الرئيس التركي قال إن ائتلافه الحاكم سيحاسب نفسه معتبراً أن النتيجة شكلت “نقطة تحول” لحزبه. تمثل هذه النتيجة أسوأ هزيمة لحزب العدالة والتنمية بعد أكثر من عقدين في السلطة، وقد تكون مؤشراً على تغير في المشهد السياسي المنقسم في البلاد.
عاقب الناخبون الأتراك حزب العدالة والتنمية أمس الأحد في انتخابات محلية على مستوى البلاد أكدت على أن المعارضة لا تزال تمثل قوة سياسية وعززت مكانة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو باعتباره أهم منافس للرئيس في المستقبل.
وأقر الرئيس التركي بأن نتائج الانتخابات البلدية شكلت “نقطة تحول” لحزبه، لكنه وعد “باحترام قرار الأمة”. وقال في كلمة أمام حشد من أنصاره في مقر حزب “العدالة والتنمية” الحاكم “للأسف، لم نحصل على النتائج التي أردناها”.
وأضاف “سنحترم بالطبع قرار الأمة، وسنتجنب العناد والتصرف ضد الإرادة الوطنية والتشكيك في قوة الأمة”. وقال الرئيس التركي إن ائتلافه الحاكم لم يحقق النتائج المرجوة في الانتخابات المحلية مضيفاً أنهم سيحاسبون أنفسهم وسيعالجون أوجه القصور.
وأشار إلى أن الانتخابات ليست نهاية المطاف وإنما نقطة تحول لائتلافه، وأضاف أن دورة الانتخابات التي ترجع إلى مايو (أيار) الماضي وأنهكت الاقتصاد التركي انتهت الآن.
وأعلن إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، فوزه في انتخابات رئاسة البلدية في أكبر مدن البلاد، وأوضح أنه يتقدم بفارق تجاوز مليون صوت بعد إحصاء 96 في المئة من بطاقات الاقتراع.
تغير في المشهد السياسي
وتمثل هذه النتيجة أسوأ هزيمة لحزب العدالة والتنمية بعد أكثر من عقدين في السلطة، وقد تكون مؤشراً على تغير في المشهد السياسي المنقسم في البلاد. وفي كلمة ألقاها بعد منتصف الليل، وصف أردوغان نتيجة الانتخابات بأنها “نقطة تحول”.
وقال إمام أوغلو في كلمة لأنصاره في وقت متأخر الأحد “من لا يفهمون رسالة الشعب سيخسرون في نهاية المطاف”.
كما فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري بالانتخابات البلدية في أنقرة، إلى جانب فوز الحزب بتسعة مقاعد أخرى لرؤساء البلديات في مدن كبرى على مستوى البلاد.
منافس رئاسي
وقال محللون إن أداء حزب العدالة والتنمية، الذي يحكم تركيا منذ أكثر من عقدين، كان أسوأ مما توقعته استطلاعات الرأي بسبب ارتفاع معدل التضخم وسخط الناخبين الإسلاميين، إلى جانب القبول الذي يحظى به إمام أوغلو في إسطنبول.
وقال إمام أوغلو (53 سنة)، وهو رجل أعمال سابق دخل مجال العمل السياسي في 2008 ويعتبره محللون الآن منافساً رئاسياً محتملاً “التأييد والثقة التي يضعها مواطنونا فينا ظهرت بالفعل”.
ضربة أخرى
وفي العاصمة أنقرة، تجمع الآلاف ليلا وهم يلوحون بأعلام حزب الشعب الجمهوري انتظاراً لخطاب سيلقيه رئيس البلدية منصور ياواش، الذي تغلب على منافسه من حزب العدالة والتنمية في ضربة أخرى.
ونظم أردوغان حملة انتخابية قوية قبل الانتخابات البلدية، التي وصفها محللون بأنها مقياس لحجم الدعم الذي يحظى به الرئيس إلى جانب قدرة المعارضة على الاستمرار. وقد يشير الأداء المخيب للآمال إلى تغير في المشهد السياسي المنقسم في البلد صاحب الاقتصاد الناشئ الكبير.
وبعد ساعات من انتهاء التصويت، توجه الرئيس إلى أنقرة قادماً من إسطنبول لإلقاء كلمة للشعب.
وتوقعت استطلاعات رأي تقارب السباق الانتخابي في إسطنبول وخسائر محتملة لحزب الشعب الجمهوري في أنحاء البلاد.
لكن وكالة الأناضول التي تديرها الدولة نشرت نتائج رسمية بعد فرز بعض صناديق الاقتراع أظهرت خسارة حزب العدالة والتنمية وحليفه الرئيسي منصب رئيس البلدية في 10 مدن كبيرة منها بورصة وبالق أسير في الشمال الغربي للبلاد.
