جميع الطرق إلى واشنطن مسدودة أمام إيران: شروط تعجيزية؟

 مجيد مرادي

انتهت رحلة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى نيويورك بالفشل، بعد أن كان العديد من المحللين يتوقع منها أن تشهد انفراجاً في العلاقات الإيرانية الأميركية، والخروج من المأزق النووي، وذلك بعد فشل الصين وروسيا في إقناع مجلس الأمن بتمديد القرار 2231 لستة أشهر، وبعدما طرحت الولايات المتحدة شروطها التي اعتبرتها إيران تعجيزية.

إغلاق السبل

قبل هبوط طائرة بزشكيان في نيويورك، بُثت رسالة مصورة للمرشد الإيراني علي خامنئي على التلفزيون الحكومي الإيراني، أغلق فيها الأخير جميع السبل أمام أي مفاوضات بين إيران وأميركا. وقال المرشد في كلمته إن قبول الشرط الأميركي بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم يعني إهدار أو حرق جميع استثمارات إيران على مدى العقدين أو الثلاثة الماضية في المجال النووي. وقد واجهت هذه الرسالة، التي تعني قطع الطريق أمام أي مفاوضات مع أميركا، ردود فعل واسعة من قبل الناشطين السياسيين في إيران ورأى سياسيون إصلاحيون ومستقلون أن الرسالة أفرغت زيارة بزشكيان من أي مفعول، في حين أن المحافظين رحبوا بها مؤكدين على ضرورة رفض المفاوضات مع الولايات المتحدة بعد قصفها منشآت نووية إيرانية وسط المفاوضات.

الشروط الأميركية التعجيزية

من جانبه، قال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الإيراني: “نحن قبلنا حتى المفاوضات المباشرة مع أميركا، لكن واشنطن لم توافق على المفاوضات”. وأضاف لاريجاني أن الولايات المتحدة اشترطت، بالإضافة إلى القيود النووية، تقليص إيران مدى صواريخها إلى دون 500 كيلومتر.

بدوره، قال بزشكيان في ختام زيارته إلى نيويورك: “توافقنا مع الأوروبيين حول عقد المفاوضات، لكن نظرة أميركا كانت مختلفة. كان طلب أميركا غير مقبول. هم يطلبون منا تسليمهم جميع اليورانيوم المخصب لدينا. إذا كان علينا الاختيار بين مطالبهم غير المنطقية وعودة العقوبات، فنحن نختار عودة العقوبات”.

ويحاول كل من لاريجاني وبزشكيان القول بأننا “سلكنا جميع السبل ولم ننجح!” لكن لاريجاني يؤكد أن الشرط التعجيزي الأميركي أي تقليص مدى الصواريخ الإيرانية إلى 500 كيلومتر هو الذي أغلق باب المفاوضات، بينما يرى بزشكيان أن شرط تسليم اليورانيوم المخصب (400 على مستوى 60 في المئة) هو العائق.

وعلى الرغم من أن بزشکیان قد فضل صباح السبت عودة العقوبات على قبول شرط أميركا، إلا أن وزير خارجيته عباس عراقجي صرح مساء السبت من نيويورك في مقابلة مع التلفزيون الحكومي الإيراني بأن إيران لن تقبل بشرعية تفعيل آلية الزناد في ظل معارضة الصين وروسيا لتفعيلها، وقد أطلق هو وفريقه المرافق له في نيويورك حملة قانونية لمنع إعادة العقوبات.

من جهتهم، أكد وزراء خارجية إيران والصين وروسيا في بيان مشترك خلال أعمال منظمة شانغهاي على أن تفعيل آلية الزناد غير مبرر وفق القوانين الدولية لأن إيران التزمت بتعهداتها التي جاءت في القرار الأممي رقم 2231.

أميركا ليست مستعجلة

أما الولايات المتحدة، بعد قصف موقع فوردو وإيقاف برنامج التخصيب الإيراني، فلا تستعجل للتفاوض مع إيران. كان ترامب حريصاً قبل الحرب وقصف فوردو على لقاء مباشر مع إيران، وهو ما لم تقبل به طهران، وأجريت خمس جولات من المفاوضات بين وزير الخارجية الإيرانية عراقجي وممثل ترامب ستيف ويتكوف يتكوف بشكل غير مباشر، بوساطة من وزير الخارجية العماني.

ويعتقد الرئيس الأميركي أنه دمر البرنامج النووي الإيراني، ولهذا لا يظهر أي رغبة في التفاوض مع إيران. لكن الثلاثي الأوروبي يتوقع من إيران تقديم تقرير دقيق عن المواقع التي تم قصفها وتدميرها والسماح لمفتشي الوكالة بالتفتيش، بالإضافة إلى الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة التي أغلقت الباب أمام المفاوضات مع إيران واضعة شروطاً مسبقة.

السوق الإيرانية قبيل عودة العقوبات

وعلى الرغم من محاولة تطمين وزير الخارجية الإيرانية للشعب بعدم شرعية إعادة العقوبات وعدم تفعيل آلية الزناد، إلا انه منذ أيام، تحاول وسائل الإعلام الحكومية التقليل من تأثير عودة العقوبات على الاقتصاد الإيراني ومعيشة المواطنين، وإبعاد شبح الخوف عن رؤوس الناس، لكن تراجع العملة الإيرانية أمام الدولار من 100 إلى 110 آلف تومان في اليومين الماضيين. يعتبر مؤشراً على قلق السوق من تأثير عودة العقوبات.

وتشمل العقوبات التي أقرتها قرارات مجلس الأمن الستة التي فرضت على إيران من 2006 إلى 2010، المجالات العسكرية والنووية والتجارية والصاروخية والمصرفية والمالية المرتبطة بالأنشطة النووية. آخر هذه القرارات هو القرار 1929 لعام 2010، الذي فرض أشد العقوبات، والتي تشمل مجال الأسلحة والصواريخ والأنشطة الباليستية، و تبادل اليورانيوم، وحظر سفر المسؤولين المعنيين بالملف النووي وعقوبات على الملاحة البحرية، ومراقبة المعاملات المصرفية. ورغم أن هذه القرارات استثنت بيع النفط الإيراني، إلا أنها ستؤثر بشدة على معيشة المواطنين.

مع ذلك، شهدت سوق الأسهم في طهران يوم السبت ارتفاعاً ملحوظاً، وهو ما قد يكون نتيجة لتدخل الحكومة، وكذلك انخفاض قيمة العملة الإيرانية مما جعل أسهم الشركات المعتمدة على التصدير أكثر جاذبية.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى