مرة أخرى، كما في السنوات العشر السابقة يتحرك الداعشيون المسيحيون أو المتطرفون اليمينيون في شمال أوروبا للتعبير عن أحقادهم وعدوانيتهم غير المبررة ضد الاسلام والمسلمين ومقدساتهم، وخاصة القرآن الكريم والمساجد، الأمر الذي أعاد خلق فتنة جديدة، واستفز المسلمين ودفعهم للرد، تارة بطريقة عقلانية، وبطريقة هوجاء تارة أخرى.
وما زالت الأجواء والأمزجة الشعبية في السويد تتفاعل ، ويسودها التوتر والاحتقان ، رغم معالجة السلطات للإشكال بطريقة قاصرة لا تدل على اهتمام كاف ، والملاحظة الرئيسية أن السلطات السياسية العليا تترك الأمر للشرطة لتعالجه باعتباره مجرد ( جرم جنائي ) ولا تتدخل فيه ، مع أن الحالة تستوجب المعالجة التشريعية والسياسية لسن قانون يحمي المقدسات الدينية من الانتهاك والاعتداء ، ويعاقب على التحريض والاستفزاز ، إذ أن شرطة مالمو التي كانت مسرح الجولة الاخيرة من الصراع غير المعلن بين الداعشيين المسيحيين والمسلمين في السويد تعتبر احراق القرآن عملا من اعمال الحرية، لا فعلا جرميا، وعنصر الخطأ هنا مساواتهم بين القرآن الكريم وأي كتاب آخر ، وهذا فهم قاصر وخاطئ يتطلب المراجعة والتصويب .
بدأ الفصل الأخير من هذه الفتنة المتكررة في مطلع أغسطس الماضي حين طلب المواطن الدنماركي راسموس بالودان ترخيصا من شرطة مدينة مالمو الواقعة قرب الحدود السويدية – الدانماركية لتنظيم مظاهرة يوم 28 اغسطس في حي روسنجورد ذي الغالبية المسلمة، وتتضمن المظاهرة فقرات متنوعة، إحداها احراق القرآن أمام أحد المساجد، وأثناء خروج المصلين من صلاة الجمعة! ويمكن لأي شخص مهما كان غبيا يدرك أن هذه ليست تظاهرة سلمية بل خطة للاستفزاز والعدوان والاهانة لا للقرآن فقط بل لكل المسلمين. رفضت الشرطة الموافقة على الترخيص، وطعن بالودان بقرار الشرطة أمام المحكمة الادارية، فأيدت هذه قرار الشرطة، وايدت طرده من السويد ومنعه من الدخول اليها لمدة عامين. لأن هذا المتطرف كرر زياراته الى مالمو خلال سنوات وقام بفعاليات استفزازية معادية للمسلمين، حتى أصبح رجلا خطرا على الامن والاستقرار كما قالت الشرطة.
لم تنته القصة هنا لأن بالودان سياسي يميني متطرف، وعضو في حزب يميني عنصري يحمل نفس الافكار والمواقف، اسمه سترام كورس، وخاض الانتخابات العامة وفشل، وبرنامجه يتركز على مكافحة المسلمين ويطالب بسحب الجنسيات منهم وطردهم، لأنهم لا يؤمنون بالحرية والديمقراطية وبالتالي فهم لا يتكيفون مع الثقافة الاوروبية ولا يصلحون لحمل جنسياتها، ويقوم بحرق القرآن لاستفزاز المسلمين، وعندما يصدر عنهم رد فعل غاضب، يراه دليلا على أنهم لا يؤمنون بالحرية التي يؤمن بها السويديون والدانماركيون! وهو ينشط باستمرار بين البلدين، ويزور مالمو باستمرار تضامنا مع أهلها الذين يتعرضون (للإبادة) برايه على أيدي المهاجرين المسلمين الذين أصبحوا غالبية سكان مالمو! وهو متحالف مع (حزب الديمقراطيين السويديين)، وهو حزب يميني متطرف أيضا ومعاد للمهاجرين جميعا، وخصوصا منهم المسلمين، وعلى الأخص العرب!
وبفضل ذلك قام بالودان بعد طرد السلطات السويدية له، بتنفيذ خططه ذاتها، بواسطة سويديين من اتباعه. فقام أحدهم بإحراق القرآن وتوزيع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعية. وقامت مجموعة مماثلة بركل المصحف بأقدامهم!
ثم امتدت سلسلة الجرائم الى الدانمارك والنرويج. وفي الأول من سبتمبر وصلت الى فرنسا مع عودة صحيفة تشارلي ايبدو اليمينية المعادية للإسلام بنشر الصور المسيئة للرسول الكريم قبل 15 سنة.
ردا على ذلك بدأت تحركات المسلمين في مالمو والسويد فحدثت تظاهرات عارمة وغاضبة تطورت الى عنف محدود مع الشرطة، ووقعت حرائق في بعض المباني العامة في عدة مدن. وقامت المؤسسات الاسلامية في المدينة بتنظيم فعالية رسمية للتنديد بإحراق القرآن والاعتداء على المسلمين، واهانتهم واستفزازهم، والمطالبة بمساواتهم ببقية الأديان، وحضر الفعالية ممثلون عن الكنيسة وعن الجالية اليهودية. ولكن الحكومة والسلطات السياسية نأت بنفسها تماما عن الحوادث المتكررة، وكأنها مجرد جرائم ومخالفات سير من اختصاص الشرطة فقط!
والواقع أن هذه السياسة تشبه طريقة النعامة في دفن رؤوسها بالرمال لكي لا ترى الخطر القادم نحوها.
وفيما يلي شريط مطول من الأحداث طوال الاعوام الاخيرة تتحمل مسؤوليتها المباشرة مجموعات داعشية ويمينية وعنصرية متطرفة، أعترف كثير من قادتها أن تنظيماتهم الارهابية موحدة على المستوى الاوروبي، وتعمل لمواجهة ما يسمونها أخطار الوجود الاسلامي في القارة الاوروبية المسيحية.
1 808 3 دقائق
سبب الهروب استاذ يحيى أن السياسيين الاوروبيين في هذا الزمن جبناء ، ويبحثون عن مجاملة الناخبين والرأي العام ويخافون من مواجهة اليمين العنصري المتطرف .