طلب أديبٌ دمشقي، في القرن الماضي، من الكاتب المصري إبراهيم المازني: أن يرسل له صورة، فكتب المازني خلف الصورة: كلُّ ذي عاهةٍ -لا شك- جبارُ فحاذر من رجليّ العرجاء بدأتُ بهذا الشاهد؛ لأعلمكم -يا سادة يا كرام- بأنني معوق، لقد خلقتُ بعاهة، فأنا -والعياذ بالله من كلمة أنا- أسمع دبيب النمل، مع أن صيواني أذنيّ بحجم طبيعي. أسكن شقة مستأجرة، تقع في منتصف مسافةٍ بين بنادق قناصة وبين مدافع هاون وكمشة دبابات، وقد أبرمتْ هذه الأسلحة في ما بينها معاهدة لا سلكية، وقعتْ عليها؛ حرصًا على الوئام بينها، وحرصًا على قذائفها المدمرة التي لا تخيب، تنصّ: – الأهداف البشرية، بغض النظر سواء كانت طفلًا أم امرأة أم شيخًا، من الواحد إلى الخمسة، حلال زلال للقنص، وما زاد على ذلك؛ فتترك للهاون والدبابة. – الشِّقق والأبنية السكنية، ذات الأرقام الطابقية الفردية أهداف للقنص، أما الأرقام الزوجية، فللهاون وللدبابة، وشقتي والحمد لله رقمها زوجي، ولا يُحمد على مكروه سواه. شبَّ الصراع على الأهداف البعيدة، وبعد التهديد باستخدام القذائف، أصرّ الهاون والدبابة على حقهما في هذه الأهداف؛ لأسباب لوجستية. لكن الصراع اشتد من جديد حول حق ملكية المدارس الغاصات بالنازحين واللاجئين، كذلك شمل الساحات العامة والمستشفيات، وكوني مقيمًا في شقة بينهما، أخشى أن أتحول وعائلتي إلى دريئة، لذا؛ أرجو -بحرارة- ممن يعرف أرقام النجدة في الجامعة العربية، ومنظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، أن يبلّغهم؛ ليأتوا على جناح السرعة، ويتدخلوا لوقف الصراع، إنْ بقيت لديهم حفنةٌ من الحس بالمسؤولية والكرامة والإنسانية. أكتب رجائي والتبليغ في الساعة الثانية صباحًا، على أنغام عزفٍ شجي لقذائف غزيرات من القانصات والهاون والدبابات، مخترقات المعاهدة المبرمة بينها، وأسمع الآن تدخلًا من الصواريخ؛ لحسم المسألة الخلافية. أخذت الصواريخ على عاتقها ضرب المستشفيات، فمنذ أسبوع ضرب صاروخٌ مستشفى الوليد في حي الوعر، ذهب بتسعة شهداء، وعشرات الجرحى، ومثلهم تدمير للمساكن، وطحن قسم الإسعاف، وتفاخر الهاون بأنه ضرب -منذ يومين- حيَّ الميدان، فحصد خمسة عشر شهيدًا، وعشرات الجرحى، ومثلهم من المباني، وأسمع تململًا من سلاح الطيران برغبته في التدخل في أحقية امتلاك هذه الأهداف، إضافةً إلى توليه مهمات خاصة في حمص المحاصرة.
325 دقيقة واحدة