لقد تحققت التوقعات برد فعل تركي حاد على الأحداث في غزة إلى حد كبير، ولكن هذا لا يمنع الاهتمام بالمجالات التي لا يزال فيها التعاون الإسرائيلي التركي ممكناً.
هكذا يخلص تحليل لـ”معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي”، وترجمه “الخليج الجديد”، والذي يقول إنه رغم أن هناك صعوبات كثيرة في الحفاظ على التعاون الإسرائيلي التركي في الوقت الحاضر، إلا أن ذلك لا يزال أفضل من ترك الساحة مفتوحة تماما للسلوك التركي، الذي يتعمد معاداة إسرائيل، ولا يتبنى رواية حماس فحسب، بل يعمل بنشاط على الترويج لها.
ويشير التحليل إلى تدهور كبير في العلاقات التركية الإسرائيلية بعد الحرب نتيجة خطابات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتصريحاته ضد إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
وخلال الأيام الماضية، كرر أردوغان رفض بلاده تصنيف حركة “حماس” كتنظيم إرهابي، متعهدا أن تبقى تركيا صوت فلسطين أمام العالم، قبل أن يتعهد كذلك بعزل إسرائيل دوليا.
ولفت أردوغان إلى إن نتنياهو “لم يعد شخصا يمكننا التحدث معه بأي شكل من الأشكال”.
وقبل أسبوعين، أعلنت تركيا استدعاء سفيرها لدى إسرائيل للتشاور، “بسبب الهجمات المستمرة التي تشنها تل أبيب ضد المدنيين، ورفضها الدعوات لوقف إطلاق النار، والتدفق المستمر ودون عوائق للمساعدات الإنسانية”.
ويتهم أردوغان إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة، مؤكدا أن “أولويتنا وقف إطلاق النار الشامل هناك”، ما دفع إسرائيل للرد على تلك التصريحات باستدعاء ممثليها الدبلوماسيين في تركيا.
ويلفت التحليل إلى رد نتنياهو للمرة الأولى على أردوغان، حيث اتهمه من بين أمور أخرى، ليس فقط بدعم “حماس الإرهابية”، ولكن أيضًا “بقصف القرى التركية داخل حدود تركيا” على حد وصفه.
وجاء ذلك بعد انتقادات مباشرة لأردوغان في تغريدة لرئيس وزراء إسرائيل السابق يائير لابيد، كما انتقد وزير الخارجية إيلي كوهين أردوغان بشكل حاد.
في المقابل، أعلن نفس الناشطين الذين نظموا “أسطول الحرية” إلى غزة في مايو/أيار 2010 أنهم ينظمون أسطولًا آخر، ودعوا الجمهور التركي إلى المساعدة بالتبرعات.
وكان هناك تأثير كبير لحادثة “مرمرة” على العلاقات بين شعبي البلدين، فقد استغرق الأمر جهداً واسعاً لعدة سنوات للتوصل إلى صيغة مقبولة لكلا البلدين لحل هذه الأزمة.
لكن حتى بعد أن وصلت القضية إلى حل سياسي، استمر النقاش القانوني في المحكمة الجنائية الدولية (التي لم توافق في النهاية على تداول القضية).
وكانت السفينة “مافي مرمرة” شاركت في أسطول الحرية لغزة 2010، واعترضتها إسرائيل، وقتلت عدة ناشطين أتراك كانوا على متنها، مما أدى إلى قطيعة بين أنقرة وتل أبيب استمرت لأعوام.
وبعد أسطول 2010، كانت هناك محاولات لإطلاق أساطيل إضافية باتجاه غزة، لكن تم منعها بمجموعة من التدابير المضادة والتدابير السياسية.
ورغم أن تركيا نفسها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن أردوغان يؤكد في تصريحاته على ضرورة ألا يكتفي المجتمع الدولي بالكلمات، بل أيضا باتخاذ خطوات ضد إسرائيل، بما في ذلك على المستوى القانوني.
ويشدد التحليل على أنه رغم التطورات الجارية، “ينبغي الاهتمام بالمجالات التي لا يزال فيها التعاون الإسرائيلي التركي ممكناً”.
ويشير إلى وصول مرضى السرطان من غزة إلى تركيا عبر مصر، بعد تعاون مصري تركي إسرائيلي في هذا الشأن.
ويختتم: “يجب أن نتذكر أن تعامل تركيا مع الفلسطينيين، على الرغم من تحسن العلاقات التركية المصرية، يخضع لسيطرة إسرائيل إلى حد كبير، وهذه نقطة ضعف بالنسبة لأنقرة”.
المصدر | معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد
هل فعلاً هناك رد فعل تركي حاد على الأحداث في غزة ؟ أم إنه مجرد كلام بكلام لإرضاء الشعب التركي لأن التعاون الإسرائيلي التركي مستمر اقتصاديا وأمنياً وعسكرياً ، فهل سحب سفيره من تل أبيب ؟كما فعلت دول أخرى أقل كلاماً ووعيداً .