تحوّل في التعاطي الأميركي مع “قسد” وتشديد أمني بحق معتقلي “داعش”

تشهد الأشهر الأخيرة، تغييرات ملموسة في التعاطي الأميركي مع ملف شمال شرقي سوريا، في ظل تطورات ميدانية وأمنية متسارعة في المنطقة.
ومن المتوقع أن تستمر هذه التغييرات، خلال الفترة المقبلة، على خلفية الهجوم الذي تعرضت له قوات أميركية في منطقة تدمر شرقي حمص، يوم السبت الفائت (13 كانون الأوّل)، والذي نفذه عنصر منتسب لتنظيم الدولة (داعش).
إجراءات أمنية خاصة بمنتسبي “داعش” السابقين
علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر مطلعة على تحركات قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا، أن الجانب الأميركي بدأ قبل عدة أشهر اتخاذ إجراءات أمنية مشددة تتعلق بالسجون التي يحتجز فيها التحالف منتسبين سابقين لـ”داعش”، والموجودة بشكل أساسي في محافظة الحسكة.
وأوضحت المصادر أن التحالف نقل أبرز قيادات التنظيم من سجني “غويران والكم الصيني” إلى سجون تحت سيطرته في العراق، في خطوة يُرجح أنها جاءت استناداً إلى معلومات تشير إلى وجود اتصالات بين قوات “قسد” وفصائل عراقية.
وأضافت المصادر أن هذه التحركات تهدف إلى منع أي تجدد لنشاط خلايا “داعش” على الأراضي السورية، بما قد يؤثر سلباً على استقرار الحكومة السورية الجديدة ويعرقل جهودها الأمنية والسياسية.
وشكّل التحالف الدولي، منذ بداية شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، لجنة خاصة للإشراف على ما تبقى من السجناء المحتجزين في سجون محافظة الحسكة.
وجاء ذلك بعد أن شاركت الحكومة السورية معلومات مع التحالف الدولي، تؤكد القبض على خلايا لتنظيم “داعش”، كانت قد فرّت قبل فترة قصيرة من السجون الخاضعة لسيطرة “قسد”.
دفع “قسد” باتجاه التنسيق مع الحكومة السورية
تشير المعلومات إلى أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة يتجه لدفع “قسد” للتنسيق الأمني مع الحكومة السورية، لضمان تقليص الثغرات التي تتيح لخلايا “داعش” النشاط في سوريا.
وترغب واشنطن بتفعيل العمل المشترك بين قوات مكافحة الإرهاب التابعة لـ”قسد”، والاستخبارات السورية، بالإضافة إلى توفير تنسيق ميداني بين مجلس دير الزور العسكري والحكومة السورية.
وتعكس هذه الخطوة الأميركية تركيزاً أكبر على ضبط الواقع الأمني في سوريا، في ظل وجود تعثر بمسار المفاوضات بين “قسد” والحكومة السورية بخصوص عملية الاندماج.

وبالتالي فقد تعمل واشنطن على تحويل الملف الأمني إلى ما يشبه بوابة لبناء الثقة بين الجانبين، كما أن نجاح هذا التنسيق يعني مستقبلاً إتاحة المجال أمام “إدارة ترمب” تقليص انتشارها العسكري في سوريا، والاكتفاء بالإبقاء على مستشارين وتقنيين يقدمون الدعم اللازم للشركاء على الأرض من أجل استكمال عملية مكافحة “داعش”.
استياء “قسد” من إدارة ترمب
هاجم آلدار خليل، القيادي في “حزب الاتحاد الديمقراطي”، وأبرز مؤسسي “الإدارة الذاتية”، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس براك.
واستنكر في تصريحات له أطلقها، يوم السبت الفائت، محاولات براك فرض الحلول على السوريين، وتسائل “مَن أعطاه الحق في هذا، وكيف يتجاهل أن أميركا ذاتها تدار باللامركزية”.
وقبل أسبوع من تصريحات “خليل”، أجرى قائد “قسد” مظلوم عبدي حواراً مع صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، وتحدث عن تراجع الدعم الدولي لـ”قسد”، عقب إلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وأشار “عبدي” إلى انخفاض أعداد أفراد الأمن، وأن خطر تنظيم “داعش” ما يزال قائماً، ليفهم من هذه الخطوة أنها استجداء للدعم الإسرائيلي في ظل تراجع اهتمام الإدارة الأميركية المتزايدة بـ”قسد”، لصالح تطوير علاقاتها مع الحكومة السورية، التي أصبحت رسمياً عضواً ضمن التحالف الدولي لمكافحة “داعش”.
وسبق أن أكد المبعوث الأميركي إلى سوريا، خلال مشاركته في “منتدى الدوحة 2025″، فشل اللامركزية في الشرق الأوسط، وعدم تحقيقه النجاح، مستشهداً بما حصل في منطقة البلقان من تقسيمها إلى 7 دول، مما أدّى إلى الفوضى، بالإضافة إلى المعضلة التي شكّلتها اللامركزية في العراق.

من الواضح أن الظروف التي أسهمت في تنامي قوة “قسد” السياسية والعسكرية بدأت تتلاشى تدريجياً، سواء بسبب سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض ومجلس النواب الأميركي، أو سقوط نظام الأسد، وما توفره الحكومة السورية الحالية من خيار مهم بالنسبة لـ”إدارة ترمب” في منع عودة نفوذ إيران إلى سوريا ومنع استمرار تهريب السلاح إلى لبنان.

المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى