تستمد الأحزاب قوتها من خلال تأييد الجماهير لبرامجها السياسية ومدى إجابتها لمقتضيات المرحلة او الظرف الوطني الذي تمر به الأمة. فإذا كانت برامج الاحزاب القومية في القرن الماضي تضع شعار وهدف الوحدة العربية، وكذلك الأحزاب اليسارية تنادي بالتطبيق الاشتراكي، والأحزاب الدينية تطالب بالعودة للدولة الإسلامية. فاليوم على هذه الأحزاب ان تستجيب لمطالب العمل الوطني الذي فرضته ظروف الوطن بعد سنوات الحرب المدمرة التي طالت البشر والشجر والحجر فلم تبق ولم تذر.
لا أعتقد أن هناك مجالا او موقعا لتلك الشعارات والأهداف في هذه المرحلة التي تفرض أهدافا وشعارات تستجيب لظروف الوطن وقضاياه فهناك العديد من مهام العمل الوطني فرضت نفسها أمام كل القوى السياسية الوطنية بدون استثناء إلا لمن أراد أن يستثني نفسه من العمل الوطني وعلى رأس هذه المهام التحرير بعد أن أصبح الوطن مرتعا للجيوش والميليشيات الأجنبية تقسمه كيف شاءت وفق اطماعها ومصالحها مستعينة في ذلك بميليشيات ارتبطت بها وباتت تعمل بخدمتها.
ليس بعيدًا عن كل هؤلاء العدو الصهيوني المستفيد الأول من كل الدمار والقتل الذي أصاب سورية. إلى جانب مهمة التحرير هناك مهام البناء، بناء الإنسان الذي يحتاج إلى عقود لتدارك آثار الاقتتال في سورية والذي نتج عنه على الأقل عشرة أجيال بلا أسرة حاضنة لها وبلا معيل يشرف عليها. أطفال بلا علم بلا مهنة معرضين دائمًا إلى حالات الجنوح. ألا ترون معي أن هذه المهام لها الأولوية على أهداف لا أنكر صحتها ولكنها ليست من مهام العمل الوطني اليوم.