“فتح” تقول إن مطالب الحركة محقة “والسؤال: هل ستوافق إسرائيل عليها؟”
فتحت موافقة حركة “حماس”، مع بعض الملاحظات على الاتفاق الإطاري الذي أعده مسؤولون أميركيون وقطريون ومصريون وإسرائيليون في باريس، الباب أمام بدء مرحلة التفاوض بشأن بنود الاتفاق.
وتعكف إسرائيل على دراسة رد الحركة الذي جاء في ثلاث صفحات، وتطابق بشكل كبير مع بنود اتفاق الإطار، مع إضافة ملحق تفصيلي لآليات التنفيذ بخاصة في المرحلة الأولى.
وجاء الرد الأولي للحركة بعد تشاورها مع بعض الفصائل الفلسطينية، ما عدا حركة “فتح” التي “اختارت الوقوف في الجانب الآخر من المعركة” وفق القيادي في “حماس” موسى أبو مرزوق.
وقف إطلاق النار
وينص الاتفاق على تقسيم وقف إطلاق النار إلى ثلاث مراحل، تمتد كل واحدة منها 45 يوماً، وتتضمن وقفاً موقتاً لإطلاق النار وتبادلاً للأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية.
ووفق أبو مرزوق، فإن سبب لجوء “حماس” إلى التفاصيل في ردها يعود إلى أن “محكمة العدل الدولية فرضت على إسرائيل الإجراءات نفسها التي طالبت فيها الحركة”. وأشار إلى أن ذلك “يمنح تلّ أبيب الفرصة للنزول عن الشجرة، ويصبح قبولها لمطالب حماس استجابة لقرار المحكمة، وبالتالي تستطيع تقديم ردّ إيجابي للمحكمة”، وقال أبو مرزوق لـ “اندبندنت عربية” إن ردّ حماس “قام بتأجيل القضايا السياسية بسبب تعقيداتها، وتشابكها مع الإطار الوطني الذي نسعى لجمع كلمته على أساس وحدة الشعب والحكومة والمرجعية”.
“اتفاق باريس”
وبحسب أبو مرزوق، فإن إسرائيل وضعت شرطين في “اتفاق باريس”، أولهما عدم الإشارة إلى مبدأ “جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل جميع الأسرى الإسرائيليين”، وثانيهما الوقف الشامل لإطلاق النار، وشدد على أن الحركة “لم تتنازل عن مواقفها المعلنة بضرورة الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بالإضافة إلى وقف الحرب”. وأوضح أنه على رغم خلو ردّ “حماس” من مبدأ “الكل مقابل الكل”، فإن الحركة تطالب بالإفراج عن 1500 أسير فلسطيني في المرحلة الأولى بينهم 500 من أصحاب المؤبدات، إضافة إلى جميع الأسرى من النساء والأطفال وكبار السنّ (فوق 50 سنة) والمرضى.
في المقابل، فإن “حماس” ستُفرج عن المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال (دون سنّ الـ 19 سنة غير المجنّدين) والمسنّين والمرضى.
ومع أن رد الحركة لم يدعُ إلى وقف شامل لإطلاق النار، إلا أن أبو مرزوق أشار إلى أن الإجراءات التي نصّ عليها “اتفاق باريس” “ستؤدي في النهاية إلى وقف شامل ودائم، فوقف الحرب، أربعة أشهر ونصف الشهر، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، سيجعلان من الصعب على الجيش الإسرائيلي العودة إلى الحرب”. وشدد على أن رد الحركة “متوافق إلى حد كبير مع اتفاق الإطار، لكنه جاء بشكل مفّصل في المرحلة الأولى، من دون فعل ذلك في المرحلتين الثانية والثالثة، إنهما تخضعان للحوار”. وتابع “حرصت الحركة في ردها على إضافة تغييرات بسيطة لإزالة اللبس في بعض عبارات بنود اتفاق باريس التي يمكن أن تفسرها إسرائيل لمصلحتها”، وقال إن “حماس” “لن تدخل في المفاوضات تحت النار، فلا بد من وقف إطلاق النار من بداية الحوار”.
وأضاف أبو مرزوق أن إسرائيل “فشلت في كسر إرادة حماس، وهزيمتها”، مشيراً إلى أن التضحيات التي قدمها الفلسطينيون في قطاع غزة، يحصل مثلها في الضفة الغربية.
حركة “فتح”
وعن التشاور مع حركة “فتح” بشأن الرد على “اتفاق باريس”، كشف القيادي في “حماس” عن أن حركته لم تقم بذلك بسبب ما قال إنه “قرار لفتح بعدم التواصل مع حماس، وتركها وحيدة في المعركة، والاعتقاد بأنها ستهزم منذ الأيام الأولى للحرب”. ووفق أبو مرزوق، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس “بدأ منذ الأسبوع الأول للحرب مناقشة المرحلة اللاحقة لهزيمة حماس، فمن غير المناسب فتح خط اتصال مع فتح”، متهماً “فتح” بـ “الوقوف في الجانب الآخر”، ومشيراً إلى أن ذلك “غير مناسب على حركة وطنية كبيرة مثل فتح”، لكن أبو مرزوق استدرك قوله بالإشارة إلى وجود “قيادات في فتح لها مواقف إيجابية، إلا أنها عاجزة عن التحرك على رغم مواقفها الوطنية”.
