أول مشروع يُقام لتخزين المياه على مستوى دول حوض النيل، بلغ عدد العاملين به 34 ألفا، واستغرق بناؤه 10 أعوام (1960-1970) بتكلفة بلغت نحو مليار دولار. يلي قناة السويس من حيث الأهمية، وصنفته الهيئة الدولية للسدود والشركات الكبرى في صدارة المشروعات في القرن العشرين.
لم تقتصر فوائد بنائه على القطاع الزراعي والحيواني فحسب، بل كان له تأثير مباشر على اقتصاد مصر بشكل كامل، وانعكس تأثيره على قوة مصر السياسية والإقليمية ومكانتها في المنطقة.
الموقع والمساحة
بني السد العالي على نهر النيل في محافظة أسوان جنوبي مصر على الحدود الشمالية بين مصر والسودان. يبلغ طوله عند قمته 3830 مترا، وعند القاعدة 520 مترا بين ضفتي النيل، أما ارتفاعه فيبلغ 111 مترا فوق منسوب قاع النهر، وعرضه عند القمة 40 مترا. ويتخذ السد شكل جناحين على جانبي النهر.
ما قبل المرحلة الأولى
بدأ بناء أول سد وهو “سد أسوان السفلي (المنخفض)” عام 1889. وانتهى بناؤه عام 1902. وكان ارتفاعه منخفضا نحو 54 مترا، ثم زاد لاحقا على مرحلتين: الأولى من 1907 إلى 1912، والثانية من 1929 إلى 1933.
في عام 1946 كان هذا السد المنخفض على وشك أن يفيض، لذلك تقرر بناء سد آخر على بعد 8 كيلومترات من المنبع. اقترح المهندس المصري اليوناني أدريان دانينوس عام 1952 مشروع بناء السد العالي في أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه، وفي أوائل عام 1954 قدمت شركتان هندسيتان ألمانيتان تصميما للمشروع، وفي ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه أقرت لجنة دولية جدوى بناء السد العالي.
بدأ بناء “السد العالي الجديد لأسوان” في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وفي البداية عرضت الولايات المتحدة قرضا بقيمة 270 مليون دولار، لكنها سحبته.
وفي ديسمبر/كانون الأول 1955 وافق البنك الدولي على طلب مصر تمويل المشروع، وقدم عرضا يغطي ربع تكلفته الإجمالية، لكنه كان مصحوبا بشروط أميركية وبريطانية رفضتها مصر واعتبرتها “شروطا استعمارية”، مما دفع البنك الدولي إلى سحب عرضه.
المرحلة الأولى لبناء السد العالي
في ديسمبر/كانون الأول 1958 وقعت مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفياتي لتمويل المرحلة الأولى من المشروع، وفي ديسمبر/كانون الأول 1959 وقعت مصر اتفاقية توزيع مياه خزان السد مع السودان.
بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من السد يوم 9 يناير/كانون الثاني 1960، وشملت حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى ارتفاع 130 مترا.
المرحلة الثانية
وقعت مصر يوم 27 أغسطس/آب 1960 الاتفاقية الثانية مع الاتحاد السوفياتي لإقراضها مبلغا إضافيا لتمويل المرحلة الثانية من بناء السد. وفي مايو/أيار 1964 حوّلت مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق، وتم إقفال مجرى النيل والبدء في تخزين المياه بالبحيرة. وفي هذه المرحلة استمر بناء جسم السد حتى نهايته وإتمام بناء محطة الكهرباء وتركيب التوربينات وتشغيلها، مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء.
وبدأ إنتاج الطاقة من محطة كهرباء السد العالي في أكتوبر/تشرين الأول 1967، كما بدأ تخزين المياه أمام السد العالي عام 1968، واكتمل بناء السد بشكل كامل في يوليو/تموز 1970، واحتفل المصريون بعد عام بافتتاحه رسميا.
بحيرة صناعية
يحتوي على محطة للكهرباء على الضفة الشرقية للنيل معترضة مجرى قناة التحويل التي تنساب منها المياه إلى التوربينات من خلال 6 أنفاق مزودة ببوابات للتحكم في المياه، إضافة إلى حواجز للأعشاب.
