تزامن إعلان وزارة الدفاع الروسية عن ارتياحها بسبب «نجاح» الهدنة في تخفيف حدة التوتر في إدلب، وإقامة قناة اتصال دائمة بين الجيشين الروسي والتركي، مع بروز معطيات في وسائل الإعلام الروسية عن مواصلة الطرفين إرسال تعزيزات عسكرية إلى سورية رغم الاتفاق أخيراً على إجراءات مشتركة لمواجهة تفاقم الموقف.
وأعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا أوليغ جورافليوف، أن العسكريين الروس أنشأوا قناة اتصال دائمة مع الجيش التركي بهدف التنسيق بشكل متواصل حول تطورات الوضع في إدلب.
وقال رئيس المركز، التابع لوزارة الدفاع الروسية، إن قناة الاتصال هدفها تحسين «التنسيق العملياتي» بين قاعدة «حميميم» الروسية والجانب التركي. وأفاد جورافليوف بأن وحدات الشرطة العسكرية الروسية ضمنت وصول 13 رتلاً تركياً إلى مواقع تموضع نقاط المراقبة التابعة للقوات المسلحة التركية في منطقة إدلب لخفض التصعيد. وأشار المسؤول العسكري الروسي إلى تراجع عمليات القصف من المسلحين في المنطقة، بعد فرض نظام وقف إطلاق النار على خط التماسّ، اعتباراً من السادس من الشهر الجاري، بموجب الاتفاق الروسي التركي الأخير. ولفت إلى أن مركز المصالحة لم يرصد أي انتهاك لنظام وقف الأعمال القتالية من المسلحين الموالين لأنقرة، خلال الساعات الـ 24 الماضية.
ومع ذلك، فقد أشار رئيس المركز إلى رصد عمليات قصف في بلدتين بريف اللاذقية من مسلحي «الحزب الإسلامي التركستاني» و«جبهة النصرة» (غير الخاضعتين لسيطرة تركيا). وأبدى ارتياحاً لأن «الاتفاق مع أنقرة أدى إلى تراجع ملموس في عدد الهجمات».
في الأثناء، نقل الملحق العسكري لصحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الفيدرالية الروسية، أن تركيا نشرت قواتها في محافظة إدلب السورية، على الرغم من اتفاقات موسكو، وأشارت إلى أن أنقرة استخدمت الهدنة كغطاء لتعزيز حضورها العسكري عبر زج أعداد كبيرة من الآليات والمعدات القتالية بالتفاهم مع موسكو، التي نشّطت أيضاً من جانبها عمليات نقل البضائع العسكرية إلى سوريا عن طريق البحر.
وأفادت الصحيفة بأنه في انعكاس لطبيعة التطور الذي أحدثه الاتفاق الروسي التركي، فقد تم تلقي معلومات حول عبور ثلاث طائرات تركية من دون طيار على الأقل من الحدود الجوية السورية، قامت بمهام الاستطلاع والمراقبة. ولم يتخذ السوريون أي إجراء ضدها خلافاً للوضع قبل أسبوعين عندما كانت دمشق تسارع إلى استهداف الطائرات التركية المسيّرة. وقالت المصادر إنه «كما يبدو فإن تركيا لا تريد الامتثال للاتفاق، وإلا كيف يمكن أن تفسر النقل المستمر لقواتها إلى الأراضي السورية؟ والقوافل العسكرية تتكون من العديد من المركبات المدرعة وناقلات الوقود وأجهزة ذاتية الدفع وأنظمة مدفعية صاروخية وأنظمة رادارت متحركة وشاحنات ذخيرة»، مشيرة إلى أن الإمدادات التركية «تتواصل إلى ما لا نهاية في اتجاه الجنوب». وخلصت إلى أن «أنقرة واثقة من أن المعارضة السورية لن تكون قادرة على الصمود طويلاً من دون مساعدتها، وسيكون عليها عاجلاً أم آجلاً قتال قوات بشار الأسد بجدية». وفي غضون ذلك، يواصل المراقبون المستقلون الأتراك تسجيل مرور السفن البحرية الروسية التي تحمل شحنات عسكرية عبر مضيق البسفور باتجاه ميناء طرطوس السوري. ووفقاً لخبراء روس، فإن «الرئيس رجب طيب إردوغان بدأ مفاوضات لا لإقناع موسكو بعدم عرقلة تصرفات القوات التركية في سوريا، ولكن للتوصل إلى الوقف المؤقت اللازم للحرب لإعادة تجميع قوات المعارضة ونقل قوات تركية إضافية إلى الأراضي السورية». مضيفةً أنه «لعدة أسابيع من القتال العنيف، أنفقت القوات المسلحة التركية كمية لا بأس بها من الذخيرة عالية الدقة باهظة الثمن، وهناك حاجة إلى أموال ووقت إضافي لتجديدها».
ونقلت الصحيفة عن خبراء روس أن ثمة جانباً آخر في المشكلة حول إدلب، لم تلتفت إليه موسكو وأنقرة عند إعلان اتفاقهما، إذ لم يأخذ الطرفان في الاعتبار مشاركاً آخر في العملية هي إيران. التي تدعم في إدلب مجموعات كبيرة مسلحة ومدربة بشكل جيد من قِبل فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني.
المصدر: الشرق الاوسط