في واقع الشعوب التي تعاني من الاحتلال، تكون المدارس التي يؤسّسها الاحتلال أكثر من مجرد مؤسسات تعليمية؛ فهي تُستخدم كأدوات أيديولوجية بهدف تشكيل عقول الأجيال وإعادة توجيه وعيها بما يخدم مصالح المحتل. في الأحواز، حيث يُمارس الاحتلال الإيراني سيطرته على جميع جوانب الحياة، تصبح المدارس ميدانًا صامتًا، لكنه مؤثرٌ بشكل عميق في تشكيل الوعي الأحوازي.
المدارس كأداة لفرض هوية المحتل و تنفيذ سياساته و أجنداته
تعمل المدارس الإيرانية في الأحواز على فرض الهوية والثقافة الفارسية خدمة لاستمرار الاحتلال بشكل ممنهج، فهي تقدم مناهج تعليمية تهمش الشعب العربي الاحوازي و هويته و كيانه و تاريخه و اللغة العربية التي هي العمود الفقري لكيانه ، لغة الأحوازيين الأصلية، وتضعف الروابط التاريخية والثقافية التي تربطهم بأصولهم. بدلاً من تعليم الطلاب تاريخهم الحقيقي وثقافتهم، تركز المناهج على إعلاء تاريخ إيران الرسمي، وتمجيد الشخصيات القومية الفارسية و اضعاف انتماؤهم الوطني لتاريخهم العربي ، وتكريس فكرة “الوحدة الوطنية” تحت لواء الثقافة الفارسية. يتم استبعاد أي إشارة إلى التراث الأحوازي، ما يجعل الطالب الأحوازي بعيدًا عن هويته الحقيقية، وحتى يحتقرها احيانا او يحاول الابتعاد منها .
تفريغ المثقف الأحوازي من قضيته
بفعل هذا النظام التعليمي، يصبح المثقف الأحوازي متغربًا عن قضيته وأصله، فبدلًا من أن تكون لديه رؤية لخدمة مجتمعه أو المطالبة بحقوقه، يُصبح إما منصهرًا في المجتمع الإيراني، أو مشغولاً بمعايش الحياة اليومية دون أي وعي بحقوقه أو طموحات شعبه. إن الهدف النهائي لهذا التعليم هو تحويل الطالب الأحوازي إلى مواطن ينظر إلى ذاته من منظور المحتل، ويتبنى قيمه وأفكاره، وبالتالي يصبح في خدمة مشروع الاحتلال، إما مباشرةً أو بوعي مغيب.
هل تخرج المدارس الإيرانية نخبة تخدم الشعب الأحوازي؟
قليلون هم أولئك الذين ينجحون في تجاوز هذا المخطط المدروس ويتمسكون بهويتهم الوطنية ولغتهم وينجحون في توجيه طاقاتهم لخدمة شعبهم ومطالبته بالحرية و استعادة حقوقه الوطنية المشروعة ، غالبًا ما يكون المثقفون الذين يخرجون من هذه المنظومة بحاجة إلى صدمة فكرية أو تجربة شخصية يعيدون من خلالها اكتشاف هويتهم وجذورهم. لكن الغالبية ممن يخرجون من هذا النظام التعليمي يجدون أنفسهم غير مؤهلين لخدمة مجتمعهم الأحوازي؛ لأنهم تلقوا تعليمًا لا يزرع فيهم سوى الولاء للنظام الإيراني، ويخلو من أي وعي حقيقي بقضيتهم الوطنيةً لا بل حتى يصبحون يتهجمون على ابناء جلدتهم و محاولة تعريفهم و نعتهم بما يملي عليهم الفكر الايراني ، حتى اصبح بعض هاولا ، يتهمون المقاومة الأحوازية بالإرهاب و التنظيمات الأحوازية بالشعوبية و اخرون منهم اصبحوا يصفون فكرة التحرير بالوهم و الخيال و يكررون ما تردده الأبواق الإيرانية و اجهزتها الاستخبارية دون علم .
دور المثقفين والنخبة في كشف هذه المخططات
دور المثقفين والنخب الأحوازية، سواء داخل الأحواز أو في المهجر، هو كشف هذه السياسات ورفع مستوى الوعي بين الأحوازيين بواقع التعليم المفروض عليهم. يجب عليهم أن يعملوا على توعية الشباب بأهمية الحفاظ على هويتهم، وتشجيعهم على القراءة والبحث خارج المناهج التي فرضها النظام الإيراني، وتعزيز الانتماء لقضيتهم العادلة العادلة كما عليهم خاصة المتواجدين في المهجر منهم ان يدركوا ان امريكا او اروبا و غير ها من دول الاقامة ليس هي نفسها بيئة الأحواز او جغرافية ايران السياسية كي يتوقعون من الشعب الاحوازي او الشعوب الاخرى و حركاتها وزو أحزابها ان تخطىء نفس الخطوات .
كما أن المثقفين الأحوازيين الذين يعيشون خارج إيران يمكن أن يسهموا بشكل كبير في إعادة بناء الوعي الأحوازي. هم قادرون على توفير مصادر تعليمية ومواد ثقافية تعزز الهوية الأحوازية وتعيد إلى الأجيال الجديدة ارتباطهم بأرضهم وثقافتهم و قضيتهم العادلة المشروعة التي تعترف بها كل القوانين الدولية .
التعليم البديل سبيل للتحرير
إن بناء نظام تعليمي بديل، ولو كان من خلال منصات إعلامية أو برامج تعليمية عبر الإنترنت، قد يكون خطوة أولى نحو تحرير العقل الأحوازي من قيود المنظومة التعليمية الإيرانية. على المثقفين والنخبة أن يدركوا أن دورهم لا ينحصر في التنظير أو النقد فحسب، بل يجب أن يشمل خلق أدوات تعليمية بديلة تساعد على تقديم المعرفة الحقيقية للأجيال القادمة.
الخاتمة
إن مدارس الاحتلال الإيراني لا تهدف إلى تخريج مثقفين يحملون قضايا شعبهم، بل تسعى لصناعة أدوات بشرية تساهم في استمرار هيمنة المحتل. لكن الشعب الأحوازي، الذي يُدرك حجم هذه المحاولات، يستطيع من خلال نخبه ومثقفيه الوطنين وهم كثر بفضل الانفتاح المعلوماتي و التعليم السيبراني العمل على بناء وعي جديد، يكون فيه (المثقف) المتأيرن جزءًا من مشروع التحرير لا أداةً لاستمرار العبودية، و يكون مساهما في حرية شعبه كما كان الكثير من شهداؤنا الأبطال من امثال محي الدين الـ ناصر و صولا لعلى المطوري و محمد الساري و زامل الباوي و هاشم الشعباني و الالاف من شهداؤنا درسوا في المدارس الفارسية لكن ثاروا ضدها كما حصل في كل انحاء العام كالزعيم الهندي قاندي او نلسون مانديلا او فيدل كاسترو او ياسر عرفات او جمال عبد النصار و الالاف من النخب الوطنية الذين رفضوا هيمنة المحتل و مناهج تدريسه و كانوا القدوة في الثورة و التضحية و الصمود و رفض واقع الاحتلال بكل ما ينتج !!!
المصدر: المركز الإعلامي للثورة الأحوازية