وأضاف أن على قادة “فتح” “التواصل مع حماس التي شنت معركة غيّرت وجه المنطقة، ووضعت القضية الفلسطينية على الطاولة، فالكل يريد الآن المساهمة في حلّها بعد سنوات على تهميشها”، شروط عباس لتشكيل حكومة كفاءات وطنية تعترف بقرارات الشرعية الدولية وإسرائيل وبالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير. وطالب أبو مرزوق الرئيس الفلسطيني بفتح “صفحة جديدة، والتخلي عن شروطه لتحقيق التوافق مع حماس، واستيعاب حركتي الجهاد وحماس في منظمة التحرير من دون شروط مسبقة”.
ودعا القيادي في “حماس” إلى تشكيل “حكومة كفاءات وطنية تكون مرجعيتها الفصائل كافة ومنظمة التحرير بعد انضمام حماس والجهاد إليها”، ووصف شروط عباس بـ “العجيبة، وتكرار لمطالب واشنطن على رغم موقفها السلبي من منظمة التحرير الفلسطينية”. وكشف عن أن الإدارة الأميركية عرضت على حركته عقب فوزها في الانتخابات، عام 2006، الاعتراف بإسرائيل مقابل تسلمها قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية “لكن حركته رفضت ذلك، واعتبر أن الرئيس الفلسطيني “يجلس وحيداً في رام الله، ولا أحد يأخذه في الاعتبار، وبنيامين نتنياهو يتجاهله”.
“السؤال: هل ستوافق إسرائيل عليها؟”
في المقابل قال مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش إن مطالب “حماس” “محقه جداً، ولا يوجد أي فلسطيني لا يؤيدها”، مشيراً إلى أن “السؤال: هل ستوافق إسرائيل عليها؟”، وشدد الهباش لـ “اندبندنت عربية” على ضرورة “وقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين بأي ثمن”. ورفض تصريحات أبو مرزوق بشأن موقف حركة “فتح” من الحرب على قطاع غزة، ووصفها بالغريبة، وغير الصحيحة، “ولا تعكس الروح الوطنية، والحريصة على الوحدة”.
وفي رده على إشارة أبو مرزوق بأن “حماس” لم تنكسر خلال الحرب، سأل الهباش: “هل حجم الدمار والتضحيات وآلاف الشهداء في قطاع غزة لا وزن لها عند حركة حماس”.
ومع أن الهباش أشار إلى أنه لا أحد يريد كسر “حماس”، لكنه شدد على أنها غير “مخوّلة باتخاذ قرار الحرب أو حتى السلم”.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية أحمد جميل عزم أن رد “حماس” يتضمن مطالب “تزيد عما كانت تريده قبل الحرب، وأكثر كثيراً مما يطرحه الإسرائيليون”، ووفق عزم، فإن هذه المطالب “تتجاوز وقف الحرب، ورفع الحصار عن قطاع غزة، إلى المطالبة بالاعتراف بسلطتها ووجودها عكس الموقف الإسرائيلي والأميركي الداعي لإنهائها”. وأوضح أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “تخلى عن مطلب بلاده بإخراج حماس من قطاع غزة”، مشيراً إلى أن “الجميع متوافقون على ذلك باستثناء إسرائيل”.
تبادل للأسرى
وبحسب عزم، فإن مطالب “حماس” تمثل السقف الأعلى لما تريده من الحرب”، مضيفاً أن ردها يحمل “مرونة وهوامش متروكة للتفاوض، وليس رداً نهائياً لإقفال باب المفاوضات”. وأشار إلى أن نتنياهو لن يتجاوب مع مساعي بلينكن لإقناعه بالموافقة على مقترح وقف الحرب، مرجحاً لجوء رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى “المماطلة والتوصل لتفاهمات غير رسمية مع حماس”.
ورأى المحلل السياسي جهاد حرب أن رد “حماس” يعكس “الحاجة لوقف الحرب وليس مرونة في موقفها”، إلا أنه شدد على أن الحركة تتمسك بما طرحته منذ بداية الحرب من “تبادل للأسرى ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى”. وأوضح حرب أن “حماس” “استطاعت تقسيم عملية الهدنة إلى مراحل تصل مدتها إلى أكثر من أربعة أشهر”، مشيراً إلى أن ذلك سيعمل على تهدئة الأوضاع والحد من هلع الإسرائيليين من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
المصدر: اندبندنت عربية
الوحدة الوطنية الفلسطينية مطلوبة ، والرد على الاتفاق الإطاري في باريس وإن جاء ملبي لمطالب جميع الفصائل وتضمن سقف عالي من الشروط مع قابلية للتفاوض ، لا يمكن أن ينفرد فصيل أو يستثنى فصيل فلسطيني من الرؤية والوحدة الوطنية الفلسطينية .