تشكل المياه المحجوزة أمام السد بحيرة صناعية يبلغ طولها 500 كيلومتر، ومتوسط عرضها 12 كيلومترا، حيث تغطي النوبة المصرية بأكملها وجزءا من النوبة السودانية. كما توصلت مصر والسودان إلى اتفاق في عام 1959 لتخصيص 18.5 كيلومترا مكعبا من المياه للسودان.
أنشأ السد العالي خزانا ضخما يسمى بحيرة ناصر، التي أدت مع توسيع النيل خلف السد إلى نزوح أكثر من 50 ألف شخص في مصر والسودان. كما أغرق السد مواقع أثرية، ونقلت الحكومة المصرية مواقع أثرية أخرى قبل أن تغمرها المياه.
التأثير والتنمية
تمثلت مجالات تأثير السد العالي فيما يلي:
- استصلاح الأراضي وزيادة المساحة الزراعية فيها من 5.5 إلى 7.9 ملايين فدان، وتحويل نظام الري من موسمي إلى مستدام، مما أدى إلى زيادة الإنتاج الزراعي.
- توسيع الزراعات التي تعتمد على وفرة الماء كالأرز وقصب السكر.
- توليد طاقة كهربائية تستخدم في إدارة المصانع وإنارة المدن والقرى تصل إلى 10 مليارات كيلووات/ساعة.
- زيادة الثروة السمكية عن طريق بحيرة السد العالي (بحيرة ناصر)، وتحسين الملاحة النهرية طوال العام.
- ضمان التشغيل الكامل المنتظم لمحطة خزان أسوان بتوفير منسوب ثابت على مدى العام.
السد العالي والكوارث الطبيعية
جنّب السد العالي مصر كوارث الجفاف والمجاعات نتيجة للفيضانات المتعاقبة في الفترة بين عامي 1979 و1987، حيث تم سحب ما يقرب من 70 مليار لتر مكعب من المخزون ببحيرة السد العالي لتعويض العجز السنوي في الإيراد الطبيعي لنهر النيل.
كما جنّب مصر أخطار الفيضانات العالية التي حدثت في الفترة بين عامي 1998 و2002، وقد وفرّ على الدولة نفقات طائلة في مقاومة هذه الفيضانات وإزالة آثارها.
المصدر: مواقع إلكترونية/ الجزيرة
الجزيرة تكتب عن السد العالي، مذكرة بالعناصر الرئيسية التي تبين أهمية هذا المشروع لمصر، ومراحل تنفيذه.
المقال مفيد، والجهد فيه بين، لكن ينقصه أن يوضع في سياقه الحيوي باعتباره كان من أهم معارك تحرير الارادة والاقتصاد المصري، واستدعى واحدا من المعالم الرئيسية في تاريخ مصر زمن جمال عبد الناصر، وهو “العدوان الثلاثي” الذي تشاركت فيه بريطانيا وفرنسا مع الكيان الصهيوني في مؤامرة مرتبة بنيت مراحل تنفيذها على ما ورد في اتفاقية سيفر السرية 1956 الموقعة بين الأطراف الثلاثة، ومن آثار هذه المعركة تغير موقع الاتحاد السوفياتي في المنطقة، وتقدمه ليكون حليفا رئيسيا لحركة التحرر العربية، ولحركات التحرر الأفروأسيوية.
كان ممكن للمقال أن يغطي هذا النقص، وأن يأتي على ذكر أسباب رفض واشنطن، ومن ثم صندوق النقد الدولي لتمويل بناء السد بعد الموافقة الأولية على ذلك، وكان يمكن أن يشير إلى الأهمية المعنوية لمعركة السد والعدوان الثلاثي في حركات التحرر في مختلف أنحاء العالم: أفريقيا، آسيا. أمريكا اللاتينية.
هذا الجانب الحيوي من “معركة” بناء السد العالي افتقدها المقال.
د. مخلص الصيادي
قراءة موضوعية عن السد العالي تبين أهمية هذا المشروع لمصر، ومراحل تنفيذه ، وتعقيب جميل ودقيق من الأخ د.مخلص باعتباره كان من أهم معارك تحرير الارادة والاقتصاد المصري، واستدعى واحدا من المعالم الرئيسية في تاريخ مصر زمن جمال عبد الناصر، وهو “العدوان الثلاثي” الذي تشاركت فيه بريطانيا وفرنسا مع الكيان الصهيوني في مؤامرة مرتبة .