في ولايته السابقة سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قوات بلاده جزئيا من شمال شرقي سوريا، ما أثار مخاوف قسد التي توجهت إلى واشنطن بطلب التطمينات بشأن مستقبل الدعم المقدم من قبل واشنطن.
كما بدت العلاقات “جيدة” بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأبدى البيت الأبيض مرونة تجاه مخاوف أنقرة في سوريا، واستجابة لمطالبها بشأن ملف طائرات إف – 16، وأخذت العلاقات بين الجانبين منحى تصاعديا، مما أتاح إطلاق عمل عسكري تركي ضد قسد.
لكن ما تتحدث عنه وسائل الإعلام الأمريكية من ميول يظهرها ترامب تجاه علاقات جيدة مع الروس، ومع نظيره فلاديمير بوتين، يثير قلق بعض المراقبين، مما يعتبرون سماحا لموسكو بالتمدد في المنطقة وسوريا على وجه الخصوص.
وحول ما إذا كان فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها غدا الثلاثاء، قد يغير بشكل جذري من ملفات المنطقة، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري أحمد مظهر سعدو لموقع حلب اليوم، إنه لا يعتقد أن التغيرات قد تكون بهذا الحجم.
ويستغرق إعلان الفائز عدة أيام، بسبب تزايد أعداد المصوتين عبر البريد والتصويت المبكر، إذ تتطلب عملية فرز تلك الأصوات وقتاً، وفقا للإعلام الأمريكي، حيث أدلى أكثر من 65 مليون ناخب بأصواتهم في التصويت المبكر بالانتخابات من أصل 244 مليون ناخب، قبيل موعدها غدا.
وفي خضم المعركة الانتخابية بين ترامب ونظيرته المرشحة الديمقراطية “كامالا هاريس”؛ لم يتم التطرق للملف السوري كما حدث في الجولات السابقة، حيث برزت ملفات أكثر أهمية لدى الناخب الأمريكي، مثل الوضع الاقتصادي والعلاقات مع روسيا والصين والحرب على أوكرانيا وقضية غزة ولبنان وإيران.
ويُرجح مراقبون أن تحافظ هاريس على السياسة الحالية تجاه سوريا، حال فوزها، خصوصا مع كونها نائبة الرئيس الحالي “جو بايدن” ولها يد في رسم سياسات واشنطن الحالية.
لكن ترامب وعد بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ووعد بأن “السلام” سيعمّ المنطقة مرة أخرى، وبأنه “سيوقف المعاناة والدمار في لبنان”، معتبرا أن “الحرب في أوكرانيا لم يكن ينبغي أن تحدث وأنه سيحلها”.
ويرى الكاتب السوري أن السياسات العامة الأميركية لاتغيير بتغير الرؤساء على المستوى الاستراتيجي، لكنه لا يستبعد أن تحصل “تكتيكات هنا أو هناك”.
أما بخصوص موضوع الانسحاب من سوريا، فيرى أنه “لا جدية لدى ترامب أو سواه في ذلك، لأن المصالح مازالت قائمة ولا تغيير فيها رغم الانحسار النسبي للدور الأميركي”.
وكان ترامب قد أعلن عام 2019 عندما كان رئيساً للولايات المتحدة أنه “حان الوقت لخروج القوات الأمريكية من سوريا”، إلا أنها لم تخرج بشكل فعلي، إنما تم تقليل تعدادها، وتنفيذ عملية إعادة انتشار.
وعلى إثر ذلك انطلقت عملية نبع السلام التي نفذتها القوات التركية والجيش الوطني في منطقتي تل أبيض ورأس العين ضد قسد، في شمال شرقي سوريا، قبل أن يعود الرئيس الأمريكي ويؤكد أنه سيُبقي على “عدد محدود” من الجنود الأمريكيين في سوريا بهدف “حماية حقول النفط” التي تم تركيز وجود القوات حولها.
ويرجح البعض أن تفتح عودته المحتملة للرئاسة الباب لإطلاق عمليات عسكرية تركية جديدة ضد قسد، في وقت تصاعدت خلاله لهجة أنقرة وضرباتها العسكرية على الأخيرة.
ووعد ترامب الناخبين بإنهاء الحرب على غزة خلال الصيف الماضي، رغم ميوله المعروفة وتأييده المطلق لإسرائيل ورؤية بنيامين نتنياهو، وبناء على ذلك يتوقع البعض أنه في حال فوزه وتنفيذه لوعوده؛ فقد يؤثر هذا بشكل غير مباشر على الملف السوري باعتبار سوريا جزءا من المنطقة، خصوصا لناحية الملف الإيراني.
يقول سعدو إن العلاقة الأميركية مع إيران “علاقة صراع مصالح براغماتية وليست عداء”، وإن طهران “تدرك أن سياساتها لن تتخطى المصالح المسكوت عنها أميركيا على أن تستمر كفزاعة للعرب فقط بلا أي تخط للأمن القومي الإسرائيلي كما يسمونه”.
ولعل تقويض التمدد الإيراني في المنطقة – يضيف سعدو – “أصبح ناجزا وإسرائيل لن تقبل أقل منه، وسوف تتراجع نسبيا إيران وأدواتها في المنطقة على المدى المنظور”.
كما توقع أن يعود التفاهم بين الروس والأميركيين في سوريا، حال فوز ترامب، “ضمن حالة حفظ المصالح الأميركية أولا دون التخلي عن الحليف التركي، فأنقرة كانت وما زالت جزءا مهما من حلف الناتو”.
يُذكر أن المرشح الجمهوري ترامب تعهد بتجديد الأمر التنفيذي السابق الخاص بحظر سفر السوريين، ومواطني خمس دول من المناطق التي يعتبرها “موبوءة بالإرهاب”.
المصدر: حلب اليوم