وأظهرت النتائج تقدم حزب الشعب الجمهوري على مستوى البلاد بنحو واحد في المئة من الأصوات، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها ذلك منذ 35 عاماً.
“أشد هزيمة انتخابية”
وقال ميرت أرسلانالب، أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة بوجازيجي بإسطنبول، إن هذه “أشد هزيمة انتخابية” للعدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة في 2002.
وأضاف “أظهر إمام أوغلو قدرته على تجاوز الانقسامات الاجتماعية والسياسية المتأصلة التي تميز المعارضة التركية حتى بدون دعمهم المؤسسي”.
وذكر “هذا يجعل (إمام أوغلو) المنافس الأكثر قدرة على المنافسة السياسية لنظام أردوغان على المستوى الوطني”.
بزوغ نجم إمام أوغلو
وجه إمام أوغلو لأردوغان أكبر ضربة انتخابية منذ عقدين في السلطة بفوزه في انتخابات 2019 لينهي بذلك حكم حزب العدالة والتنمية وأسلافه الإسلاميين الذي دام 25 عاماً في المدينة. وتولى أردوغان منصب رئيس بلدية إسطنبول في التسعينيات.
وفي العام الماضي، تمكن الرئيس من الفوز بفترة جديدة وبأغلبية برلمانية مع حلفائه القوميين رغم أزمة غلاء المعيشة المستمرة منذ سنوات.
الاقتصاد هو العامل الحاسم
وقال محللون إن سبب عزوف الناخبين عن تأييد حزب العدالة والتنمية هذه المرة يعود إلى الضغوط الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى ما يقرب من 70 في المئة وتباطؤ النمو بسبب سياسة التشديد النقدي.
وقال هاكان أكباس، وهو مستشار كبير في مجموعة “أولبرايت ستونبريدغ”: “كان الاقتصاد هو العامل الحاسم… لقد طالب الشعب التركي بالتغيير، وأصبح إمام أوغلو الآن الغريم الأساسي للرئيس أردوغان”.
وقالت مجموعات مؤيدة لإمام أوغلو أمام مبنى بلدية إسطنبول إنهم يريدون رؤيته يخوض الانتخابات الرئاسية أمام أردوغان في المستقبل. وقالت إسراء، وهي ربة منزل “نحن سعداء للغاية. أحبه كثيراً. ونود أن نراه رئيساً”.
وأدى تزايد الدعم الشعبي لحزب الرفاه الجديد الإسلامي، الذي اتخذ موقفاً أكثر تشدداً من موقف أردوغان ضد إسرائيل بسبب الصراع في غزة، إلى إضعاف الدعم الموجه لحزب العدالة والتنمية. وانتزع الحزب الفوز في مدينة شانلي أورفا من أحد المرشحين الحاليين لحزب العدالة والتنمية في جنوب شرق البلاد.
وأعيد انتخاب إمام أوغلو على الرغم من انهيار تحالف المعارضة الذي فشل في الإطاحة بأردوغان العام الماضي.
وكان للناخبين من الحزب الرئيسي المؤيد للأكراد دور حاسم في نجاح إمام أوغلو في عام 2019. وقدم حزبهم، حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب”، هذه المرة مرشحه الخاص في إسطنبول. لكن النتائج أشارت إلى أن العديد من الأكراد وضعوا الولاء للحزب جانباً وصوتوا لصالح إمام أوغلو مرة أخرى.
وفي جنوب شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية كردية، أكد “حزب المساواة وديمقراطية الشعوب” قوته وفاز بالانتخابات في عشر بلديات. وفي أعقاب الانتخابات السابقة، استبدلت الدولة رؤساء البلديات المؤيدين للأكراد بأمناء معينين بسبب صلاتهم المزعومة بمسلحين.
واندلعت أعمال عنف في وقت سابق الأحد، واشتبكت مجموعات مع بعضها في جنوب شرق البلاد ببنادق وعصي وحجارة مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 11. وقالت وكالة أنباء الأناضول إن مرشحاً قُتل وأصيب أربعة في اشتباكات.
وأفادت وكالة “ديميرورين” للأنباء بأن شخصاً قُتل بالرصاص وأصيب آخرون خلال الليل قبل الانتخابات في بورصة.
المصدر: اندبندنت عربية
نتائج متوقعة لسقوط حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان ، إنها نتيجة التخبط بالسياسة الإقتصادية والعلاقات الدولية وحتى مع شعبنا وثورتنا، بحيث لم يؤمن أحد بالتعامل معه ، لأن مصالحهم الخاصة فوق الاتفاقيات والعهود والمبادئ.