النخب السياسية ولبننة سورية

معقل زهور عدي

” ما يقال في الظلام سوف يخرج للنور, ومايهمس به في الغرف سوف ينادى به من فوق السطوح ” – السيد المسيح.

هذا ماتعيشه سورية اليوم , فكل جماعة اجتماعية , كل اتجاه فكري , كل مذهب وطائفة , كلهم وأكثر قد خرج للعلن , الخوف بدأ يتبدد وفي المرحلة الحالية هناك قدر من الحرية غير محدود ( لا أدري كم يستمر ) , كل المحرمات في التعبير عن الرأي مهما كانت سقطت , ليس فقط محرمات السلطة السابقة بل أي سلطة , بل المحرمات الاجتماعية التي كان يتعرض من يتجاوزها للعنف الاجتماعي أو العقاب بصورة رد فعل للجماعة التي ينتمي اليها , تبدو الجماعات الآن وكأن سلطتها قد أصابها الشلل مع انهيار سلطة الدولة .

هي فرصة نادرة إذن , لانبعاث كل الأفكار الجيدة والسيئة , المناسبة وغير المناسبة , المعايير ذاتها معرضة للجدل كما المسلمات , والايديولوجيات , والسياسات التقليدية والثورية أيضا . بكلمة واحدة : سورية في حالة مخاض تاريخي .

في هذه الأجواء المفعمة بالأمل والقلق وشيء من الخوف , ليس من السهل النقاش , تلمس الخطأ والصواب في أي موضوع , فموقف صديقك الذي كنت تعرفه جيدا أمس سوف تجده قد تغير اليوم , الجميع يتغير في اليوم والليلة مرة نحو اليمين ومرة نحو اليسار وفي الصباح يكاد لايذكر على أي يابسة قد رست سفينته بالأمس .

مع ذلك لابد من المغامرة في التفكير , ليست ” مغامرة العقل الأولى ” كما كتب مرة فراس السواح , لكنها مغامرة العقل السوري التي لابد منها في حقل السياسة الذي تتوزعه الألغام في كل خطوة .

لنعترف بحقيقة تواجهها سورية : هناك طائفة واسعة من النخب الطافية على السطح تكونت وأعيد إنتاجها بصورة خاصة منذ بداية القرن الحادي والعشرين , معظمها خرج من اليسار , وحمل معه الكثير من عادات الأحزاب الماركسية أو الاشتراكية ونمط تفكيرها وأسقطه على موضوعات مختلفة كل الاختلاف ( حقوق الانسان , الديمقراطية , المجتمع المدني ) .

حسنا ما المشكلة ؟

ليست المشكلة هنا في المحمول ( الموضوع ) لكن في الحامل , في الأداة , في الوسيلة المستخدمة في الانتقال نحو الهدف .

في جمعيات حقوق الانسان الممولة من جهات غربية تضع يافطات جميلة لكن من يقف خلفها ؟

في مراكز بحوث تقوم بأعمال غاية في المهنية والاحتراف والأهمية لكن من يمولها ؟ ولماذا؟ وجميعها تتطلب استثمارات خاسرة وكبيرة .

في وسائل إعلام تمسح كل يوم المجتمع السوري وتصطاد نخبه وتضعها تحت الأضواء .

يحق لنا أن نتساءل في مهرجان الأسئلة السوري المفتوح على امتداد الجغرافية السورية : لماذا يدفعون كل تلك الأموال ؟ والكرم ليس من شيمتهم .

خطر ببالي كل ذلك وأنا أرى اليوم تهافت بعض النخب السورية على الحج إلى الحكومات الغربية لطلب تدخلها في السياسة الداخلية السورية بل ومناشدتها , استعطافها , لذلك التدخل .

أرجوكم , أنقذونا من هؤلاء الاسلاميين .

أرجوكم اضغطوا عليهم , لاترفعوا عنهم العقوبات , نحن محاصرون في سورية , غالبية الشعب تحبهم , تؤيدهم , لكننا لانحبهم ونخاف منهم وأنتم سندنا الوحيد , نحن نشعر بالغربة وسط هذا الشعب , ولانرتاح إلا حين نذهب إليكم أو تأتون الينا .

نحب رؤيتكم في المؤتمر الوطني وفي الدستور وفي القصر الجمهوري .

لاتتركونا نصرخ كما يقال إن المسيح قد صرخ ” الهي لم تركتني ” .

أرجو أن لايمس ذلك مشاعر النخب السياسية السورية , أنا فقط أقول ماخطر ببالي وسط مهرجان الأسئلة السوري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى