بغض النظر عن دوافعهم لهذا الخيار، لقد كنا نكرر وبشكل مستمر أنه لا بديل عن الإعلان الدستوري المؤقت والذي سيكون نافذاً بمجرد الموافقة عليه ضمن حزمة اتفاق الانتقال السياسي من دون أي تدخل من أي جهة كانت، حيث إن مهمة الإعلان الدستوري المؤقت هو إلغاء دستور عام 2012، وتنظيم عمل هيئة الحكم الانتقالي في المرحلة الانتقالية، بينما تبقى كتابة دستور سوريا من حق السوريين في المرحلة الانتقالية بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي نص عليه بيان جنيف.
ختاما لا أجد أنسب ما يقال في هذا الوضع مما قالته الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية في أحد اجتهاداتها في معرض تعريفها للخطأ المهني الجسيم الذي يرتكبه قضاة الحكم، حيث قالت: “إن هذا الخطأ لا يقع إلا من جاهلٍ أو لاهٍ أو ساهٍ عابثٍ أو متعمد”، وزملاؤنا الذين نكن لهم الاحترام وقعوا في الخطأ الوطني الجسيم، الذي يضع مستقبلنا جميعا ومستقبل أبنائنا بين يدي مجرمي حرب مثل بشار الأسد وشركائه.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا
289 9 دقائق