مذكرات المناضل عمر حسين حرب حلقة الثامنة – تكملة الفصل الرابع

جمال حرب

يروي أبو حسين عمر هذا الفصل من تجربته مع الطليعة العربية والعمل الفدائي في تلك المرحلة الدقيقة:
بعد تجميد العمل في الطليعة عام 1969، وجدنا أنفسنا نتوجّه للعمل مع المقاومة الفلسطينية بانتمائنا الناصري، وتحديداً حركة فتح، للمساهمة في التنظيم وبعض المهام اللوجستية. وفي إحدى العمليات، طلب منا المسؤول، أبو العيس، نقل كمية من السلاح من منطقة عيتا الفخار على السلسلة الشرقية إلى المختارة.
تحركت حوالي أربع عشرة سيارة بشكل متباعد كي لا تثير انتباه الجيش اللبناني، تجمعنا بتعلبايا بطريقة متفرقة ثم مكسي ،فكفريا، إلى أن وصلنا المختارة. وتمت العملية بنجاح، ما عزز الثقة بيننا وبين أبو العيس، وبدأ يعرفنا واحداً واحداً ويطلعنا على التعليمات التنظيمية.
وبعد فترة، قدّم لنا شخصان سيستلمان المهام بعد سفره إلى الجزائر، وهما سمير شهاب وأبو نضال. كنا نجتمع عادة داخل السيارة لتسلم التعميمات. وفي يومٍ ما، طلب مني سمير شهاب استنفار الشباب بكامل عدّتهم. جمعتهم في حافلة المدرسة، وانطلقنا نحو القرعون.
وفي الطريق، سأل أحد المرافقين الفلسطينيين إن كان معنا ما يكفي من البنزين، فأجبته بالإيجاب. وصلنا مكتب فتح في القرعون، وهناك جاء شخص آخر وطلب منا التوجه فوراً إلى العرقوب، إذ كانت لديه معلومات عن احتمال حدوث إنزال إسرائيلي. توجهنا إلى المنطقة، وبقينا حتى الصباح… ولم يحدث شيء.
وبعد مدة، ظهر مسؤول فلسطيني جديد اسمه سمير، بينما كنا نحن مجموعة لبنانية معظم أفرادها من قرى البقاع الغربي. ومع تراكم التجاوزات السياسية واللوجستية والتنظيمية، عقدنا اجتماعاً موسعاً في منزل الأخ مصطفى رجب، واتخذنا قراراً واضحاً: فكّ العقد مع فتح، بسبب الاستياء الكبير بين الشباب من طريقة التعاطي معنا.
في تلك الفترة، جاء أبو إياد الرجل الثاني في فتح – إلى البقاع وعقد لقاء في منزل أحمد حمود في كامد اللوز، حضره النائب ناظم القادري وأنا. كان الاجتماع عاصفاً، وقال ناظم القادري يومها:فتح المكاتب في عيتا الفخار والقرعون مخالف لاتفاقية القاهرة، وما الذي يضمن ألا تقوم إسرائيل بقصف سد القرعون؟”
أما أنا فاعترضت على تعيين مسؤول فلسطيني على شباب لبنانيين، وعلى إرسال شباب غير مدرّبين إلى منطقة العرقوب.
انتهى الاجتماع دون نتيجة، وعدت وأبلغت الشباب بما حصل.
ثم اقتربت مناسبة 9 و10 حزيران، فقررنا تنظيم مهرجان كبير في كامد اللوز، وكان من أروع المهرجانات التي شهدتها المنطقة.
٩ حزيران أعلن الرئيس جمال عبد الناصر في خطاب مفاجئ التنحي عن رئاسة الجمهورية بعد الهزيمة.
١٠ حزيران خرجت المظاهرات الشعبية المطالبة بعودته عن التنحي، فقرر عبد الناصر الاستجابة واستئناف مهامه، لتصبح هذه الذكرى محطة رمزية مهمة في الوعي القومي، تجمع بين ألم الهزيمة وقوة الإرادة الشعبية.
وبعد المهرجان، تم استدعاؤنا من قبل أمانة الشؤون العربية في القيادة القومية إلى القاهرة لاجتماع حضره ممثل من آل الصوفي عن القيادة، وبحضور سمير حجازي، وكان وفدنا يضم:
عمر حرب
أحمد قبيسي
وفيق مراد
علي الصميلي
وكان المطلوب إعادة تفعيل العمل الطليعي مجدداً.
في صيف عام 1973، كانت مصر وليبيا تعملان على مشروع الوحدة تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وكان مقرراً أن يبدأ في الأول من أيلول بعد التحضيرات المشتركة. فجأة، قرر معمر القذافي السفر إلى القاهرة دون علم السلطات المصرية، إذ أقلعت طائرته ووصل إلى مطار القاهرة دون وجود مسؤولين لاستقباله.
استقل القذافي سيارة أجرة وتوجه إلى وسط المدينة، ثم نزل في فندق عادي. وفي تلك الأثناء، كان أنور السادات خارج مصر في زيارة إلى السعودية، فلما علم بالخبر قطع زيارته وعاد إلى القاهرة ليلتقي بالقذافي.
كان الاجتماع بعيداً عن الود، وشهد توتراً في وجهات النظر حول كيفية الاتحاد بين البلدين. وفي سياق الحديث عن الأحداث السابقة، يقول أبو حسين عمر:
“العقيد القذافي قال للرئيس أنور السادات: لدي معلومات أن جمال عبد الناصر ترك تنظيماً قومياً سرياً اسمه الطليعة”
فأجابه السادات: “لا علم لي بذلك.”
وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، صارت التعاميم تصلنا عبر السفارة المصرية. إلا أننا فوجئنا بأن المغلف الأول وصل مفتوحاً، وكذلك المغلف الثاني. عندها كلفنا الأخ أحمد قبيسي بالاستفسار عن الموضوع، وتم الطلب منا أن نلتزم بالقناة الرسمية حتى تتضح خلفيات هذا الإجراء
وعندما راجع الاخ أحمد قبيسي السفارة، جاءه الجواب:هذا قرار أمني بالاطلاع على الصادر والوارد لديكم.”
عرضنا الأمر على الإخوة، واقترحت تعليق العمل مع السفارة إلى حين اتضاح الصورة. إلا أن واحداً من الإخوة اعتىض وهو وفيق
مراد، وانتهى النقاش إلى تجميد العمل مرة أخرى
سيرة رجل عاش من أجل وطن لا من أجل الأضواء
المصدر: صفحة جمال حرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى