عز الدين شكري فشير: روائي مصري معاصر، متميز، مواظب على الإنتاج، له عدد من الروايات التي تقرأ الواقع المصري بعمق ودقة عبر عقود.
كل هذا الهراء؛ رواية ثائرة – ان صح التعبير- بدأ بالعنوان، وانتهاء بتعليق الغلاف الخلفي، تتمرد على كل شيء.
لنرى كيف ؟!.
تبدأ الرواية من الثنائي “امل مفيد” الأمريكية الجنسية، المصرية الأصل ، الخارجة من السجن في مصر حديثا، والزمان ٢٠١٦، و”عمر فخر الدين” الشاب المصري الذي يعمل سائق تكسي، حيث كان قد أوصل أمل إلى الفندق قبل ليلة، كانت امل في حالة سكر، واحتفظت به في شقتها، وناما سوية، ماريا الجنس أكثر من مرة، طلبت منه البقاء عندها ومعها ليوم واحد فقط، حيث ستسافر مساء يومها ذلك إلى امريكا، وليكن هو من يوصلها، وآخر من ترى من مصر. رضي عمر على مضد، على وعد ان تحكي له حكايتها، ويحكي لها حكايته، وهكذا حصل.
أمل شابة أمريكية الجنسية ابوها كان ضابطا في الجيش المصري، وعند انتهاء خدمته سافر مع زوجته وابنته لأمريكا، وعمل تاجرا للسلاح، وتوفي بعد حين، فعملت الزوجة بائعة زهور، والبنت امل شبت وتعلمت في أمريكا، تخصصت في الحقوق، وعملت مع شركات تهتم بالانماء البشري، وعملت في افريقيا، وسرعان ما قررت امل ان تعمل في التنمية البشرية ومجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان في مصر، ذهبت الى هناك وعملت بمعرفة السلطات ، تخرّج على يدها إعداد كثيرة من المتدربين، وعندما بدأ الربيع المصري، كان لأمل حضور، فكثير مما دربت الشباب عليه، أصبح مطلبا للثوار الديمقراطية والحرية والعدالة والحقوق، كانت الثورة في سنتها الأولى على زخمها، وبعد ذلك دخلت بالخلافات والصراعات، واستعادت “الدولة العميقة” (تحالف قيادات الجيش الشرطة والأمن بأنواعه، مع رجال المال والأعمال، وشبكة علاقات الكل الإقليمية والدولية، التي استثمرت في الدولة والسلطة السياسية المصرية عبر عقود)، استعادت سلطتها الفعلية، وبدأت تحاسب كل من كان له دورا في هذه الثورة، ولسان حال أفعالها يقول: اعادة الوضع في مصر الى ما كان عليه، وأسوأ، مهما كان الثمن، وبأي وسيلة. لذلك اعتقلت امل واتهمت بالتحريض وبدور تخريبي، واكتفوا بسجنها، جنسيتها الأمريكية كانت تحميها من المعاملة السيئة، التي تستبيح من خلالها إنسانية المعتقل أو المسجون، وأخيرا أطلق سراحها على أن تسقط عنها الجنسية المصرية، وتذهب إلى أمريكا دون عودة. انها تعيش مشاعر متناقضة، فما زالت تؤمن بحق الناس بالمطالبة بحقوقهم التي ثاروا من أجلها، وأن صراع الثوار أو سقوطهم في امتحان السلطة، أو التفاف السلطة السابقة وامتداداتها القديمة ومصالحها المتجذرة في أجهزة الدولة، والعلاقات الإقليمية والدولية، ومصالحهم ومصالح كل الأطراف استوجبت استعادة السلطة والضرب بيد من حديد، وسحق كل من خالف ويخالف، وسد كل الثغرات التي نفذ من خلالها الشعب وصنع ثورته، والعمل على استعادة استعباد الشعب بكل الطرق، وللأبد. كانت أمل ترى أن حركة التاريخ لا تتوقف، وأن الثورة نجحت في شرارتها الاولى، وأنها ستستمر ولو بعد حين، فهذه قوانين التاريخ، والناس وحقوقهم بالحرية والعدالة والكرامة الانسانية والديمقراطية، هي مصير البشر ولو بعد حين، وما يحصل في مصر الآن هي محاولات منع ذلك من التحقق، قد تنجح إلى حين لكن المستقبل للناس وحقوقهم، هكذا كانت ترى امل ما حصل في مصر وما سيحدث مستقبلا. لكن عمر يختلف معها، ويقول من واقع ما عاشه من طفولته للان، وما يدركه في حال مصر، وما فعلته قوى الردة على الثورة، ان لا امل . عمر فخر الدين، ووالده أبو عمر المصري، حكايته مفصلة في روايتين سابقتين ل عز الدين فشير؛ فخر الدين الشاب المصري ابن الخمسينيات، الحالم بحياة أفضل، الذي درس الحقوق وعمل محامي، وأبعد عن المهنة ومن بعد ذلك قتل، لأن السلطة المستبدة وشبكة أصحاب المصلحة بالفساد وبقاء البلاد متخلفة ومستغلة، وجدته عقبة في وجهها، لكنه لم يمت، وانتقل إلى باريس يكمل تعليمه، وهناك التقى حبيبته السابقة وتعارف جنسيا ، وحملت منه ابنه عمر، وكيف غادر إلى السودان والتحق بأسامة بن لادن والقاعدة، مصطحبا ابنه عمر الذي كان احضره من فرنسا للسودان طفلا، واسترده من حلفاء الجهاد، الذين كانوا يودون قتله، وكان عمر قد مر بتجربة مريرة هناك، وأحضره والده الى مصر ووضعه عند اقربائه وتركه يعيش بينهم. في مصر اعتمد فخر الدين فكرة الثأر الشخصي، وقتل اللواء سمير المسؤول الأمني عن مأساته ومعاناته، ولم يعرف أمره ابدا، ومع ذلك لم تترك السلطة والأمن فخر الدين بحاله، العقيد في أمن الدولة ايمن يعرف بعض ما فعله فخر الدين، يخلق له قضية ويسجنه عليها، عمر افتقد اباه الذي كان قد استقر يعمل سائقا على تكسي يملكها، وعمر الان يعمل ليعيل اقرباؤه الذين ربوه، ويتواصل مع والده في السجن، عمر لا يجد أي حافز حياتي يجعله يعيش املا بتحسن الأوضاع واسترداد الحقوق في مصر، عايش معاناة قاسية ، وجعل نفسه مراقبا لما يحصل، نعم تولدت مشاعره الايجابية أول الثورة في ٢٠١١، لكن سرعان ما خاب امله عندما بدأ الثوار يأكلون بعضهم، واستعادت الدولة العميقة السيطرة على الدولة والمجتمع، وبدأت حملة بطش تنهي أي احتمال للثورة في المستقبل، امل وعمر على طرفي نقيض، يتعايشان تعويضا لما عاشاه من معاناة بين نوم وجنس واحاديث، كانا يتبادلان الحكي طيلة يوم ما قبل سفر أمل إلى أمريكا.
يتحدث عمر عن آخر ما حصل مع والده فخر الدين، فبعد أن استتب الأمر لسلطة الدولة العميقة ، وعاد الشعب للركض وراء لقمة العيش، وبعد التنكيل ببقايا الشعب الذي ما زال يحلم بمطالب الثورة، وبعد أن تم تحويل جزء مهم من الشعب المصري إلى إرهابيين، لمجرد كونهم من الإسلاميين، وتم تحميله سابقا وفي فترة سنة الحكم اليتيمة وما بعد كل خراب مصر، وأنهم الداء العضال الذي يجب أن يستأصل، لقد تحولوا لعدو جديد توجه إليه كل الاسلحة، وفي ذات الوقت كانت الجماعات الاسلامية المسلحة من قاعدة وغيرها، قد وجدت في ما حصل في مصر فرصة لإعادة النشاط، خاصة في مناطق ضعف السيطرة، مثل سيناء، لذلك قررت السلطة المصرية أن تعمل للوصول لقادة الجماعات وتتخلّص منهم، عاد العقيد أيمن المنقول من أمن الدولة للمخابرات، ليلتقي بفخر الدين في السجن، ويقرر أن يصطحبه للعثور على الشيخ حمزة احد تلك القيادات، من أيام الجهاد في السودان، ويذهبان سوية للبحث عنه.
وفي حديث عمر لأمل عن الثورة المصرية واقعها، وماذا حصل بها حتى تم اجهاضها، حدّثها عن اصدقائه الثلاثة، وائل ومحب وتامر، تامر قريبه، تربية حي فقير، كان يحلم بحياة أفضل على كل المستويات، سكن افضل ، لقمة عيش متوفرة، عمل متاح، كرامة انسانية، عدالة يعيش الكل في ظلها، مشاركة سياسية، وحقوق، ومجتمع مدني، وحريات، الاصدقاء الثلاثة يجمعهم انهم يحبون كرة القدم، يشجعون النادي الأهلي، وأصبحوا من مؤسسي “الالتراس” (مجموعة داعمة للنادي) كبرت وامتدت وصنعت لنفسها حضورا كبيرا وقويا، عندما بدأت الثورة المصرية كان الأصدقاء الثلاثة، وآخرين من الالتراس من ناشطي الثورة، يتواجدون في ميدان التحرير، ويقدمون الخدمات الاساسية، وعندما بدأت حملات الهجوم على الثوار والمعتصمين، بالبغال والجمال والبلطجية، كان الأصدقاء الثلاثة ومعهم فريقهم ممن تصدقوا للهجمة يدافعوا عن شباب الميدان، وبالتالي كان شباب الالتراس طرفا يجب أن يتم عقابه، هذا ما فكرت فيه الدولة العميقة، التي أعادت السيطرة على الوضع، وبدأت بتصفية الثورة، والثوار ايضا، كان ذلك عندما ذهب الأصدقاء الثلاثة مع ناديهم إلى الاسكندرية، لدعمه في مباراة هناك، وفي الاستاد كان البلطجية في انتظارهم، حصلت مشادات، اختفى الأمن، وأغلقت أبواب الملعب، وترك شباب الالتراس تحت رحمة البلطجية في مذبحة حقيقية، استعملت فيها الاسلحة البيضاء وغيرها، قتل على إثرها الكثير من الشباب، منهم محب المسيحي الطيب ووائل، واستطاع تامر الهرب فوق جثث القتلى، وسقطت من نفسه كل الآمال و الحقوق والانتصار لها، عاد إلى حيّه الفقير، وناسه يرعى اهله ويستمر بحياته بكل تعاستها.
وحدث عمر امل أيضا عن هند وباسم من ناشطي الثورة وما حدث معهم، هند المحامية وباسم الصحفي، هند اختارت أن تتابع موضوع التحرش الجنسي الذي استشرى في مصر، وأصبحت تتابع ضحاياه وتساعد في تجاوز نتائجه النفسية والحياتية المسيئة لهنّ، وعندما حدثت الثورة كانت جزء منها وأحسّت انها ثورتها الخاصة، وكان باسم صديقها الصحفي ينشط معها ويدعمها فيما هي تتحرك له، واعتبرا حبيبان يقومان بدور في الميدان، واظبت هند على حماية النساء في الميدان من أي تحرش واساءة، رغم كون الميدان نموذجا للتعامل الأخوي والمحتضن للعلاقات الانسانية في بدايات الثورة، لكن الانقلاب على الثورة، ومواجهة الناشطين في الميدان وغيره، اعتمد اسلوب التحرش الجنسي والاغتصاب الجماعي، بطريقة ممنهجة ووحشية، وقيل عن الفاعلين أنهم “طرف ثالث” غير معروف المصدر من هم ومن وراءهم؟!، كانت هند من الضحايا أيضا، حيث قبض عليها أحد ضباط الأمن ومعه عنصران، واغتصبت بشكل وحشي، تحت تهديد السلاح، وبكل الطرق المهينة، وقيل لها بلغي حبيبك باسم المتهم بأنه “خول” أي يفعل به جنسيا، كانت الإساءة قاسية جدا على هند وباسم ، حيث أدركت أن أي مواجهة النظام الجديد مستحيلة وقاسية، وأي عودة للمطالبة بالحقوق، و دعوات للتجمع والتظاهر ، ستواجه بالعنف العاري والاجرام، والسلطة تتبرأ دوما مما يحصل، وأن الفاعلين مجرمين خارج السيطرة، وغير قادرة على القبض عليهم ومعاقبتهم، والحل أن يستسلم الناس لقدرهم من الظلم المستديم، ويعودوا للركض وراء لقمة عيشهم، و يتخلوا عن أحلامهم الجوفاء المزيفة. لم يستسلم باسم وهند، بحثا عن الضابط، توصلا إليه، وخططها أن يعاقابه بطريقتهم مع اصدقائهم، لكنه يشهر السلاح بوجههم ويهرب ويتوعدهم بعقوبات قادمة.
وحدّث عمر أمل عن حبيبة وشادي، الثنائي الناشط في الثورة، حبيبة الفتاة المتدينة التي وجدت بالثورة ذاتها، وشادي الذي احبها وأصبحا دائمي التواجد في الميدان، وفي أي نشاط، وعندما تم الانقلاب على الثورة، ورفض الشباب الثائر قبول الهزيمة وقرروا المواجهة عبر الاعتصام والتظاهر، كان قرار الانقلابيين مواجهة اعتصامات الثوار بالسلاح وقتل المعتصمين، واتهامهم بأنهم ارهابيين وانهم يحملون السلاح وهم من قام بتلك المذابح. لم تكن حبيبة لتترك الاعتصامات رغم خطورتها، ورغم معرفتها باحتمال موتها بالسلاح، الذي سيحصد الكثيرين وهي منهم، قتلت حبيبة وثكل شادي بذلك وعاد يائسا من كل شيء.
وأخبر عمر امل عن بهاء وشريف المثليان، اللذان عاشا علاقتهما الجنسية في أجواء من السرية والخوف، فعملهم مستنكر اجتماعيا ومحاربا من قبل الكل، المثلي يعتبر فاقدا الكرامة والاعتبار، شاركا في الثورة في ميدان التحرير، واعتبرا أن الثورة انتصار لهم، والاعتراف بحق مشاعرهم والتعبير عنها، وحقهم بالعيش وفقها، تعب شريف في طفولته وشبابه في إخفاء حقيقة مشاعره الجنسية، وعندما أشهرها، خسر كل من حوله، بما فيها أهله، وعندما تعرف على بهاء وأصبحا عاشقين، حاربهما الكل، وتم مواجهتهم وضبطهم بالجرم المشهود، وفضحا بكل الوسائل، وسرعان ما تم تلقفهما من منظمات حقوق الإنسان الدولية، وتم تهريبهم إلى أمريكا، وهناك عاشا حياتهم، واستمر شريف في نشر حميمية علاقته مع بهاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انتقاما من الجرح الذي تركته في نفسه مصر.
وعاد عمر مجددا يحدث امل عن الشرخ الحياتي الذي أصاب حياة العقيد أيمن وزوجته دينا، العقيد ايمن واحد من أركان الدولة العميقة، التي أصيبت بالاهتزاز في السنة الأولى للثورة، وحوكم لكونه فرّط بأرشيف أمن الدولة واتلفه، ولكن سرعان ما استقرت أمور الدولة للقوى المسيطرة عليها اصلا وعاد ايمن لموقعه واقوى، كان يرى أن ما حصل في مصر أعمال هوجاء من أناس لا يعرفون ما يفعلون، و كيف يسيؤون للبلد، وبالتالي يستحقون كل ما يحصل لهم من تنكيل واعادة تأهيل وتربية، لكن زوجته دينا وجدت أن زوجها جزء من آلة كبيرة جبارة عمياء لا قلب ولا ضمير لها، عملها أن تختزل البشر وتشيئهم وتستعبدهم، و أن تهدر انسانيتهم، وكانت ذروة الخلاف بينهما، عندما سرّب لهما فخر الدين نصّان محتويان على تحقيق محامي عام سابق عن فخر الدين ، وكذلك مذكرات فخر الدين بيده، تحوي سجلا عن ما فعله فخر الدين منذ طفولته إلى دراسته الجامعية ، وكيف أصبح محاميا، وكيف حورب وطرد من المهنة ، وكيف ذهب لفرنسا ، وبعدها للسودان، ومن ثم إلى أفغانستان، والعودة للسودان مجددا، وأصحاب ابنه عمر، والتخطيط لقتل اللواء سمير وقتله، وعودته للعيش حياة عادية، وكيف حصل كل ذلك والعثيم غافل عنه، حقد العقيد أيمن على فخر الدين، لكن دينا أحست أن زوجها يلبس شخصيتين، واحدة في عمله ضد انسانيته، والأخرى قناع في الحياة معها، حاولت الانفصال عنه وطلبت الطلاق منه، رفض ذلك وتركها تعيد حساباتها وتبدأ وتعود اليه، عادت لحبيبها السابق وتعايشت معه لأشهر ومارسا الجنس، اعتقدت أنه بديلا لها بداية، ثم اكتشفت انها غير قادرة على ترك أولادها وحياتها الهانئة مع العقيد ايمن، وعادت بعد اشهر للحياة مع زوجها متكيفة ، ضمن تواطئ متبادل على عيش حياة يعرفها الاثنان انها مزيفة. ويقرر العقيد أيمن بعد معرفة حقيقة فخر الدين أن ينتقم منه، وأن معركتهم مع بعضهم هو ممثلا للدولة العميقة، وفخر الدين النقيض المطالب بالحقوق، معركة وجود وعدم، أيهما ينتصر سينهي الآخر، والصراع مستمر. وهما الاثنان يطاردان الشيخ حمزة في الصحراء بين مصر والسودان.
وفي العودة إلى عمر وامل، وبعد معرفة أمل بسبب يأس عمر المطلق، وأن الأمل الذي تحاول زرعه أمل في عمر صعب التحقيق في مواصفات مصر وما عرفتها عنها بعد سنوات من ثورتها، لقد أحس عمر وامل بالقرب النفسي، هل هو الحب، وفكروا هل يستمروا بعلاقتهم، هل تبقى امل في مصر لأجل عمر، وهذا مستحيل، فهي مطرودة من مصر، وفكرت أن تأخذه إلى امريكا، وهذا مستحيل، العقيد ايمن والدولة العميقة، تحتفظ به، فهو نقطة الضعف الوحيدة عند فخر الدين، التي يمكنهم السيطرة عليه من خلالها.
تنهي الرواية وعمر وامل ينتظران ما سيحصل معهما، فبعد قليل يجب أن تذهب امل للمطار لان طائرتها ستقلع إلى أمريكا.
وفي تحليل الرواية نقول:
.إننا أمام رواية صادمة، بمعنى تجعل من يقرأها مجبورا على اعادة فهم مايعيش مجددا، دون تسليم مسبق ومريح، وتضع القارئ أمام مسؤولية وعي وفهم وما يترتب عليه.
.الرواية تقرأ الثورة المصرية ٢٠١١، وما حصل بها وبعدها بسنوات، وما آلت إليه من عثرات وخيبات، لقد غيبت الرواية الطرف الفاعل في إسقاط الثورة، وإحالته للمجهول، وقفت كثيرا امام تعرية الواقع المصري، والبشر وأمراضهم ، ما حصل في مصر لم يكن فعل ساحر، ولا ارادة غيبية، هناك قوى وأطراف داخلية وخارجية دولية واقليمية، لها مصلحة بمنع الشعب المصري من الدخول في عصر الدولة الديمقراطية العادلة، دولة الكرامة الانسانية، لماذا سكت عنهم ، ولو من باب الاجتهاد، اعتقد لان السيف مسلط على الرواية والراوي، وكان علينا الاستنتاج من هم هؤلاء الأعداء، واسميناهم في نصنا، الدولة العميقة.
.الرواية تضع كل المحرمات تحت الضوء، وهي رغم تضخيم ادعائها أنها تتحدث عن كل شيء دون حرج، ما زالت تحترم إنسانية القارئ ووعيه وعقله، فكل شيء يعيشه الإنسان حقه أن يعرفه وعيا ودراسة وفهما، ومن ثم البحث عن الموقف الأصح والأقرب للإنسان وحقوقه، كل الأديان والعقائد والقيم والمثل جاءت لخدمة الإنسان وتحسين شروط حياته، وليست عبئا عليه وعلى حياته، لذلك كان الحديث عن الجنس والزواج والمشاعر الانسانية والحب والمثلية، حديثا مفهوما ومقبولا، ويجب ان يستمر تسليط الضوء عليه، حتى نصل إلى الصيغة الانسانية الافضل للحياة، والنموذج بكيفية الحياة، انسجاما بين الغرائز والمشاعر والمجتمع والقيم والعقائد والأديان وإرادة الناس وحقهم بالحرية، مازالت معادلة قابلة للتعديل دوما لمزيد من الاقتراب من حقوق الإنسان فردا وجماعة كاملة.
.الرواية تصب اهتمامها على الأساليب والطرق التي اعتمدها أعداء الشعب المصري وثورته، المتمثل بالدولة العميقة وارتباطاتها الدولية والاقليمية، لقد هدر الإنسان في اعز مايملك، حياته وحريته وكرامته وحقه بالعيش في دولة عادلة ديمقراطية، نعم الاستباحة والقتل الجماعي والاغتصاب والاعتقال والتنكيل، كل ذلك اعتمد لإعادة الشعب المصري للاستعباد عند سلطات غاشمة لا ترحم ابدا. ولا نستطيع إلا أن نرى حقيقة ما أصاب دول الربيع العربي وشعوبها قاطبة، سوريا اليمن وليبيا، وقبلهم العراق، من تنكيل وتدمير، لمجرد انهم طالبوا بالحرية والعدل والعيش الكريم، إنها معركة مستمرة.
.مصر في محنة الآن، إلى متى ؟!.
علمنا التاريخ أن الإنسان وحقوقه هم المنتصرون دوما، ولو بعد حين.
.عيوننا ترنو إلى مصر تشرق من جديد.
…٥/١٠/٢٠١٨…
رواية “كل هذا الهراء” للروائي المصري “عز الدين شكري فشير” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية تتحدث عن مسيرة فتاة أمريكية ذات اصول مصرية نقلت للسائق الذي أقلها للفندق ، كانت تعمل مع شركات تهتم بالانماء البشري، وعملت في افريقيا وإنتقلت للعمل في التنمية البشرية ومجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان في مصر، ومع بداية الربيع العربي بمصر كان الشباب ينطلقون مما علمتهم له.