
مازالت الحالة التي وصلت إليها أوضاع السويداء وجبل العرب تراوح بالمكان، وما برح المشهد هناك يشي بكثير وكثير من الدراماتيكية المتحركة، التي قد تصل إلى احتمالات كبيرة وجد خطيرة. كما ما يزال الواقع في محافظة السويداء يشهد كثيرا من التغيرات والتوقعات والتبدلات ضمنن آليات معينة، يحاول فيها بعضهم كأمثال الشيخ حكمت الهجري وجماعاته الوصول إلى حالة انقلاب حقيقي في الجنوب السوري تهيئة لانبثاق أوضاع جديدة قد تذهب بعيدًا ومديدًا باتجاه إعادة إحياء بعض المشاريع الخارجية، اللا وطنية، إنجازًا وإنفاذًا لاشتغالات حثيثة، تريد على أرض الواقع في السويداء وجبل العرب المزيد من حالات التشظي والتفتت والتفسخ في الجغرافيا السورية، وهو ما أشارت إليه تظاهرات حصلت مؤخرًا، بكل أسف، تم فيها رفع العلم الإسرائيلي، ثم دعوة إسرائيل إلى التدخل المباشر في الحالة السورية، ضمن سياقات استدعاء الخارج، وحماية الكيان الانفصالي الجنوبي المفترض.
رغم أن هناك العديد من حالات التململ ثم التصدي (لدى النخب الوطنية في السويداء) لكل ما يريد فعله حكمت الهجري ومجموعاته، من إقامة أوضاع جديدة في الجنوب، وتعديات على مقامات روحية، وكذلك سرقة المواد الغذائية التي تصل إلى السويداء من الحكومة السورية ومن منظمات وطنية وخارجية أيضًا، اليوم يبدو أن النخب الثقافية والسياسية والدينية أدركت تمام الإدراك خطورة المسألة وحجم وفداحة الانجرار إلى مشاريع وأجندات خارجية، كان من الممكن أن تسهم في تفتيت الوضع السوري، ومنع الوصول إلى حالة من الاستقرار طالما حلم بها السوريون.
مما دفع بعض منهم رغم تهديدات وتخويفات وتهديدات ما يسمى المجلس العسكري في السويداء، وكذلك مجموعات الهجري، حيث خرجت بعض النخب (ولو كان ذلك متأخرًا) من عنق الزجاجة، ثم راحت تحاول فضح وكشف أساليب حكمت الهجري وأجنداته وخطورتها على الواقع السوري، خاصة عندما أكد (عبد الباقي) أن ما يزيد على 75 بالمئة من الشعب في محافظة السويداء لم يعد متوافقًا أو متساوقًا أبدًا مع خيارات حكمت الهجري اللاوطنية، وهو (أي الشعب في السويداء) مازال مصرًا على العودة للدولة الوطنية السورية ومنع التقسيم، أو الجلوس والتربع في بوتقة العدو الإسرائيلي، الذي لا يمكن أن يكون خيارًا وطنيًا سوريًا لا في السويداء ولا في سواها. بأي حال من الأحوال بعد أن خبر السوريون ماهية الكيان الصهيوني وسياساته في سوريا والمنطقة العربية برمتها.
لكن يبقى السؤال: هل يمكن أن يتحقق المزيد ضمن هذه السياقات، في إطار التغير الحاصل على طريق محاصرة كل أفكار وسياسات حكمت الهجري وتهيئة الأمور إلى عودة سويداوية حقيقية وجدية إلى ملاذات الوطن السوري ولفظ كل المشاريع التفتيتية.. والحقيقة تقول وبوضوح إن هناك انحسارا جديا وحقيقيا لبعض ذلك المد والتوسع الشعبي الذي كان قد التف مع حكمت الهجري مؤخرًا، كردة فعل مباشرة على ما حصل من انتهاكات لحقوق الإنسان في بعض مناطق محافظة السويداء وجبل العرب، والتي أدت فيما أدت إليه، إلى توسع رقعة الوجود العسكري مع حكمت الهجري، قبل أن تعود هذه الجموع وتنفك من حوله، وتتركه بعد تصريحاته ومواقفه الأخيرة اللاوطنية التفتيتة والتي تريد الالتحاق بالكيان الصهيوني وهو ما لا يقبله أهلنا في السويداء وجبل العرب أبدًا.
انحسر الالتفاف حول حكمت الهجري وبات هذا الهجري يلاطم ومجموعاته الأمواج ولم يعد بالإمكان العودة إلى مسارات وأجندات تخريبية تفتيتية، خاصة بعد أن بدأت إسرائيل بالتخلي عن هذه المجموعات إبان مرحلة جديدة كان ديدنها المضي في سياسات إسرائيلية تفاوضية مع الحكومة السورية، حيث يبدو أن إسرائيل وجدت مصلحتها هنا، وليست هناك.
المهم في كل ذلك أن السياقات الجديدة للمشهد السوري في السويداء وجبل العرب تقول: إن هناك تغيرا ما في الوضع جنوبًا، وقد يؤدي قريبًا إلى المزيد من فتح قنوات الحوار المطلوبة وطنيًا، حيث يدرك السوريون أن لا مناص أبدًا من العودة إلى التفاهمات والحوارات السورية السورية نحو إعادة بناء صرح الوطن السوري الواحد الموحد الذي تريد استقراره، ليس انبثاقات وهيئات الدولة السورية فقط، بل معظم الدول الإقليمية والعربية وأيضًا الدولية.
فهل نشهد يا ترى وقريبًا بعض الانزياحات الكبرى في المشهد السوري في الجنوب السوري وخاصة في السويداء وجبل العرب؟ وهل تتغير بالفعل هذه المسارات؟ حتى يكون هناك امتدادات وآمال حقيقية لبناء الوطن السوري الواحد الموحد؟ أسئلة ما انفكت موجودة برسم أهل السياسة من السوريين، الحاكمين والمحكومين وكل المهتمين بالشأن السوري، كذلك الحريصون على بناء الدولة الوطنية السورية الجدية، دولة المواطنة المنشودة، الخالية من كل أنواع التفتت والتشظي أو الفوات.
السويداء محافظة مهمة وأساسية من محافظات سوريا، وكل الشعب السوري معني بأن تبقى جزءًا مهمًا من الجغرافيا السورية، مع أهمية إشراك نخبها وعلمائها ومختصيها، وكل طبقاتها الاجتماعية بحركة المشهد السوري برمته. شاء من شاء وأبى من أبى، وعوا ذلك أم لم يعوه أدركوا ذلك أم لم يدركوه.. حيث (لا مطلق ولا أزلي إلا الله، ماعدا ذلك فنسبي وتاريخي نحن منه حكرة وعي إنساني يتقدم، ونحن فيه حركة جدال).
المصدر: تلفزيون سوريا