
تستمر آلة القتل الإسرائيلي ممارساتها ضمن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وما انفكت ضمائر العالم تقف متفرجة على ما يجري، من حرب للإبادة لم يشهد التاريخ لها مثيلًا، ضمن سياقات عربية وإسلامية عاجزة أو متعاجزة عن فعل أي شيء، مما يمكن فعله لوقف هذه الحرب الفاجرة، التي دمرت الأخضر واليابس، وقتلت حتى الآن ما يزيد عن ٦٥ ألف غزاوي فلسطيني، عدا عن المفقودين والجرحى والمغيبين قسرًا في سجون الاحتلال الصهيوني.
لم يتمكن العالم حتى الآن رغم مؤتمر حل الدولتين والاعتراف العالمي بدولة فلسطين، من وضع حد حقيقي وجدي لحرب فاقدة للأخلاق، فاقت كل التوقعات بعنفها وقمعها، وأوصلت الإنسانية جمعاء إلى حافة الانهيار حيث تتربع فكرة الأنسنة بكليتها اليوم، على شفا حفرة من الانهيار القيمي، إن لم تكن قد انهارت فعلًا.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد التوصل إلى اتفاق شكلاني ما يتم عبره وقف النار ولو بشكل مؤقت، ليس من أجل حقن الدماء أو وقف حرب الإبادة بل فقط من أجل أن يتم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، التي يعد نفسه بها هذا العام.. كما يضغط أيضًا من أجل التوصل إلى تفاهم او اتفاق إسرائيلي سوري، ينتج حالة ما من وقف التعديات الإسرائيلية على الأراضي السورية اتي تتواصل اضطرادًا يوما إثر يوم.
لكن واقع الحال يقول: إن إسرائيل باتت تشعر كما تعيش نشوة فرط القوة التي نتجت بعد حربها المجنونة والحاقدة التي قاربت السنتين، على قطاع غزة، وعدوانها على جنوب لبنان، وكذلك تلك الحرب المصلحية ( صراع المصالح) بينها وبين إيران، التي توقفت مؤقتًا، يضاف إلى ذلك تعدي إسرائيل على دولة قطر وعاصمتها الدوحة بدعوى قتل المفاوضين الفلسطينيين، وصولًا إلى عدوانها الذي لا يتوقف ضد الجغرافيا السورية، وقضم الأراضي المتواصل، واحتلالها الكثير من المواقع في القنيطرة ودرعا وريف دمشق، والتدخل واللعب على ورقة السويداء أو ما تسميه إسرائيل حماية الطائفة الدرزية.
كل المؤشرات تشي بأن عدوان إسرائيل على قطاع غزة، وعربدتها في المنطقة العربية، ليس لها آخر، حتى لو جرى غدًا التوقيع على اتفاق بشأن قطاع غزة، أو تلا ذلك اتفاق آخر بشأن المنطقة العازلة في الجولان السوري، حيث لم يُعرف أبدًا عن إسرائيل أنها التزمت باتفاقاتها السابقة، أو وعودها التي قطعتها في فترات مضت من تاريخ وجود الكيان الصهيوني في منطقتنا. فكيف تلتزم اليوم بمثل ذلك، وهي الخارجة من حروب تعتقد انها تنتصر فيها على الجميع، وأنها بصدد أن تعيد صياغة المنطقة برمتها، بدعم أميركي صريح وواضح.
إن الوضع العربي الآن يمر في ظروف غاية في البؤس والترهل، وأوضاع الشعوب العربية كذلك ليست أقل سوءً، من أوضاع أنظمتها تلك، لكن القضية الفلسطينية كانت ومازالت، ومنها بالضرورة قضية قطاع غزة، والصراع العربي الإسرائيلي بكليته، قضية فلسطين ماتزال قضية مركزية للأمة كل الأمة، وعى البعض ذلك أم لم يعيه أدرك ذلك أم لم يدركه.
المصدر: مجلة الوعي السوري