تواصل التصعيد في محافظة إدلب شمال غربي سوريا أمس (الأحد) وشن الطيران الروسي غارات مكثفة على محاورها الغربية تزامنا مع قصف صاروخي للنظام في محيط نقطة مراقبة تركية وتجدد قصفه على المحاور الجنوبية، بينما واصلت تركيا تعزيز نقاطها العسكرية بعد رفض طلبات روسية بتقليل عددها أو خفض أعداد القوات وسحب الأسلحة الثقيلة منها.
وأفادت المعارضة السورية بمقتل مدني وإصابة أكثر من خمسة آخرين، الأحد جراء قصف شنته طائرات حربية روسية بعشرات الصواريخ على مناطق في محافظة إدلب.
وقال مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة في إدلب، لوكالة الأنباء الألمانية، إن خمس طائرات روسية شنت أكثر من 30 غارة أطلقت عشرات الصواريخ على قرية عرب سعيد وغابات بلدتي كفرجالس وباتنته بريف إدلب الجنوبي، ما خلف دمارا واسعاً في المباني والممتلكات.
وأضاف المصدر، أن بعض الغارات استهدفت مواقع عسكرية دون معرفة حجم الأضرار في تلك المواقع. وقال سكان محليون في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي للوكالة، إن قرى جبل الزاوية بدأت ومنذ الصباح تشهد حركة نزوح باتجاه مدينة إدلب وريفها الشمالي جراء القصف العنيف الذي تعرضت له من الطيران الروسي.
وبالإضافة إلى ذلك، قال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر، إنه بالتزامن مع القصف الجوي قصفت قوات النظام السورية بالمدفعية الثقيلة، بلدة سفوهن وقرى ومزارع في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي. وأضاف القائد العسكري، أن فصائل المعارضة قصفت بالمدفعية مواقع قوات النظام على أطراف مدينة معرة النعمان التي كانت مصدر القصف المدفعي باتجاه جبل الزاوية وتم تحقيق إصابات مباشرة.
هذا ونفذ سرب من الطائرات الحربية الروسية أكثر من 22 غارة جوية على مناطق في غرب إدلب ومنطقة عرب سعيد ومحيط بلدة باتنتا (شمال غرب)، وسط استمرار تحليق الطائرات في الأجواء، وذلك في أقل من ساعة واحدة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المناطق المستهدفة تتواجد فيها معسكرات ومقرات لهيئة تحرير الشام ومجموعات متشددة.
بالتزامن، سقطت قذائف صاروخية عدة على محيط نقطة المراقبة العسكرية التركية في قرية «اشتبرق» الواقعة في ريف جسر الشغور غرب محافظة إدلب، ما أدى لاشتعال حرائق في بعض الأحراش الواقعة بالقرب من النقطة. كما جدد النظام قصفه على جبل الزاوية في جنوب إدلب، وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، عن تعرض نقطة المراقبة السابعة التابعة لها في إدلب لهجوم من قبل أشخاص يرتدون ملابس مدنية، محملة النظام المسؤولية عن الحادث. وتم توزيع التعزيزات الجديدة على نقاط عسكرية عدة منتشرة في ريف إدلب الجنوبي، بغية دعمها وتعزيزها بالجنود والآليات والمعدات العسكرية. وبلغ عدد الجنود الأتراك في مناطق خفض التصعيد شمال غربي سوريا، نحو 15 ألف جندي، إضافة إلى مئات المدافع الميدانية وراجمات الصواريخ، فضلاً عن خمس منصات دفاع جوي محدودة المدى منذ اتفاق آستانة الأول بين تركيا وروسيا في 2017.
وكان وفد روسي وصل إلى أنقرة (الثلاثاء)، في اجتماع تشاوري عُقد في مقر الخارجية التركية على مدى يومين، وقدم مقترحاً لتخفيض عدد نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب السورية، إلا أنه لم يتم التوصل إلى تفاهم بهذا الشأن. وقال مصدر تركي مطلع، إن الجانبين التركي والروسي لم يتوصلا لأي تفاهمات بعد اجتماعهما في أنقرة. وكان أبرزها اقتراح الجانب التركي تسليم مدينتي منبج وتل رفعت للجيش التركي، بينما طالب الجانب الروسي بانسحاب تركيا من نقاط المراقبة في إدلب. ورفضت أنقرة اقتراحا روسياً آخر بالانسحاب من نقاط المراقبة الواقعة داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام وتقليص عدد قواتها في المنطقة وسحب الأسلحة والمعدات العسكرية منها، ليفشل الاجتماع في تحقيق أي نتيجة.
وأكدت مصادر تركية، أن أنقرة لا ترغب في أي تغيير في الوضع في إدلب أو منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا التي أقامت فيهما 68 نقطة مراقبة عسكرية وتثبتت وجودها هناك، على نحو يضمن لها التواجد القوي يمنع تدفق موجات جديدة من اللاجئين على أراضيها.
وتقول موسكو إن تركيا لم تف بالتزاماتها بموجب اتفاقات أستانة والتفاهمات الثنائية، بشأن مناطق خفض التصعيد وإدلب ولم تقم بدورها للفصل بين المجموعات المتشددة وفصائل المعارضة السورية المعتدلة.
وحذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من انتهاء العملية السياسية بسوريا في حال استمرت خروقات قوات النظام في إدلب. وقال جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، إن تركيا تحتاج إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار في منطقة إدلب أولاً، مشيراً إلى أن الاجتماعات مع الجانب الروسي لم تكن مثمرة للغاية. وأضاف: «يجب أن يكون هناك هدوء نسبي… إذا استمر هذا الأمر، فقد تكون العملية السياسية انتهت. نحتاج إلى وقف إطلاق النار في سوريا من أجل الاستمرار والتركيز أكثر قليلاً على المفاوضات السياسية».
المصدر: الشرق الأوسط