في اليوم العالمي لحرية الصحافة..لماذا نكتب؟

ماهر شاويش

في #اليوم_العالمي_لحرية_الصحافة، تُنشر البيانات، وتُرفع الشعارات، ويُحتفى بالكلمة الحرّة ، لكن خلف هذا الاحتفاء، واقع موازٍ لا يُروى كثيراً .

#الحريّة التي تُكرَّم في العلن، كثيراً ما يُضيّق عليها في الممارسة ، والأقلام التي يُشاد بجرأتها، تُدفع في الخفاء إلى التراجع أو الصمت أو الخروج من المشهد.

لم تَعُد معركة #الكلمة مع الخصوم فقط إذ في تجارب كثيرة كان الضغط الأكبر يأتي من الداخل وتحديداً من دوائر يُفترض أن تكون حاضنة للصوت الحر ، فإذا بها تضيق به ليس لأنه مخطئ ، بل لأنه لا يساير ولا يُمرر ولا يكرّر ما يُنتظر منه.

#الكتابة في هذه السياقات لم تَعُد ترفاً ولا وظيفة، بل فعل مقاومة واجب . مقاومة لثقافة الصمت التي تتسلل تحت عناوين مثل “الواقعية”، ومقاومة لتهميش الأصوات المستقلة التي لا تنتمي لمحاور، ولا تبحث عن رضا المراكز .

#الإقصاء ليس فعلاً معلناً اليوم، فالنوافذ تُغلق بصمت، وتُصادَر المساحات، ويُقصى الكاتب بهدوء . حيث تُهمّش كلمته، ويُسكت صوته، أو يُحاصَر بحملات تشكيك ناعمة.

ويُطلب منه، ضمناً أن يصمت “ حرصاً ” أو “ حكمة ”. وفي كثير من الأحيان، لا يُقال له “اصمت” بل يُغرق في تهم التجاوز، أو يُتهم بأنه يعكّر الصفو العام، أو يخرق “التوافق”.

ومع ذلك، نكتب ليس لأن ما نقوله مذهل، بل لأن #الصمت لم يعد بريئاً ، نعم هو هنا فعل مُدان ، ونكتب لأن الصمت في لحظات كهذه ليس حياداً ، بل قبول ضمني بما يحدث ؟!

ولأن تكرار الأسئلة المحظورة قد يكون الوسيلة الوحيدة لفتح نوافذ الضوء تكون

الكتابة هنا ليست استعراضاً ، بل تأكيد على أن لنا مكاناً في هذا #السجال الدائر حول قضايانا حتى لو لم نكن في الصفوف الأمامية .

#بلا_أسوار” ليست مجرد عنوان هي محاولة للكتابة من خارج الأسوار التي يفرضها الخوف، أو الانضباط الزائف، أو ” الطموح ” المؤجّل ، وهي تذكير بأن خسارة المنصة لا تعني خسارة #الصوت ، وأن من لا يجد له مكاناً في اصطفافات ” الكولسة ” قد يكون أقرب إلى الحقيقة من الجميع .

بوضوح ليست كل الضغوط سياسية أو تنظيمية ، ثمّة نوع آخر من الضغط أكثر خبثاً إنه ضغط #الانتهازية المقنّعة بالحرص ،

لأنه بوضوح أكثر حين يكتب أحدهم من موقع مستقل ، لا يأتي الهجوم من خصومه فقط ، بل هناك دائماً من يشكك في دوافعه ، أو يسخر من “توقيته” أو يتهمه بـ”حب الظهور” ؟!

في بعض الأوساط، أي صوت لا ينتمي لمحور محدد يُعتبر خارج السياق المرسوم بدقة ، وأي كاتب لا يُجامل يُصنّف سريعاً على أنه عبء، أو “غير واقعي” ويتم تصويره كمخالف لمزاج #الجماعة ، أو كمشوّش على الأولويات ؟!

بالطبع هذا الخطاب ليس عفوياً ، إنه جزء من محاولة لإفراغ المجال من كل صوت قد يُربك المعادلات القائمة والتي تم هندستها مسبقاً ، وهو ما يجعل الكتابة في هذا الزمن، فعل #مقاومة بحد ذاته .

لسنا بحاجة إلى وصفات سهلة للنجاة ، بل إلى إصرار على البقاء في الساحة ، وإلى حد أدنى من احترام الصوت #الحر، حتى لو لم نوافقه ، ولذلك أن تكتب بحرية في مناخ خانق ، هو في حد ذاته عمل مقاوم ، وأن تواصل رغم التثبيط هو فعل إيمان بقيمة الكلمة ودورها .

وبكلمة : الكتابة #الحرّة لا تُعيد بناء العالم لكنها من دون شك تمنع انهياره الكامل تحت ركام الصمت، أو في ظل سطوة صناعته .

أخيراً..قصارى القول : في اليوم العالمي لحرية #الصحافة ، نكتب لأن الكلمة هي ما يبقى حين يُراد لنا أن نصمت ، نكتب رغم تهديدنا علناً بالشطب ، نكتب لأن #الحقيقة لا تُمحى بممحاة الخوف ، نكتب لنُثبت أننا هنا، وأن الأفكار لا تُحبس، وأن #الأقلام التي تجرؤ على فتح نوافذ للضوء في ظل عتمة القمع هي محض موقف مشرّف ، وأن الصمت خضوع، ولذلك نصرّ على أن نكتب وسنظل نكتب .

الحرية #حق والحقيقة أولاً ..

المصدر: صفحة ماهر شاويش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى