اغتيال القمة العربية في بغداد وفشل الإطار التنسيقي

نبيل المنصوري الحسن

فشلت القمة العربية الرابعة والثلاثون التي عُقدت في بغداد فشلًا ذريعًا، ولم تكن سوى مناسبة كشفت خلالها الحكومة العراقية الحالية بقيادة محمد شياع السوداني عن عزلتها العربية والدولية ، وولائها الإيراني الفاضح، وسوء تقديرها السياسي والتنظيمي. لقد تحولت القمة من فرصة دبلوماسية لإعادة العراق إلى محيطه العربي والدولي إلى مسرح للعبث، وانتهت بفضائح سياسية ودبلوماسية ومالية أحرجت البلاد أمام أشقائها العرب.

مقاطعة عربية شبه شاملة… ورسائل صريحة من دول الخليج

لم يحضر القمة سوى قلة من الزعماء العرب، في طليعتهم أمير قطر، الذي غادر سريعًا بعد ساعات قليلة من وصوله، بعدما تم تقديم وزير الخارجية الأردني لإلقاء كلمة قبل الأمير نفسه، وهو خطأ بروتوكولي فادح أثار استياءه وغضبه. أما باقي القادة، فقد اكتفوا بإرسال وفود ثانوية أو دبلوماسية دون أي وزن سياسي، في رسالة واضحة مفادها أن العراق اليوم لا يُمثّل إلا حلفاء إيران، لا محيطه العربي.

وكان غياب الملك الأردني عبد الله الثاني بمثابة الصفعة الأشد، لما يحمله من دلالة على موقف أميركي-بريطاني واضح من حكومة الإطار التنسيقي، بأن هذه المنظومة السياسية استنفدت عمرها الافتراضي.

زيارة قاآني: انقلاب على الدولة وفرض الولاء لطهران

قبل يوم من انعقاد القمة، وصل إلى بغداد قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، في زيارة سرية ومرتبكة، هدفت إلى توجيه رسائل تهديد مبطّنة للوفود العربية، وترتيب الأمور مع المليشيات الحليفة لإيران. وفي ذروة أعمال القمة، أقدم أتباع قاآني على استبدال أعلام الدول العربية المرفوعة في شارع المطار بصور قادة الحشد الشعبي، وكأنهم يقولون للضيوف العرب: “أنتم ضيوف في مدينة إيرانية، لا في عاصمة عربية”.

إنها إهانة ممنهجة للدولة، للحكومة، وللشعب العراقي الذي لم يعد يمثله من يحكم باسمه، بل صار يُدار من خلف الكواليس الإيرانية.

40 مليون دولار… هبة من فم الجائع العراقي

فيما يعاني العراقيون من انهيار البنى التحتية، وغياب الخدمات، وتضخم البطالة، وشحة الماء، وانهيار التعليم والصحة، أعلن السوداني عن تبرع الحكومة العراقية بمبلغ 40 مليون دولار من المال العام، مناصفةً بين لبنان وغزة، دون الرجوع إلى البرلمان أو أخذ رأي الشعب.

فلسطين ولبنان ليستا عدوتين، ولكن أموال العراق للفقراء العراقيين أولًا. أما أن تكون هذه “الهبة” مجرد تنفيذ لأوامر قاآني أو محاولة يائسة لنيل رضى حماس أو حزب الله أو طهران، فتلك مصيبة تضرب سيادة القرار العراقي في صميمه.

مطار بغداد… منصة لإذلال العرب؟

من المشاهد الصادمة التي فجّرت الخلافات داخل الإطار التنسيقي بعد القمة، تثبيت إعلانات تجارية لعلامة أحذية على بوابات مطار بغداد الدولي، الأمر الذي فُسر على نطاق واسع بأنه رسالة ازدراء موجهة إلى الوفود العربية. رئيس الوزراء محمد السوداني عبّر عن استيائه من هذه الخطوة، واتهم قيس الخزعلي مباشرة بالوقوف خلفها، ما أثار مشادة كلامية حادة بين الطرفين، وكشف عن نوايا خبيثة لدى بعض أطراف السلطة.

اجتماع الإطار: اشتباك وشتائم ومنفضة سجائر

في أعقاب القمة، اجتمع قادة الإطار التنسيقي في منزل همام حمودي، في جلسة كانت أقرب إلى ساحة صراع من كونها نقاشًا سياسيًا. السوداني تشاجر مع الأعرجي، واتهمه بتسريب زيارة قاآني، التي تسببت في مقاطعة الزعماء العرب. الأعرجي ردّ بانفعال: “احترم نفسك!”، فما كان من السوداني إلا أن رماه بمنفضة سجائر أمام ذهول الجميع، في مشهد يعكس انحدار لغة الحوار بين أعلى مسؤولي الدولة.

نوري المالكي غادر غاضبًا، والاتهامات تساقطت يمنة ويسارًا. لم تكن جلسة تقييم، بل جلسة انهيار سياسي أخلاقي تكشف هشاشة التحالف الحاكم.

الخلاصة: العراق يُهان باسم إيران، والمال العام يُهدر باسم العروبة

ما حدث في قمة بغداد ليس مجرد فشل تنظيمي، بل هو نذير سقوط سياسي مدوٍ لمنظومة فاسدة متسلطة، ربطت مصير العراق بمصير طهران، وخسرت كل شيء: الثقة العربية، والاحترام الإقليمي، وحتى التماسك الداخلي.

إن من يريد للعراق أن يعود عربيًا، حرًا، مستقلًا، عليه أن يُسقط هذه المنظومة العميلة، التي حولت بغداد إلى ساحة للتبعية والعبث والفضائح

التجمع الوطني العراقي المستقل

صوت من لا صوت له

المصدر: أحرار العراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى