رغم وجود العديد من القرى والبلدات العطشى في محافظة السويداء، جنوبي سورية، تشهد المحافظة وجود عشرات آبار المياه المعطلة بقصد أو بدون قصد، وهو ما يجبر الأهالي على الحصول على المياه من الآبار الخاصة والتي تستنزف ما يقارب 50 بالمائة من رواتب الموظفين.
عطش السويداء لا يفرق بين قاطني المدينة أو الأرياف، حيث تقل النسب المقدرة لتغذية المدينة من مياه الشرب بحوالي سبعة آلاف متر مكعب من أصل 25 ألف متر بحسب صحيفة الوطن المقربة من النظام، بينما يدعي جزء من أهالي المدينة أن تغذية المياه تصلهم لساعات قليلة كل 15 يوماً، ما يضطرهم لتعبئة خزانات المياه خاصتهم من الآبار الحرة بما يراوح بين 125 ألف ليرة سورية و175 ألف ليرة شهرياً، فيما يلجأ الجزء الآخر لدفع إتاوات لعمال توزيع المياه بما يحقق لهم مدخولاً شهرياً يساهم في استمرارهم بالعمل وسط تجاهل تام للأزمة من إدارة مؤسسة المياه.
السويداء: سوق آبار المياه الخاصة يزدهر
المهندس نضال سلوم، المتقاعد من مؤسسة المياه، والذي حاول برفقة وفد من المهندسين منذ شهر معاجلة أزمة المياه خلال لقاء جمعهم بمدير المؤسسة، يقول لـ”العربي الجديد”: “كانت مؤسسة المياه ولسنوات مضت تضع عائق التقنين الكهربائي أو نقص الوقود المشغل للمولدات حجة أمام توقف عدد كبير من الآبار عن ضخ المياه، حتى بادر المجتمع المدني في عدد من البلدات بتأمين خطوط الكهرباء المعفاة من التقنين وعلى نفقة المغتربين من أبناء هذه البلدات، إلى أن بدأت تظهر الأعطال المتكررة على هذه الآبار نتيجة خلل متعمد في التجهيزات الأساسية، من غواطس مياه ولوحات كهربائية وغيرها، وكذلك عدم التزام مؤسسة الكهرباء بعقد الخط المعرفي من التقنيين، ولكل ذلك بات الأهالي يفكرون بترميم البنية التحتية على نفقتهم ونفقة أبنائهم المغتربين”.
في بلدة حوط الواقعة في الريف الجنوبي من السويداء، هناك 14 بئر مياه معطلة منذ فترة طويلة، ويضطر حراسها لجلب مياه الشرب من منازلهم أو شرائه بالعبوات خلال فترات الحراسة، رغم أن هذه الآبار يتوافر فيها تيار كهربائي معفى من تقنين الأحمال، وهو ما يؤكده عدد من حراس هذه الآبار لـ”العربي الجديد”.
وأعرب حراس الآبار عن سخطهم من هذا الوضع الذي يعيشونه مقابل أجور بخسة لا تعادل نفقات المواصلات وبعض المصاريف الخاصة، حيث يقول أحدهم إنهم يعتمدون على المساعدات التي تأتي من المغتربين مقابل الاستمرار في حماية الآبار من أعمال السرقة والتخريب، مشيرا إلى أن أكثر ما يزيد من معاناتهم اضطرارهم لجلب مياه الشرب والغسيل من مساكنهم إلى الآبار وشرائها أحيانا بالعبوة، لقضاء احتياجاتهم أثناء ساعات العمل والمناوبات.
يقول ناصر العبدالله، من بلدة حوط، لـ”العربي الجديد”: “في بلدتنا 14 بئر ماء غزيرة يمكنك سماع أصوات المياه الجوفية بمجرد الاقتراب منها، ومن المفترض أن تغذي معظم مدينة صلخد القريبة وجزءاً من القرى المحيطة، ولكنها معطلة بشكل كامل أو دوري بحسب وعود اللجان الفنية بمؤسسة المياه، علماً أن هذه الآبار جميعها موصولة بمشروع خاص للطاقة البديلة مقابل أجور رمزية يتحمل جزء منها أبناء المنطقة”.
وبالمقابل، يستغرب العبدالله مقدرة آبار القطاع الخاص على الاستمرار بالعمل ليلا نهاراً دون توقف أو تعطل في تجهيزاتها رغم أنها تملك التجهيزات نفسها وتعمل على طاقة المولدات والمازوت الحر، ويمكنها تغطية كل هذه المناطق بصهاريج المياه الحر.
وفي بلدة عرمان في الريف الجنوب الشرقي للسويداء، قرر الأهالي حل مشاكل المياه المستعصية منذ سنوات، وذلك بجمع التبرعات من أبنائهم المغتربين في دول العالم من أجل إصلاح إحدى الآبار المعطلة وتجهيزها بالطاقة البديلة، بالإضافة إلى حفر بئر مياه أخرى على نفقة أبناء البلدة بعدما عجزت مؤسسة المياه عن إصلاح الآبار القديمة نتيجة ادعاءات بسقوط الغاطس وعدم إمكانية سحبه أو لتهدم في القمصان أو تراجع نسب المياه في البئر.
يقول عبدو أبو شاهين لـ”العربي الجديد”: “قرر أهالي البلدة جمع مبلغ 100 ألف ليرة سورية من كل أسرة ومناشدة المغتربين من أبناء البلدة للتبرع الكيفي لإنهاء حالة العطش التي يعانيها أهالي البلدة منذ سنوات. وقد تشكلت لجان من المجتمع المحلي لجمع التبرعات والبدء بالعمل، ولكن المؤسف بهذا الإنجاز أنه يعتمد على شراكة مع المؤسسة نفسها التي عبثت بجميع الآبار وعطّشت أهالي المحافظة من خلال الفساد المستشري بلجانها الفنية وإدارتها المتعاقبة”، مستنكراً أن تسارع المؤسسة والمسؤولين بالمحافظة للتهليل لإنجازات المجتمع المدني وتبنيها كجزء من إنجازاتها بالرغم من دورها الهدام خلال السنوات العشر السابقة.
المصدر: العربي الجديد
نظام طاغية مستبد ديكتاتوري يمارس الإرهاب بحق شعبنا بالسويداء لإسكات الصوت الحر بإنتفاضتهم المستمرة لأكثر من 240 يوماً، ليباشر بحرمان شعبنا من المياه الصاتلحة للشرب، وذلك بتعطيل الآبار واللوحات الكهربائية.